حرية ـ (16/2/22025)
وقف شاب صيني مع حبيبته في مقر بلدية مدينة لوليانغ الذي حضرا إليه لتسجيل زواجهما، حاملين بفخر حزمة من الأوراق النقدية التي تلقياها من السلطات لتشجيعهما على عقد قرانهما، فمدينة لوليانغ في مقاطعة شانشي بشمال الصين واحدة من مناطق عدة في البلاد بادرت، بسبب الأزمة الديموغرافية، إلى توفير حوافز للزواج أو إنجاب الأطفال.
وتندرج المنحة المالية البالغة 1500 يوان (220 دولاراً) التي تلقاها الزوجان ضمن جهود الحكومة لتعزيز معدل المواليد، إذ شهد عام 2024 انخفاض عدد سكان الصين للعام الثالث توالياً، ومع أن هذا المبلغ يعد متواضعاً في الصين، فإنه يمثل في لوليانغ نحو نصف متوسط الراتب.
وقال العريس تشانغ غانغ “أعتقد أن هذه السياسة تتسم بالفاعلية” في تحفيز الزواج، وأضاف “عندما أخبرت أصدقائي عن هذا الإجراء، رأوا جميعاً أنه ممتاز!”.
التردد في الزواج
أظهرت إحصاءات رسمية الإثنين الماضي أن الصين شهدت انخفاضاً في عدد الزيجات بنسبة تزيد على 20 في المئة عام 2024.
وأصبح الشباب الصينيون يترددون أكثر فأكثر في الزواج، بسبب الكلفة الاقتصادية، وخصوصاً تلك المترتبة على تربية الأطفال، ولكن أيضاً بسبب سوق العمل التي أصبحت أكثر صعوبة وتؤخر استقرار الأزواج.

غالباً ما تحصل النساء على تعليم أحسن ويحظين بوظائف أفضل في الصين
وعندما أُعلن عن مكافأة لوليانغ عام 2024 رأى كثر من مستخدمي الإنترنت أن المساعدة متواضعة جداً مقارنة بكلفة المعيشة.
وتعتبر هذه الجائزة المخصصة للنساء تحت سن 35 عاماً جزءاً من سلسلة من التدابير التي اتخذتها سلطات المدينة، إذ تقدم كذلك مساعدات اجتماعية في ما يتعلق بتسجيل الأطفال والشؤون الصحية.
ويقبل كثر من الشباب على مكتب تسجيل الزواج في لوليانغ للاستفادة من المساعدة التي بدأ العمل بها في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي.
وتجري عمليات الدفع على صوت أجهزة عد الأوراق النقدية من فئة 100 يوان التي تدفع للمتحابين المقبلين على الزواج.
وفي ظل هذا التدفق يعاني المكتب أحياناً نقص الأموال، وفق وانغ يانلونغ (36 سنة) الذي حضر لتقاضي المبلغ بعدما تزوج في مطلع يناير الماضي.
لقاءات للرجال والنساء
ولكن هل سيكون هذا الإجراء المالي قادرا فعلاً على عكس اتجاه التراجع في معدلات الزواج؟ ليس ذلك مؤكداً في رأي الخاطبة المحترفة فينغ يوبينغ التي تتولى تدبير لقاءات بين الرجال والنساء المتوافقين.
فمعظم زبائنها من النساء، وأقرت في مكتبها في لوليانغ بأنها تجد صعوبة في العثور على زوج لهن.
ولاحظت فينغ (48 سنة) أن “الرجل الذي يحمل شهادة ماجستير ويعمل في مؤسسة مملوكة للدولة، وهو منصب يحسد عليه المرء في الصين، لن يكون مهتماً بامرأة موظفة في الإدارات الحكومية، حتى لو كانت حاصلة على درجة الماجستير”، ورأت أن “نظرة بعض الرجال إلى الزواج لا تزال تشكل مشكلة”.
وغالباً ما تحصل النساء على تعليم أحسن ويحظين بوظائف أفضل، لكنهن يرفضن بسبب سنهن، وتحجم بعض الشابات أحياناً عن الزواج.

أصبح الشباب الصينيون يترددون أكثر فأكثر في الزواج بسبب الكلفة الاقتصادية
وأوضحت فينغ أن “النساء بتن يتمتعن بدخل ثابت” ويمكنهن إعالة أنفسهن، لذلك “يبدين في بعض الأحيان أقل اهتماماً بالزواج”، فضلاً عن أن “عدد الرجال المناسبين قليل”.
وبما أن الزواج يعد خطوة ضرورية لإنجاب الأطفال في الصين، فإن الانخفاض في عدد الزيجات يؤدي تلقائياً إلى انخفاض في عدد المواليد.
وفي مختلف أنحاء الصين تشكل شيخوخة السكان مصدر قلق كبير للحكومة يدفعها إلى تقديم الحوافز، فعلى سبيل المثال، تقدم مقاطعة شانغيو بوسط الصين مساعدات مالية لأي أسرة لديها طفل ثان أو ثالث.
وفي تيانمن بمقاطعة هوبي المجاورة، يمكن للآباء الذين لديهم ثلاثة أبناء الحصول على مساعدات تصل إلى 165 ألف يوان (نحو 22 ألف دولار)، وذكرت وسائل إعلام صينية محلية أن هذه الإجراءات أدت إلى زيادة عدد المواليد في المدينة عام 2024.