حرية – (2/9/2021)
شهد العراق خلال العقدين الماضيين ازدهاراً كبيراً في الحركة التشكيلية النسائية، حيث نظمت جهات حكومية وأخرى من القطاع الخاص المئات من المعارض في مختلف محافظات البلاد، على عكس ما كان قبل الغزو الأميركي وسقوط صدام حسين عام 2003.
تطور الزمن
ترى فنانات تشكيليات عراقيات تحدثن لوسائل الاعلام، بأن الزمن تطور وتغيرت المفاهيم الخاطئة لموضوع الفن، مؤكدات أن “الانفتاح الذي حصل أتاح للمرأة الظهور بشكل أكثر جرأة”.
وتقول رئيسة جمعية كهرمانة للفنون (تشكلت بعد 2003) ملاك جمال إنه “بعد عام 2003 كان الوضع الأمني سيئاً جداً والكل في حال ترقب، وكانت هناك تجمعات في قاعة جوار بين فنانين وسياسيين وصحافة وإعلام”.
وأضافت، “المرأة في تلك الفترة كانت تخشى المشاركة ولقاء الفنانين بهدف الحوار والتلاقح الثقافي والفني، ثم ظهرت الحاجة إلى تجمع نسوي ليكون صوت المرأة في الثقافة والفنون وفي البرلمان”.
وأوضحت، “كانت لي قاعة كهرمانة في منطقة الكرادة ببغداد، ولاحقاً نقلت إلى حي الجامعة وافتتحت رسمياً وصارت معرضاً تشكيلياً للنساء ومكاناً لإقامة الأمسيات الموسيقية”.
حضور كبير ومشهود
بدورها، قالت الأستاذة الجامعية في معهد الفنون الجميلة ببغداد والفنانة التشكيلية منى مرعي، “لست مع سياسة التصنيف بتسمية الفن نسائياً أو رجالياً، لكنني أحياناً أشارك في المعارض النسائية كإثبات وجود لا أكثر، وأغلب الأحيان أثبت وجودي وسط المجتمع المختلط والرجالي، حيث المنافسة أكبر”.
وأضافت، “أختلف مع كثيرين في مسألة أن المرأة الفنانة نشطت بعد عام 2003″، موضحة أن “حضورها قبل ذلك كان كبيراً ومشهوداً له في الساحة التشكيلية، وأذكر أنني عام 1989 حين دخلت إلى معهد الفنون الجميلة وجدت كثيرات ممن كن أسماء مهمة في الوسط التشكيلي، مثل نزيهة سليم وسعاد سليم وبهيجة الحكيم وداد الأورفلي ومهين الصراف وليلى العطار وسماء الأغا وغيرهن كثيرات”.
وتابعت، “ما حدث أن الزمن تطور وتغيرت المفاهيم، إذ كانت دراسة الإناث للفن صعبة نوعاً ما بسبب بعض الأعراف والتقاليد والفهم الخاطئ لموضوعة دراسة الفن، ولذلك كانت المرأة تدرس وتعمل فيه على استحياء أو بالخفاء في بعض الأحيان وتفضل إكمال الدراسة خارج العراق”.
وأوضحت، “في الزمن البعيد كانت شروط ومعايير المشاركة والإسهام في معارض الفن وفي دراسة الفن صعبة جداً ولا ينالها إلا ذو حظ عظيم، ولكن بعد الانفتاح أصبح بإمكان البنت أو المرأة الظهور بشكل أكثر جرأة وجاهزية، لذلك نجد أن النساء نشطن علناً في الواقع العملي أو على مواقع التواصل حتى أصبحنا نشعر بالعدد الهائل من المواهب والأسماء التي تتصدر الساحة على الرغم من نسبية المستوى الفني واختلافه”.
وأشارت إلى أن العديد من مؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بالفن افتتحت، لكن “أغلبها من دون معايير فاختلط الحابل بالنابل، ناهيك عن عدم وجود نقاد حقيقيين بعيداً من المجاملات والمحسوبيات إلا ما ندر”.
الأعمال اليدوية ورسوم الديكور
من جهتها، لا ترى يسر القزويني “ازدهاراً في حركة الفن التشكيلي النسائي، لكن ألاحظ انتشاراً كبيراً للأعمال اليدوية ورسوم الديكور المتعلقة بالتراث العراقي”.
وأقرت بأن “السوشيال ميديا سهلت على النساء تعلم هذه الحِرف والتسويق لمنتجاتهن بعدما كانت سوق العمل تقتصر على الرجال”، مشيرة إلى أن سبب انتشارها هو “إقبال العراقيين على شرائها مع تحسن حالهم الاقتصادية وانفتاحهم على العالم واهتمامهم بديكورات منازلهم”.
لكن القزويني أوضحت أن “هناك خلطاً بين تلك الأعمال والفن التشكيلي، وأصبحنا نسمع لقب الفنانة التشكيلية يطلق على كل من أمسك قلماً أو فرشاة، كما أن كثيراً من تلك الأعمال يفتقر إلى المعايير الأكاديمية أو أحياناً النظافة والإتقان مع كثرة التقليد والتكرار”.