حرية – ( 1/5/2021)
قال الخبير الاستراتيجي الأميركي أنتوني كوردسمان، أن تركيز واشنطن على تكوين علاقات مع العراق وتطويرها “كدولة مستقلة آمنة عن النفوذ الإيراني”، أهم “بكثير” من الانسحاب من أفغانستان وإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة بالاتفاق النووي الإيراني، على حد تعبيره.
وبين كوردسمان الذي يترأس كرسي أرليه بورك في الشؤون الاستراتيجية بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في تقرير مطول نشره المركز إنه من المهم مثل التعاملات مع إيران وغيرها من القضايا ذات العلاقة بالاستقرار وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الحفاظ على العلاقات مع العراق، ودعمها لتصبح دولة مستقرة، وتمثل عنصر توازن بالنسبة لإيران، وقد يمثل الحد من توتراتها الداخلية العميقة وتهديد التطرف الدائم، التحديات الاستراتيجية المباشرة الأكثر أهمية لأمريكا في المنطقة.
وأردف كوردسمان أن للولايات المتحدة أهدافا استراتيجية كثيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكن إقامة علاقات استراتيجية ناجحة مع العراق، تعد الآن إحدى أهم أولويات أمريكا. فالجغرافية، والتركيبة السكانية، والسياسات الإقليمية، والنفط أمور تجعل العراق حجر زاوية رئيسيا في أي جهود لمواجهة تلك التحديات.
وأوضح كوردسمان، الذي عمل مستشارا لشؤون أفغانستان في وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين، أن “جغرافية العراق، ومواردها النفطية الكبيرة وتعداد سكانها الكبير، وتأثيرها الاستراتيجي، واصطفافها مع القوى الخارجية، هي ركائز تجعل العمل على أن تكون العراق دولة مستقرة وآمنة، أمرا أساسيا للحد من النفوذ الإقليمي المتنامي لروسيا وإيران؛ وضمان بقاء سوريا معزولة جزئيا على الأقل؛ وإقامة هيكل استراتيجي إقليمي أكثر فعالية يضم مصر، والأردن، ودول الخليج العربية الأخرى؛ وضمان استقرار تطوير نفط وصادرات العراق، وتحقيق المكاسب للشعب العراقي وليس لإيران”.
وأشار كوردسمان إلى أنه “مع ذلك لم تستوعب الولايات المتحدة هذه الحقائق حتى الآن رغم أنها خاضت ما يعادل أربع حروب في العراق منذ عام 1990. وكانت الحرب الأولى حرب تحرير الكويت في الفترة 1991-1990، والحرب الثانية هي الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بصدام حسين عام 2003. أما الحرب الثالثة فقد كانت ضد التطرف السني من 2004 حتى 2012، وتمثلت الحرب الرابعة في استخدام القوات الأمريكية لمساعدة العراق في القضاء على “خلافة” تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في الفترة من 2014 حتى 2018”.
وتابع كوردسمان أنه “يتعين إلقاء المسؤولية عن الكثير من مشاكل البلاد على القادة السياسيين الأنانيين والفصائل المتنافسة، والانقسامات الطائفية والعرقية في العراق، وقد دفع الكثير من قادة العراق الولايات المتحدة إلى الرحيل في عام 2011 كما يدفعها الكثيرون الآن. وقد فشلت إدارة بوش في إعادة بناء القوات العراقية بعد 2003، ورحلت إدارة ترامب وتركت لإدارة بايدن ما لا يزيد عن هيكل أجوف يتمثل في قيام الولايات المتحدة بجهود في مجال التدريب والمساعدة العسكرية فقط”.
ورأى كوردسمان أن “هذا لا يعد مبررا لتكرار نفس الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في عامي 2003 و2011. ولا يمكن لأي قدر من “الالتفاف” السياسي الأمريكي إخفاء حقيقة أن القوات العسكرية والأمنية العراقية الحالية لم تصبح قادرة بعد على تأمين البلاد ضد إحياء الحركات المتطرفة، والانقسامات العرقية والطائفية، وتدخلات القوى الخارجية”.
واختتم كوردسمان تقريره بالقول إنه “ليس من الواضح حتى الآن أن إدارة بايدن تعاملت في حقيقة الأمر مع ضعف القوات الأمنية العراقية، أو ظهور تهديد إيراني جديد، أو إلى أي حد يؤدي فشل العراق في الحكم المدني والتنمية إلى جعلها عرضة من جديد لتهديدات متطرفة أو صراع طائفي وعرقي. ولا يبدو أن حوار الولايات المتحدة الاستراتيجي مع قادة العراق في 6 و7 نيسان/ أبريل الماضي في بغداد قد أسفر عن أي نتائج إيجابية”.