حرية – (4/9/2021)
أثار رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوغا مفاجأة، الجمعة، بإعلانه أنه لن يترشح لرئاسة حزبه في الانتخابات الداخلية المقرر إجراؤها أواخر سبتمبر (أيلول)، وبالتالي سيعاد خلط أوراق السلطة بشكل كامل في اليابان.
وصرح سوغا للصحافيين بعد لقاء مع قادة الحزب “أريد أن أركز على الجهود المبذولة لمكافحة فيروس كورونا، ومع أخذ ذلك في الاعتبار، لن أترشح لانتخابات” رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي الذي يرأسه حالياً.
وأضاف “أدركت أنني لا أستطيع القيام بالأمرين معاً” أي محاربة فيروس كورونا والقيام بحملة لإعادة انتخابه رئيساً للحزب الليبيرالي الديمقراطي. وتابع “كان علي أن أختار”.
وقال المسؤول الثاني في الحزب توشيهيرو نيكاي الذي أعلن قرار سوغا في وقت سابق “بصراحة فوجئت. إنه أمر مؤسف حقاً. بذل كل ما بوسعه، لكن بعد التفكير ملياً اتخذ قراره”.
ومن المقرر أن يقود الفائز في الانتخابات الداخلية للحزب المقررة في 29 سبتمبر، والتي سيبدأ حملته في إطارها في 17 سبتمبر، الحزب إلى الانتخابات التشريعية المقررة خلال الخريف.
ولأن الحزب الليبرالي الديمقراطي (يمين قومي) يهيمن إلى حد كبير على الحياة السياسية اليابانية، يكاد يكون مضموناً أن يصبح زعيمه رئيساً للوزراء.
وكان سوغا (72 عاماً) يعتبر حتى الآن المرشح الأوفر حظاً لهذه الانتخابات الداخلية لتعيين المرشح الذي سيقود الحزب في الانتخابات التشريعية المقررة في الخريف، رغم تراجع شعبية حكومته إلى مستوى قياسي في استطلاعات الرأي.
ولم تكن حكومته تحظى في نهاية أغسطس (آب) سوى بـ26 في المئة من التأييد، وفق استطلاع للرأي أجرته صحيفة “ماينيشي”، وهو مستوى متدن إلى حد قياسي. كما أشارت استطلاعات أجريت، أخيراً، إلى نسبة تأييد له بالكاد تتخطى 30 في المئة.
وتراجعت شعبية سوغا بشكل حاد منذ أشهر بسبب إدارته لأزمة الوباء الذي يواصل تفشيه في اليابان، وإصراره على تنظيم دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في طوكيو هذا الصيف أياً كان الثمن رغم معارضة غالبية شعب الياباني. كذلك، فإن البلاد تشهد منذ نهاية يونيو (حزيران) موجة قياسية من الإصابات كوفيد-19 مع تسجيلها قرابة 20 ألف إصابة يومية جديدة.
وتباطأت حكومته في إطلاق حملة تحصين واسعة النطاق، وفرضت مراراً حالات طوارئ في البلاد منذ بداية العام. لكنّ هذا التدبير الذي يعتمد أساساً على توصيات غير ملزمة، يبدو أقل فعالية في احتواء العدوى وبدأ يتسبب بسأم السكان بشكل كبير.
وقال تومواكي إيواي أستاذ العلوم السياسية في جامعة نيهون في طوكيو لوكالة الصحافة الفرنسية “بالنسبة إلى نواب الحزب الليبرالي الديمقراطي، شعروا بالارتياح إذ لن يضطروا لخوض حملة في الانتخابات التشريعية بقيادة رئيس وزراء لا يحظى بشعبية”.
من جهته، اعتبر كوري والاس المحاضر في جامعة كاناغاوا (جنوب غربي طوكيو) المتخصص في السياسة اليابانية والعلاقات الدولية، أن سوغا “لم يعط أبداً انطباعاً فعلياً عن كفاءته أو أظهر تعاطفاً” تجاه الناس خلال الأزمة الصحية.
ورحبت بورصة طوكيو بقرار سوغا إذ ارتفع مؤشر نيكاي بأكثر من 2 في المئة، الجمعة، بحيث يأمل المستثمرون خصوصاً خطة إنعاش جديدة من الحكومة المقبلة.
وأصبح فوميو كيشيدا (64 عاماً)، وهو وزير خارجية سابق (2012-2017) أُعلن ترشحه لانتخابات رئاسة الحزب الليبرالي الديمقراطي في وقت سابق، “الأوفر حظاً” لأنه “معتدل وذو خبرة” وفقاً لإيواي.
في غضون ذلك، قرر تارو كونو (58 عاماً) وزير الإصلاح الإداري والمسؤول عن إدارة حملة التلقيح الوطنية، أيضاً الترشح لرئاسة الحزب، وفق ما أعلنت وسائل إعلام يابانية، الجمعة.
وأكدت وزيرتان سابقتان، القومية المتشددة ساني تاكايشي وسيكو نودا، الجمعة، عزمهما على الترشح، في حين لا يزال وزير الدفاع السابق شيغيرو إيشيبا متردداً، وفق وسائل إعلام محلية.
وصل سوغا إلى السلطة في سبتمبر 2020 بعدما فرض نفسه كشخصية تحظى بالإجماع داخل الحزب لخلافة رئيس الوزراء شينزو أبي الذي كان حتى ذلك الحين مساعده، عند استقالة سلفه بشكل مفاجئ لأسباب صحية.
وخلال فترة ولايته القصيرة، إلى جانب مكافحة الوباء، أبقى سوغا سياسة الانعاش الاقتصادي التي فرضها سلفه من دون الإخلال بالسياسة الخارجية لليابان، الحليف الوثيق للولايات المتحدة، خصوصاً أنه يخشى الصين.
كما وضع سوغا أهدافاً بيئية جديدة وأكثر طموحاً لليابان ودفع باتجاه التحول الرقمي للبلاد.