حرية – (18/9/2021)
شدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي السبت 18 سبتمبر (أيلول) على أن بلاده لن تسمح بتموضع تنظيم “داعش” عند حدودها الشرقية مع أفغانستان، التي باتت تحت سيطرة حركة “طالبان”.
وقال رئيسي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي الإيراني “لن نقبل بأن تستقر جماعات إرهابية وتنظيم داعش على مقربة من حدودنا”.
ورأى أن وجود التنظيم المتطرف في أفغانستان “يشكل خطراً ليس فقط على أفغانستان بل أيضاً على المنطقة”.
إيران قلقة
أتت تصريحات رئيسي خلال وجوده في العاصمة الطاجيكية دوشانبي، حيث شارك الجمعة في قمة لمنظمة شغنهاي للتعاون، وعقد لقاءات بينها مع مسؤولين روس وصينيين، تم التطرق خلالها إلى سيطرة حركة “طالبان” على أفغانستان الشهر الماضي.
واستحوذت الحركة على السلطة في كابول اعتباراً من منتصف أغسطس (آب) الماضي، بعد أسابيع من هجوم واسع شنته في مختلف أنحاء البلاد، تزامناً مع انسحاب القوات الأميركية بعد تواجد في البلاد استمر 20 عاماً.
ويرى محللون أن إيران القلقة من الوضع المضطرب في أفغانستان التي تتشارك معها حدوداً بطول أكثر من 900 كلم، تتبنى مقاربة براغماتية، لا سيما حيال حركة “طالبان”.
إلا أن طهران أبدت أسفها لأن الحكومة التي شكلتها “طالبان” لا تمثل جميع الأفغان، ودعت “الأطراف كافة” إلى التفاوض لتشكيل حكومة “ممثلة للتنوع”.
وينتمي أعضاء الحكومة إلى الحركة، ومعظمهم من إتنية البشتون.
وكرر رئيسي الدعوة، السبت، إلى تشكيل حكومة أفغانية ممثلة لمختلف الأطراف، معتبراً أن “حكومة تنتمي إلى مجموعة عرقية أو سياسية واحدة لن تتمكن من حل مشكلات أفغانستان”.
التوجه شرقاً
رحبت إيران المصممة على تعزيز التوجه شرقاً في مواجهة “الأحادية” والعقوبات الاقتصادية الأميركية المفروضة عليها، بالموافقة على عضويتها في منظمة شنغهاي للتعاون التي تقودها روسيا والصين.
وأجمعت السبت الصحف الإيرانية بمختلف توجهاتها السياسية، المحافظة والإصلاحية، على الإشادة بالخطوة التي أعلن عنها الجمعة خلال قمة للمنظمة عقدت في العاصمة الطاجيكية دوشنبه.
وكتبت صحيفة “جوان” المحسوبة على المحافظين المتشددين، “تدخل إيران في أكبر سوق في الشرق”، مشيرة إلى أن المنظمة “هي أحد رموز التعاون بين القوى غير الغربية، وتفتح المجال أمام حقبة ما بعد أميركية”.
واعتبرت “كيهان” المحسوبة على التيار ذاته، أن الخطوة ستسهم في “الالتفاف على العقوبات الغربية”، مضيفة “يمكن لإيران الآن أن تضع موضع التطبيق، سياستها (القائمة على) التعددية، والتخلي تدريجاً عن رؤية مستندة حصراً على الغرب، وخفض أثر العقوبات الغربية”.
وعكست صحف إصلاحية هذا التوجه أيضاً، فرأت “اعتماد” أن قبول العضوية الدائمة في المنظمة المؤلفة حتى الآن من ثماني دول، يتيح لطهران “التواصل مع أسواق تضم 65 في المئة من إجمالي سكان العالم”.
وسعت إيران إلى نيل العضوية الدائمة في المنظمة منذ أعوام، في مسعى لقي ممانعة بعض أعضائها على خلفية عدم الرغبة في ضم طرف يخضع لعقوبات أميركية وغربية واسعة.
وكانت إيران عضواً مراقباً في المنظمة منذ 2005، وفشلت آخر محاولة لانضمامها إليها في 2020 نتيجة رفض طاجيكستان حينها.
