حرية 1/2/2025
احمد الحمداني
منذ عقود طويلة شهد العالم تزايدًا ملحوظًا في حملة التشويه المستمرة التي تستهدف الدين الإسلامي وتحديدًا من خلال الربط بين الإسلام والإرهاب.
هذه الحملة كانت وما زالت جزءًا من استراتيجية واسعة تهدف إلى تصوير الإسلام كدين يشجع على العنف والتطرف، بينما الحقيقة تشير إلى أن الدين الإسلامي هو دين سلام ورحمة و تتعدد الأسباب التي تقف خلف هذه الحملة وتشويه الصورة وتشمل:
التحريف الإعلامي والسياسي
تتبنى وسائل الإعلام الغربية في العديد من الأحيان صورة مشوهة عن الإسلام بحيث يتم إظهار الحركات المتطرفة مثل “داعش” أو “القاعدة” باعتبارها تمثل الإسلام بأكمله، مما يسهم في خلق انطباع مغلوط بأن العنف جزء أساسي من تعاليم الدين الإسلامي وعادة ما يتم تغطية هذه الأحداث بشكل مفرط ومتكرر بينما يتم تجاهل الحقائق التي تدل على العكس مثل المبادئ السلمية في القرآن الكريم والسنة النبوية وعترة ال البيت.
الاستغلال السياسي والإستراتيجي
في سياق الصراعات الجيوسياسية غالبًا ما يتم استغلال الدين الإسلامي لإضفاء مشروعية على الحروب أو التدخلات العسكرية فالدول الغربية على سبيل المثال تستخدم الحرب ضد “الإرهاب” كوسيلة لتنفيذ أجنداتها السياسية في مناطق مثل الشرق الأوسط.
الجهل والتطرف المضاد
للأسف بعض الجماعات المتطرفة التي تنسب نفسها للإسلام قد ساهمت في تعزيز صورة الدين كدين متطرف من خلال أفعالها الوحشية التي تتنافى مع تعاليم الإسلام الحقيقية تلك الجماعات غالبًا ما تكون خارجة عن سياق الدين المعتدل وبالتالي يسهل على أعداء الإسلام استخدامها في تشويه صورته.
الترويج لفصل الدين عن الدولة والعلمانية
من جهة أخرى تشهد بعض الأوساط الفكرية والسياسية دعوات قوية لضرورة فصل الدين عن الدولة ” انا كنت احد المطالبين بذلك الفصل” ولتبني النموذج العلماني في الحكم في هذا السياق و يتم الترويج لمفهوم العلمانية باعتباره الطريق الأمثل لضمان الحرية الشخصية والعدالة من خلال تنظيم الدولة بعيدًا عن التدخلات الدينية تُطرح هذه الفكرة في كثير من الأحيان باعتبارها الحل لتحقيق تقدم وتطور المجتمعات حيث يُنظر إلى العلمانية على أنها توفر حرية المعتقد وتضمن حقوق الأفراد دون أن تتداخل هذه الحقوق مع الدين لكن القانون من يوفر ذلك واحترام الفكر من يوفر ذلك والدين من يوفر ذلك “لا اكراه بالدين”.
إسرائيل وتركيا نموذج علماني مع احترام الديانات في الوقت الذي يتم فيه ترويج العلمانية في بعض الدول العربية، يُنظر إلى تركيا وإسرائيل كنماذج ناجحة في الجمع بين الدين والعلمانية حيث يُظهر النموذج التركي العلماني فصل الدين عن الدولة، بينما تظل الهوية الدينية للمجتمع التركي واضحة.
أما في إسرائيل، فالدولة تُعتبر يهودية من حيث الهوية لكنها أيضًا توفر حرية الأديان للمواطنين غير اليهود. هذا النموذج يثير تساؤلات حول مدى إمكانية تطبيق مثل هذه السياسات في الدول العربية والمسلمة مع الحفاظ على حرية الأديان دون المساس بثوابت الدين.
الدولة العلمانية وحرية الدين يروج البعض لفكرة أن العلمانية ليست بالضرورة ضد الدين، بل هي حماية لحرية الدين وعدم التدخل فيه من قبل الدولة.
لكن ذلك لا يعني أن العلمانية تستهدف إلغاء الدين أو تقييد الممارسات الدينية بل هي محاولة لتوفير بيئة سياسية حيادية تضمن لجميع الأديان حقوقها دون تحيز أو تمييز.
الحريات الفردية واحترام الدين في العالم العربي في الواقع، يمكن للدول العربية أن تكون نموذجًا في احترام الحريات الفردية ودعمها، وفي نفس الوقت الحفاظ على الدين الإسلامي كعنصر محوري في هوية هذه المجتمعات فالدين الإسلامي كما أظهرت النصوص والتاريخ لا يعارض تطور المجتمعات ولا يقيد التقدم العلمي أو الاجتماعي بل يشجع على العدل والمساواة.
إن محاولات تشويه الدين الإسلامي والترويج له كدين إرهاب ترتكز على تحريف الواقع وتعميم حالات شاذة لا تعبر عن تعاليم الإسلام السمحاء.
أما بالنسبة لمسألة العلمانية، فهي قضية قابلة للنقاش المعمق في السياقات العربية والإسلامية حيث لا ينبغي أن تكون العلمانية أداة لتهديد هوية الأمة الإسلامية أو التضييق على الحريات الدينية يمكن إيجاد توازن بين الحفاظ على الهوية الدينية والتقدم السياسي والاجتماعي من خلال تعزيز الحريات دون المساس بثوابت الدين.