حرية – (22/8/2021)
بعد أسابيع من الآن تترقب الأوساط السياسية والشعبية الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، التي جاءت بعد الاحتجاجات الشعبية التي شهدها العراق نهاية العام الماضي، التي تسببت في إطاحة حكومة عادل عبد المهدي.
وتعمل الحكومة العراقية على توفير الأجواء الملائمة والمناسبة لإجراء الانتخابات المبكرة بشكل يضمن نزاهتها، ورغم إعلان بعض القوى السياسية مقاطعة الاستحقاق، يستعد العراق لخوض الانتخابات التشريعية الخامسة له.
وصوت مجلس النواب العراقي على حل نفسه في السابع من أكتوبر المقبل، وقبل 72 ساعة من إجراء الانتخابات التي كان من المفترض أن تجري منتصف 2022، إلا أن الاحتجاجات الشعبية جعلتها مبكرة.
انتخابات استثنائية
ويرى حسين الهنداوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات، في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، أن الانتخابات التشريعية المقبلة “تمتلك أهمية استثنائية، لأنها مبكرة، بالتالي استثنائية أساساً، جاءت استجابة لإرادة شعبية واسعة، نجحت في دفع مجلس النواب العراقي إلى تغيير الحكومة وتشكيل مفوضية جديدة وتشريع قانون انتخابات جديد يقوم على الدوائر المتعددة والترشيح الفردي والفوز للمرشح القادر على الفوز بكفاءته الخاصة، بعد أن كان الفوز يعتمد في السابق على قوة وثروة الأحزاب وشعبية زعمائها”.
ويعتقد الهنداوي أن “المشاركة الواسعة في الانتخابات هي ضمان إحداث تغيير كبير في المسار السياسي العراقي، وهناك أمل كبير بأن تكون المشاركة الشعبية كبيرة”.
تطورات إيجابية
وشهدت الأسابيع الماضية إعلان بعض الكتل السياسية انسحابها من العملية الانتخابية قبل أسابيع من إجرائها، إذ وصل عدد الكتل التي أعلنت انسحابها حتى الآن خمسة، أبرزها كتلة “سائرون” التي تصدرت نتائج انتخابات 2018، التي يدعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إضافة إلى المنبر العراقي الذي يترأسه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، والحزب الشيوعي العراقي وجبهة الحوار الوطني بزعامة صالح المطلك وبعض القوى المشكلة حديثاً على إثر احتجاجات ثورة أكتوبر في 2019.
لكن الرئاسات الثلاث (الجمهورية والوزراء والبرلمان) والقوى السياسية والأحزاب في اجتماعهم الأخير بالقصر الحكومي دعوا الكتل المنسحبة إلى العدول عن قرارها، وفي هذا الشأن يقول الهنداوي، “هناك حوار بناء في هذا الصدد، ورغبة وطنية واسعة لإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، كما أن كل القوى السياسية أعلنت حرصها على نزاهة الانتخابات وإصرارها على تعزيز التداول السلمي للسلطة، ومن هنا التوقع القوي بأن تكون هناك تطورات إيجابية لصالح تعزيز النظام الديمقراطي في العراق وإبعاده عن كل الأخطار الطارئة”.
ويضيف، “لا أجد أن هناك مقاطعة واسعة للانتخابات المقبلة، بل هناك مشاركة واسعة، والمفوضية أعلنت استعدادها الكامل لإجراء الانتخابات في موعدها، أي بعد نحو الشهرين فقط، كما أعلنت عن إعداد سجل الناخبين، ويضم نحو 24 مليون ناخب، فضلاً عن استكمال ملفات نحو 3250 مرشحاً سيتنافسون على الفوز بمقاعد مجلس النواب الـ329 مقعداً، ما يعني أن هناك أكثر من عشرة مرشحين للتنافس على كل مقعد في مختلف أنحاء البلاد ودون استثناء”.
ويتوقع الهنداوي أن “تكون نسبة المشاركة كبيرة في الانتخابات”، ويؤكد “نعم. لدينا ثقة كبيرة بأن المشاركة في التصويت ستكون جيدة وواسعة في كل الدوائر الانتخابية وعددها 83 دائرة، وأن الانتخابات المقبلة ستكون ناجحة بكل المعايير الدولية”.
وسبق وأن طالب العراق الأمم المتحدة بإرسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات المبكرة، حيث وافق مجلس الأمن الدولي في مايو (أيار) الماضي بالإجماع على طلب عراقي بتشكيل فريق تابع للأمم المتحدة، لمراقبة الانتخابات البرلمانية في أكتوبر المقبل.
لكن، غالبية الانتخابات التي جرت خلال الفترة ما بين الأعوام 2006 و2018 كانت بمشاركة الفرق الأممية وممثلين دوليين وعرب، ولم يحقق هذا الحضور تأثيراً ملموساً في سير الاستحقاقات السابقة، ويرى الهنداوي أن “دور المراقبين الدوليين في كل الانتخابات التي جرت في العراق خلال الفترة ما بين الأعوام 2005 و2018، كان رمزياً وشكلياً على الدوام في السابق”.
ويعتقد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات أن دور المراقبين الدوليين في الانتخابات هذه “سيكون أكثر حضوراً هذه المرة، وفي كل الأحوال الدور الأساسي في المراقبة سيكون للشبكات الوطنية، التي تضم آلاف المراقبين العراقيين المحترفين والأكفاء، فضلاً عن الدور الخاص لوكلاء الكيانات السياسية والمرشحين، والمفوضية اتخذت إجراءات وتسهيلات عديدة لتمكينهم من العمل دون قيد في مراقبة الانتخابات، كما عززت نظام الشكاوى ومعرفة النتائج بشكل أسرع من السابق”.
عملية معقدة
ويوضح الهنداوي أبرز الصعوبات التي تواجه الانتخابات اليوم، قائلاً “إجراء انتخابات ديمقراطية عادلة بشكل سليم أو نموذجي عملية معقدة في كل دول العالم ومحاطة بالصعوبات المعروفة والطارئة وحتى الأخطار، إلا أننا واثقون من إمكانية العراق بالنجاح التام في إجراء انتخابات عادلة وحرة في 10 أكتوبر المقبل، وهو أمر واقعي في نظر الجميع”.
وعن نتائج الانتخابات هل ستستغرق وقتاً طويلاً للإعلان مثل ما جرت العادة؟ وهل هناك آليات جديدة لإعلان الانتخابات، يجيب الهنداوي، “المفوضية أعلنت مراراً أن الإعلان عن نتائج الانتخابات لن يتأخر هذه المرة، بل سيكون بعد يوم واحد من انتهائها بالاعتماد على الآليات والبرمجيات العالمية الحديثة، فضلاً عن أن نتائج كل محطة انتخابية ستعلن للحاضرين في المحطة من موظفين ووكلاء كيانات ومراقبين بعد انتهاء عملية التصويت مباشرة حيث سيجري علناً فرز وعد نتائج كل محطة على حدة”.
وختم الهنداوي، “هناك فترة قانونية لأيام معدودات تخصص بت الشكاوى والطعون بموجب القانون، وهي تسبق الإعلان عن النتائج النهائية”.