حرية – (17/7/2021)
تبدأ شلير غريب حمه، كل صباح، مهنتها التي يرى الشارع أنها غريبة نوعا ما، وتتجه نحو مكتبها المجاز الذي يحمل اسم (هاوزين) المختص بتعليم الرجال قيادة الشاحنات، بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، وهي لا تتيح للرجال الحصول على رخصة قيادة الشاحنات وحسب، وانما تصل الى أبعد من ذلك وتوفر فرص عمل لهم في مكتبها او في شركات نقل وغيرها.
اقتحام لعالم الرجال
وفي حديث لها تقول شلير غريب حمه، وهي في عقدها الخامس من العمر وام لـ3 أبناء، إن المهنة كانت فعلا حكرا على الرجال وانها لم تقتحمها وانما جربت شيئا لم يكن الناس معتادين عليه وبالتالي فإن كل مهنة يمكن ان تكون للجنسين دون ان يحتكرها جنس دون الآخر لذا فهي تقضي أكثر من 10 ساعات يوميا في تدريب الرجال على قيادة السيّارات والشاحنات وامضت بهذا العمل ايضا اكثر من 20 عاما قبل أن يكون لها مكتب خاص بها، وهي أوّل امرأة على مستوى العراق والإقليم تحصل على مكتب مجاز لتعليم الرجال على هذا النوع من القيادة، وتمكنت حتى الآن من تعليم أكثر من 2500 رجل على قيادة الشاحنات والسيارات بنوعيها ذات ناقل الحركة العادي والاوتوماتيك.
وتتابع شلير “استغرب من أن اقبال النساء على تعلم سياقة الشاحنات قليل، حيث انني ومنذ 2008 وحتى الان لم اتمكن من تعليم سوى عشرة نساء على كيفية قيادة الشاحنات”.
ولفتت الى أن “عمليات التدريب تتم وفق المعايير الدولية، خاصة أن قيادة شاحنات النقل ليست سهلة فضلا عن أنها تتطلب الكثير من المهارة والدقة والالمام بالجانب الميكانيكي واساسيات الصيانة والاسعافات الاولية وتتطلب ايضا الجرأة والثقة بالنفس”.
شلير حمه تعلم الرجال والنساء قيادة الشاحنات وسيارات الحمل والسيارات الصغيرة بناقل حركة عادي وناقل حركة اوتوماتيك ايضا وأمّنت شلير بهذه المهنة فرص عمل للكثير من أصحاب العائلات بتشغيلهم معها في وظائف مختلفة.
الاولى في القيادة والتعليم
“اول امرأة تقود واول امرأة تعلم قيادة الشاحنات ايضا”.. يمكن ان تنطبق هذه الجملة على شلير تماما حيث انها حصلت على رخصة قيادة وعمرها 30 عاما لتصبح أول امرأة في مدينة السليمانية تقود بنفسها سيارتها الخاصة، صحيح ان المجتمع لم يتقبل رؤية امرأة شابة وهي تقود سيارتها إلا ان الامر لم يعنيها تماما ، بعدها بثمانية اعوام بدأت مشروعها الخاص بتعليم النساء قيادة السيارات لكن المشروع لم يجر وفق ما كانت تخطط ولم تأت أي امرأة لمدرستها في البداية وعندئذ بدأت شلير دروسا لتعليم القيادة للرجال أيضا، وفوجئت بإقبال كبير من جانب الرجال خلال فترة قصيرة لتقرر بعدها تغيير مهنتها لتعمل سائقة شاحنة، وأصبحت أيضا أول امرأة تقود شاحنة كبيرة في السليمانية.
الأزمة بداية كل شيء
تقول شلير ايضا “الازمات تعلم النساء طرق جديدة للعيش وعندها يبدأ كل شيء، صحيح انني اواجه صعوبات في الشارع الا ان الامر يستحق كل يوم المواجهة”.
وتناصرها في الرأي الناشطة النسوية ليلان زيدان حيث تقول : “هناك من يعتبر ان المهن حكرا على الذكور فقط او الاناث فقط ولكن التطور في الحياة ودخول النساء معتركها من كل الجوانب اثبت ان هذا التقسيم لا صحة له، النساء تقود السيارات وتصلحها وتعمل في البناء والاسواق العامة والمقاهي وورش تبديل السيارات ايضا والنوادي الليلية ايضا وقد يتعرضن النساء خلال مسيرة العمل الى الاهانة والاستغلال والتحرش وحتى الضرب والترهيب خاصة ان كان المجتمع يرفض حتى الان خروج النساء للعمل فكيف به ان عملت في اماكن ومجالات متعددة، نحتاج الى وعي اكثر بأحقية النساء في العمل والى احترام هذا الحق ايضا”.
وتضيف زيدان أنه “من عام 2003 وحتى الان يعاني العراق من ازمات اقتصادية واحدة تلو الاخرى والتي اثرت على العائلة وتركيبتها، من كان يرفض دراسة النساء اصبح يشجع عليها الان لمواجهة هذه الازمات، وانا ارى ان إمكانيات المرأة في إدارة الأزمات والسيطرة عليها عادة ما تكون اكثر من الرجل، هناك من يرى ان النساء يتعاملن بالعاطفة ولكن الواقع اثبت أن النساء أكثر مهارةً من الرجال في السيطرة على الأزمات او في التعامل مع الظروف الصعبة التي تواجه المجتمع الان”.