حرية – (30/7/2021)
بين صخور جبال قنديل الوعرة وجذوع الأشجار في وديانه، ووسط مخاطر كبيرة، ومغامرة تمتد إلى أيام وليالٍ، يمضي الشاب زريان شيخ أحمد، في رحلته بحثا عن مناقب العسل الطبيعي ليوفر لقمة عيش لأسرته.
ويتمتع زريان البالغ 30 سنة بخبرة عالية في العثور على أمكان تواجد خلايا النحل، رغم أن اغلب المناحل الطبيعية تبنى في أماكن يصعب الوصول اليها، حيث تقع في عمق شقوق الصخور داخل الكهوف والجبال الوعرة وفي جذوع اشجار البلوط والمازي، ليجمع مايحصل عليه من العسل الطبيعي ومن ثم يبيعها في الاسواق.
ويقول زريان إن “مناحل العسل الطبيعية تتوفر بشكل كبير في الجبال الوعرة والتي يصعب الوصول اليها والامكان الوفيرة بالغابات والحشائش والاجواء النقية والمياه الوفيرة”، مشيرا الى أن “جبال قنديل تتمتع بهذه العناصر بشكل كبير”.
ويضيف “نمضي أياما متواصلة في البحث بين شقوق صخور الجبال الوعرة وأشجار البلوط للعثور على العسل الطبيعي”، مبيناً أن “عملية البحث ليست سهلة وتحمل الكثير من المخاطر وتتطلب روح المغامرة وخبرة في التسلق والتنقل بين الجبال والتعامل مع النحل بدقة”.
ويشير الى أنه في “المواسم التي تتوفر فيها المياه والحشائش وغذاء النحل، تزداد كميات العسل الطبيعي لكن في مواسم الجفاف تتراجع نسبة الانتاج”.
ويقول إنه خلال العام الماضي جمع نحو 20 كغم من العسل الطبيعي استخرجها من المناحل الواقعة وسط شقوق الصخور في الجبال الوعرة ومن جذوع اشجار البلوط لافتا الى أنه تمكن من بيع الكيلو الواحد بسعر ترواح ما بين 75 ألف دينار و100 ألف دينار.
ويضيف أن “المئات من أهالي المناطق الجبلية يمارسون مهنة جمع العسل الطبيعي”، مبينا أنه “يوجد إقبال كبير على العسل الطبيعي في الاسواق لإستخدامها من قبل المصابين بالامراض فضلا عن أنها مفيدة للصحة وتمنح جسم الانسان القوة والمناعة”.
ويوضح أن “الهجمات التركية على معاقل مسلحي حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل اثرت سلبا على أنتاج العسل الطبيعي كما أنها باتت خطرا على حياتنا بسبب الغارات الجوية المستمرة”، مشيرا الى أن “المواجهات العسكرية تسببت في حرق مساحات واسعة من الغابات وتدمير الينابيع ومصادر المياه”.
وتقع جبال قنديل في إقليم كردستان عند نقطة التقاء الحدود العراقية الإيرانية التركية، وتمتد بعمق نحو 30 كيلومترا داخل الأراضي التركية، وتبعد بنحو 150 كيلومترا عن أربيل عاصمة إقليم كردستان.
وتعرف هذه المنطقة الجبلية بغاباتها الطبيعية الكثيفة وتلالها المرتفعة ووديانها العميقة، ويتجاوز امتداد سلسلة جبال قنديل الشاهقة مائتي كيلومتر، وتنتمي – إضافة إلى جبال خنيرة وهلكرد ونفتانين- إلى سلسلة جبال زاغروس، وتصل أعلى قمة جبلية فيها إلى ما بين 3000 و4000 متر فوق مستوى سطح البحر.
وتضم سفوح جبال قنديل ووديانها ما يقارب مائة قرية يصعب الوصول اليها ويعتمدون على الرعي وتربية المواشي والنحل والزراعة، وتعتبر أيضاً المعقل الرئيسي لمسلحي حزب العمال الكردستاني.