احمد الحمداني
حرية – 19/2/2025
قبل خمسة وسبعين عامًا عندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها خرجت العديد من الدول مدمرة بينما تمكنت سويسرا من تفادي الأضرار الجسيمة وأثبتت قدرتها على البقاء كدولة محايدة ومستقرة.
هذه التجربة السويسرية تطرح تساؤلات حول إمكانية تكرارها في العراق إذا توافرت الظروف المواتية والرؤية السياسية السليمة.
في أعقاب الحرب، سويسرا نجحت في الحفاظ على استقلالها الاقتصادي والبنية التحتية السليمة وهو ما ساعدها على الانفتاح على المستقبل بطريقة متوازنة. وبينما كانت بقية أوروبا تُعيد بناء نفسها من الصفر شكلت سويسرا نقطة اتصال للحركات الأوروبية وعملت كملاذ آمن لرؤوس الأموال والأفراد المضطهدين.
إن تجربة سويسرا في الحياد وإعادة البناء يمكن أن تقدم نموذجًا للعراق الذي يخرج من سلسلة طويلة من الأزمات والصراعات.
فالعراق لديه إمكانات هائلة سواء في الموارد الطبيعية أو البشرية مما يؤهله لبناء دولة مستقرة ومزدهرة إذا ما أُعيد توجيه هذه الإمكانات بشكل صحيح.
ينبغي أن يتم دعم وتمكين الجيل الشاب المتعلم ليقود عملية التحول تمامًا كما فعلت سويسرا بعد الحرب العالمية.
يجب أن يتم تدريب هؤلاء القادة على مهارات الإدارة والسياسة الدولية بما يضمن اتخاذ قرارات رشيدة.
لتحقيق الاستقرار وبناء الثقة، يجب على القيادة العراقية الجديدة أن تكون شفافة في تعاملاتها وأن تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
وهذا يتطلب إصلاحات شاملة في النظام الإداري والاقتصادي.
كما قامت سويسرا ببناء نظام سياسي يعتمد على المشاركة الشاملة ينبغي على العراق أن يبتعد عن الانقسامات الطائفية والعرقية ويعمل على تحقيق المواطنة الكاملة لجميع أبنائه.
تجربة الحياد السويسرية خلال الحروب العالمية هي درس كبير للعراق، فتبني سياسة حياد متوازنة قد تساعد العراق على البقاء بعيدًا عن الصراعات الإقليمية والدولية وتعزز من مكانته كقوة استقرار في المنطقة.
دعم المجتمع الدولي والتعاون الإقليمي سيساعد العراق على تعزيز استقراره.
علاقات متوازنة مع القوى الكبرى وفتح قنوات تعاون مع دول الجوار يمكن أن يُشكل أرضية صلبة لنمو اقتصادي وسياسي مستدام.
إذا تمكن العراق من تبني هذه العوامل سيكون بإمكانه أن يتحول إلى دولة قوية ومستقرة على غرار سويسرا.
القيادة الشابة المؤهلة والشفافية والاستثمار في الوحدة الوطنية إلى جانب الحياد الإيجابي يمكن أن يفتح الباب أمام مستقبل أكثر إشراقًا للعراق.
لا يزال الطريق طويلًا لكن الطموح لتحقيق عراق جديد ومزدهر هو خطوة أولى نحو تحقيق هذا الحلم.
العراق يمتلك إمكانات كبيرة ليصبح دولة مزدهرة ومستقرة إذا ما تمكن من تجاوز الأزمات المتراكمة والعمل بجدية على إرساء أسس سياسية واقتصادية واجتماعية جديدة.