حرية – (15/5/2021)
دعا معهد “المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية” الاتحاد الاوروبي الى دعم المحادثات الايرانية-السعودية الجارية حاليا في بغداد، باعتبارها فرصة تساعد في تحقيق استقرار الشرق الأوسط، بالرغم من المخاوف القائمة من احتمال خروجها عن مسارها.
واعتبر المعهد الأوروبي في تقرير نشره ؛ ان التسريبات عن المحادثات السعودية-الايرانية، تشكل نعمة بالنسبة الى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، مشيرة إلى أن دول الشرق الأوسط ليست معتادة على فكرة ان العراق هو الذي يقوم بدور وساطة لتسوية النزاعات، إلا أن الكاظمي استند على العلاقة العميقة التي طورها مع حكومات إيران والسعودية في السنوات التي تولى فيها منصب رئيس الاستخبارات، ما أتاح له وضع العراق في موقع يلعب فيه دور مستضيف للمحادثات بين هذين الخصمين الكبيرين.
وأشار الموقع الأوروبي إلى أن المحادثات تشكل انتصارا شخصيا للكاظمي، لكن حصلت على تسهيلات بسبب التقاء تحولات اقليمية ودولية، ومع ذلك قد يكون من السهل أن تخرج عن مسارها بسبب تطورات خارج سيطرة العراق.
وبحسب الموقع، فإن كلا من السعودية وإيران تحاول الاستفادة من الفرص من أجل تحسين سمعتهما لدى الادارة الاميركية الجديدة. كما أنهما تحاولان كسب تفوق استراتيجي في وقت تتبدل فيه ديناميكيات النزاع الإقليمي، في حين أن هذه المقاربة البناءة شديدة الهشاشة إذ أن أي تصعيد للتوترات من شأنه أن يعرقل الانخراط بين البلدين.
ومهما يكن، فإن خطوات العراق الوليدة باتجاه لعب دور وسيط إقليمي، تشكل تطورا ايجابيا لكلا البلدين والمنطقة، وعلى اوروبا ان تسعى الى الاستفادة من هذه الفرص لتعزيز الدور الوسيط للعراق للمساعدة في تحقيق الاستقرار العراقي والشرق أوسطي بشكل أوسع.
وبرغم أن تفاصيل كثيرة لم تخرج عن فحوى المحادثات التي جرت في بغداد في التاسع من نيسان/ابريل الماضي، الا ان مصدرا كشف أنه تركزت على الحرب في اليمن التي انخرطت السعودية فيها منذ العام 2015 لقتال الحوثيين. وبحسب التقرير، فان النقاش حول البند اليمني توسع لتناول قضايا ديناميكيان امنية اقليمية اوسع.
واشار التقرير الى ان المحادثات السعودية-الايرانية تأتي في ظل جهود من جانب الكاظمي من احل تطوير التعاون، وربما تشكيل تحالف اقليمي يضم مصر والاردن والعراق.
وبعدما اشار التقرير الى التحولات الاساسية التي حصلت مؤخرا بما في ذلك مجيئ ادارة جو بايدن التي تريد انهاء الحرب في اليمن واستعادة الاتفاق النووي الايراني، اكد التقرير الاوروبي ان ذلك أجبر كلا من السعودية وإيران على إعادة حساباتهما السياسية. وذكر التقرير بتصريحات لوزير الخارجية الاميركي انطوني بلينكن التي قال فيها انهما اذا كانتا تتحدثان سوية “فهذا بالاجمال أمر جيد”.
واعتبر “المجلس الاوروبي” ان السعوديين يدركون أن اتفاقا نوويا جديدا، من شأنه ان “يبدل ديناميكيات القوة الاقليمية بشكل جذري” بما يلحق ضررا بمصالحهم الاقتصادية والامنية الى جانب ان الحرب في اليمن تستنزف الموارد السعودية، وتعرقل الإصلاحات المخطط لها في القضايا الداخلية والاجتماعية والاقتصادية والتي حددتها الرياض في “رؤية 2030”.
ورأى أن “خروجا من النزاع اليمن يتم التفاوض حوله، والذي يمكن أن يحققه السعودية بمساعدة من الايرانيين، من شأنه ان يعزز موقفهم داخليا واقليميا ودوليا”.
واشار الى ان قدرة الكاظمي على تقديم العراق على انه وسيط محايد يشكل امرا مذهلا خاصة بعد سنوات من الاتهامات الخليجية للعراق بانه تحول الى اداة بيد ايران، مضيفا ان العديد من المصادر الحكومية العراقية اشارت الى ان المحادثات السعودية – الايرانية جاءت بمبادرة شخصية من الكاظمي. ونقلت عن مصدر قوله إن الكاظمي كان في قاعة اجتماع التاسع من أبريل/نيسان ما يعكس مدى استثماره الشخصي في هذا الجهد.
ونوه بأن المحادثات هي نتاج جهود كبيرة بذلها الكاظمي والرئيس العراقي برهم صالح ما أتاحت جعل العراق لاعبا محايدا ومستقلا في المنطقة، وان اكتساب ثقة السعودية وايران لتسهيل المحادثات يشكل “انتصارا مهما بحد ذاته”.
لكن الموقع اعتبر أنه برغم تحسن سمعة الكاظمي داخليا بسبب المحادثات السعودية-الإيرانية، الا أنه من المرجح ألا تتحسن فرصة للفوز بولاية ثانية في رئاسة الحكومة في انتخابات اكتوبر/تشرين الاول المقبل، مشيرا ان الكاظمي اختار ألا يخوض حزب سياسي الانتخابات باسمه، وانه يأمل أن يتموضع في موقع الوسطي المستقل، لكي يتمكن من الفوز برئاسة الحكومة مجددا.
ونقل التقرير عن مسؤول حكومي بارز لم يحدد اسمه، قوله ان وساطة الكاظمي بين السعودية وايران، من غير المرجح ان تؤثر في مفاوضات اختيار رئيس للحكومة العراقية المقبلة.
وخلص “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” الى القول ان المحادثات السعودية الايرانية تتوافق مع تطلعات الاتحاد الأوروبي للعراق للعب دور في خفض التصعيد في المنطقة، مضيفا أنه يجب على الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء، الترحيب علانية بالمحادثات واستخدام علاقاتهم مع العراق لتشجيع المزيد من جولات الحوار.
لكنه اعتبر أن دول الاتحاد الاوروبي يجب ان تكون واقعية بشأن المدى الذي يظل فيه الحوار مرهونا بتكوين سياسي هش في العراق و الديناميكيات الحساسة للصراع الإقليمي.