حرية ـ (11/1/2025)
أثيرت تساؤلات في إقليم كردستان وبغداد حول مستقبل الحراك الكوردي الحالي في ظل تصاعد الخلافات بين الإقليم والحكومة الاتحادية بشأن حصة الإقليم في الموازنة المالية وآليات توزيع الرواتب.
وبرزت تكهنات حول إمكانية أن تتجه أربيل إلى اتخاذ قرارات جذرية، قد تصل إلى إعلان انسحابها من العملية السياسية، خصوصاً مع تصاعد التصريحات الرسمية التي تشير إلى أن الحكومة الاتحادية لا تلتزم بالاتفاقات المبرمة مع الإقليم، وتتعامل معه بما وصفه المسؤولون الكورد بأنه “سلوك ظالم وغير عادل”.
وقال رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، إن ممارسات بغداد الحالية تجاه الإقليم هو سلوك «ظالم وغير عادل وغير مقبول”.
جاء ذلك، خلال كلمةٍ له مع بدء الجلسة الاستثنائية لمجلس وزراء إقليم كوردستان صباح اليوم السبت، والخاصة ببحث قضيتي الرواتب والموازنة.
وأضاف بارزاني، “نحن على قناعة بأن سلوك بغداد الحالي تجاه إقليم كوردستان هو سلوك ظالم وغير عادل وغير مقبول”، وذلك في الاجتماع الذي حضره نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني، وممثلو الإقليم في الحكومة الاتحادية، ونائب رئيس مجلس النواب العراقي شاخوان عبد الله، إضافةً إلى رؤساء كتلتي الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني في البرلمان العراقي.
ويوم أمس، علّق عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني صبحي المندلاوي على تهديد المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان، بيشوا هورامي، بالانسحاب من العملية السياسية في العراق، مؤكداً أن التهديد “حقيقي” ويعكس حجم الاستياء الكوردي من سياسات الحكومة الاتحادية.
وقال المندلاوي في تصريح صحفي، إن “التهديد جاء في ظل تنصل وزارة المالية الاتحادية عن الاتفاقات المبرمة، وعدم الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية”.
مقاطعة الجيل الجديد
من جهتها، قالت النائبة عن حركة الجيل الجديد سروة عبد الواحد إن اجتماع حكومة إقليم كردستان الذي عُقد في أربيل لا يمثل جميع الأطراف السياسية، مؤكدة أن حركتها لم تشارك في الاجتماع لعدم اقتناعها بجديته في معالجة القضايا العالقة.
وأضافت عبد الواحد في تغريدة عبر منصة “أكس”: “لم نحضر ولم نشارك في الاجتماع المنعقد في أربيل لحكومة الإقليم منتهية الصلاحية؛ لأننا نعلم جيداً أن حزبي السلطة اللذينِ دعَوَا إلى الاجتماع هما السبب في قطع رواتب الموظفين ويتحمَّلان المسؤولية؛ لأنهما لا يعيدان الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى خزينة الدولة”.
وأشارت إلى أن “عدم وجود شفافية في الملف النفطي وجميع الملفات الاقتصادية يجعل من الصعب إيجاد حلول حقيقية، مؤكدة أن حركتها ليست شريكة في قطع الرواتب أو السرقات، وأن الحل الوحيد لمعالجة المشاكل هو الإصلاح والشفافية في جميع الملفات، وعلى رأسها الملف النفطي والمالي”.
وتُثار مخاوف من انسحاب الكورد من العملية السياسية في العراق، وهو ما يلقي بظلاله على الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، خصوصاً في ظل تصاعد الخلافات بين أربيل وبغداد بشأن ملفات حساسة مثل حصة الإقليم في الموازنة ورواتب الموظفين.
ويرى مراقبون أن مثل هذا السيناريو قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة السياسية وتعطيل جهود تحقيق الاستقرار.
وفي حال انسحاب الكورد، فإن ذلك سيعطي صورة سلبية للمجتمع الدولي عن طبيعة العملية السياسية في العراق، باعتبارها غير شاملة وغير قادرة على استيعاب جميع مكونات الشعب العراقي.
ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا الانسحاب إلى اهتزاز ثقة الشركاء الدوليين بالنظام السياسي في العراق، مما قد يؤثر على الدعم الدولي المقدم للبلاد في مختلف المجالات، ويزيد من حدة الانقسامات الداخلية.
خيار مطروح
بدوره، أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد زنكنة، أن “الحديث عن انسحاب إقليم كردستان من العملية السياسية قد يكون أحد الخيارات المطروحة”، موضحًا أن “العلاقة بين أربيل وبغداد وصلت إلى طريق مسدود”.
وأشار إلى أن “معظم الأوصال بين الجانبين، إن لم تكن جميعها، مقطوعة، وأن الحلول الحالية المطروحة لا تعدو كونها مجرد تجبيرة مؤقتة” مشددًا على أن “الحكومة الاتحادية لم تلتزم بتنفيذ الاتفاقات بجدية”.
وقال زنكنة: إن “المتحدث الرسمي لحكومة الإقليم أوضح أن مسألة الانسحاب قد تكون إحدى الخيارات، لكن هذا الأمر لم يتم التأكيد عليه بشكل قاطع”.
وأضاف أن “قائمتي الحزب الإسلامي وجماعة العدل رفضتا المشاركة في الاجتماع، وفضلتا موقفًا يعتمد على الرواتب والامتيازات المؤكدة على المواقف الوطنية الأصيلة”.