حرية – (1/5/2021)
ذكر “معهد السياسة الاستراتيجية الاسترالي” في تقرير له ان العراق عند تقاطع طريق بين الاستقرار واللاستقرار، الأمن واللامن، السلام والنزاع، مؤكدا أنه مهما كانت النتيجة، فإن قطاع الأمن العراقي لديه دور كبير ليلعبه في انتقال البلاد خلال السنوات المقبلة.
وأشار المعهد الاسترالي في تقريره ؛ الى ان قطاع الامن واجهة مرحلة مضطربة من الخراب والتفكك واعادة التشكل بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة العام 2003، وقد تأثرت قيادتها وتشكيلاتها وفاعليتها بالعديد من العوامل، من النظام السياسي المختل إلى الانقسامات الاجتماعية والثقافية والتدخلات الخارجية التي تنافست على مصالح متعارضة.
وبينما اسقطت واشنطن نظام صدام حسين، فانها في الوقت نفسه فككت الهياكل الادارية والامنية التي كانت ضرورية من أجل الحفاظ على الفسيفساء التي تمثل العراق كدولة. وفشلت واشنطن في نهاية المطاف في تعزيز قدرة الشعب العراقي على اعادة بناء حياته وبلده ومنح العراقيين الأسس الملائمة لتحقيق الاستقرار والأمن في بيئة جغرافية صعبة.
وكانت من نتائج ذلك، بحسب المعهد الاسترالي، تجزئة اجتماعية وطائفية وسياسية، والتحول من بلد ذي دولة قوية ومجتمعات مقموعة، الى دول ضعيفة ومجتمعات قوية.
واعتبر التقرير؛ أن ذلك فتح المجال لعدد كبير ليس فقط من التكتلات المحلية ولكن للقوى الخارجية أيضا من أجل الانخراط في صراعات على السلطة لتشكيل مستقبل العراق.
وأضاف التقرير أنه بينما كانت القوات الاميركية تحارب على جبهات عديدة من اجل ان تجعل احتلالها يحقق مكاسب اقليمية اكثر اتساعا، فان إيران، الخصم اللدود لأمريكا في المنطقة، استفادت من قربها وتقاربها الطائفي مع الاغلبية الشيعية لدعم الميليشيات المتعددة من اجل دعم مصالحها الجيوسياسية والطائفية والاقتصادية، وقبل كل شيء، هندسة الأمن الإقليمي.
وعانى القطاع الامن العراقي من الطائفية الداخلية والافتقار الى القيادة الموحدة والقيادات من اصحاب الكفاءات العالية والخبرة، وسوء استغلال الموارد المالية، ما جعله عرضة لتحديات خطيرة من قوى وكيلة خارجية، كالميليشيات المدعومة من إيران، ولاعبين عنيفين معادين للنظام كتنظيم داعش.
وبين التقرير أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها وجدوا أنه من الضروري التدخل والقتال الى جانب إيران لهزيمة تنظيم داعش، إلا أنهم لم يتمكنوا من فعل الكثير لتقويض علاقات إيران المتنامية مع العراق، مشيرا الى ان اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني ، وحليفه العراقي أبو مهدي المهندس، في كانون الثاني/يناير 2020، لم يفعل شيئا يذكر لإضعاف تأثير إيران.
وتابع أنه منذ هزيمة داعش في العام 2017، فإن واشنطن احتفظت بقوة عسكرية في العراق تراجع عددها الآن الى نحو 2500 عسكري، لكنها لا تقارن بالقدرة التي أقامتها إيران في التأثير على السياسات العراقية والاجهزة الامنية، على الرغم من أن ذلك لا ينطبق على اقليم كوردستان.
وذكر التقرير أن قطاع الأمن العراقي خضع الى بعض عمليات اعادة التنظيم والاصلاح الجادة في السنوات الماضية لجعله اكثر قوة وقدرة على القتال. واضاف ان الولايات المتحدة والحلفاء في حلف الناتو، بذلوا جهودا مضنية لمساعدة العراق، وبرغم ذلك، فانه لا يزال يواجه تحديات مهمة ولكنها ليست بالضرورة تحديات مستعصية.
وحدد التقرير أربعة مجالات من هذه التحديات، أولها التوحيد والدمج والولاء.
والتحدي الثاني؛ يتمثل في وجود قوى خارجية متنافسة تسعى الى اختراق قطاع الأمن العراقي والتأثير فيه اما بشكل مباشر او غير مباشر، وذلك من أجل تحقيق مصالح جيوسياسية وايديولوجية متصارعة.
أما التحدي الثالث فيتعلق بمكافحة الارهاب، موضحا ان القوات الامنية العراقية تكبدت كلفة كبيرة في إطارها الهيكلي والعملياتي. وأضاف: أن داعش لم يقض عليه بالكامل.
ويتعلق التحدي الرابع بالمعدات والبنى التحتية والتدريب والتعليم والابحاث.
وخلص التقرير الى القول ان العراق شهد مرحلة شديدة الاضطراب في خلال تاريخه كمهد للحضارات، وفي ترسيخه كدولة منذ عشرينات القرن العشرين.
واضاف ان العراق ينتقل من “دولة شخصية” في عهد صدام الى ديمقراطية نامية، حتى ولو كانت مضطربة، وكان لذلك كلفته على العراقيين وقطاع الأمن.
وبعدما اشار الى انه برغم إنجاز الكثير مؤخرا فيما يتعلق بالاصلاحات، أوضح أن قطاع الأمن ما زال يحتاج الى تحقيق الاكتفاء الذاتي العمل فوق السياسة والتحرر من التأثيرات الخارجية، وذلك لضمان تحقيق النظام الداخلي والدفاع الوطني