لكن الرئيس الصيني شي جينبينغ أعلن أمس في كلمته عبر الاتصال المرئي خلال القمة “اليوم سنطلق الإجراءات لإدخال إيران في عضوية منظمة شنغهاي للتعاون”، في خطوة لقيت ترحيب قادة الدول الأعضاء، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ونظيره الباكستاني عمران خان.
عضوية إيران
وأشار التلفزيون الرسمي الإيراني إلى أن إنجاز إجراءات العضوية قد يتطلب ما بين وعام ونصف العام.
ويقول الباحث الإيراني في العلاقات الدولية فياض زاهد لوكالة الصحافة الفرنسية، “من خلال الموافقة على عضوية إيران، تعلن الحكومتان الصينية والروسية للغرب أنهما على توافق مع التطورات الراهنة في إيران، وصلت حكومة جديدة إلى السلطة في إيران تتطلع نحو الشرق بدلاً من التطلع نحو الغرب”.
ويضيف “لهذا دلالة سياسية واضحة”.
وتأتي الموافقة على عضوية إيران بعد أسابيع من تولي الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي منصبه، وهو أكد مراراً أن العلاقات مع الجوار والدول الآسيوية ستكون ركناً أساسياً في السياسة الخارجية لطهران خلال عهده.
واعتبر رئيسي الذي حضر إلى دوشنبه لحضور القمة، في أول رحلة خارجية له، أن “الحظر (العقوبات) الذي يشكل إرهاباً اقتصادياً، هو الوسيلة الأكثر أهمية للدول المهيمِنة لفرض إرادتها على الآخرين”.
وأضاف أن العقوبات “عقبة أساسية أمام تعزيز التكامل الإقليمي، وعلى منظمة شنغهاي للتعاون أن تضع هيكليات وآليات لترد بشكل جماعي على العقوبات”.
ويرجح زاهد أن “موسكو وبكين وافقتا على عضوية طهران لاعتبارهما أن مسألة الاتفاق النووي سيتم حلها”، معتبراً أن “العقوبات كانت حتى الآن العائق الرئيس أمام العضوية الكاملة” لها في المنظمة.
وأتاح الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني الذي أبرم بين طهران والقوى الكبرى عام 2015، رفع عديد من العقوبات التي كانت مفروضة على طهران، في مقابل الحد من أنشطتها النووية.
اتفاق معلق
إلا أن الاتفاق بات شبه معلق منذ قررت الولايات المتحدة الانسحاب أحادياً منه عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترمب، الذي أعاد فرض عقوبات قاسية على طهران. وبعد تولي الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مهامه مطلع عام 2021، انطلقت مباحثات بين إيران وأطراف الاتفاق، بمشاركة أميركية غير مباشرة، بهدف إحيائه، من دون أن يتم التوصل إلى تفاهم في هذا الشأن حتى الآن في المباحثات، التي لا تزال معلقة منذ انتهاء جولتها السادسة في يونيو (حزيران).
وتأسست منظمة شنغهاي في 2001 من روسيا والصين وأربع دول في آسيا الوسطى هي طاجيكستان وقرغيزستان وأوزباكستان وكازاخستان. وانضمت إليها الهند وباكستان في 2017.
وتمثل دول المنظمة نحو 60 في المئة من مساحة أوراسيا، ويقطن فيها نحو 50 في المئة من سكان العالم، وتشكل أكثر من 20 في المئة من ناتجه الاقتصادي.
وبلغ حجم التبادل الاقتصادي بين إيران ودول المنظمة نحو 28 مليار دولار خلال السنة المنصرمة من مارس (آذار) 2020-2021، وفق ما نقلت وسائل إعلام إيرانية عن المتحدث باسم الجمارك روح الله لطيفي.
ويشكل التبادل مع الصين نقطة الثقل بإجمالي 18.9 مليار دولار.
“حقبة جديدة”
انعكست العقوبات أزمة اقتصادية حادة في إيران. وشدد رئيسي بعيد انتخابه على أن تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد لن يرتبط حصراً بـ”إرادة الأجانب”.
وإضافة إلى البعد الاقتصادي، تنظر إيران إلى عضويتها في المنظمة من خلال مقاربة سياسية.
وقال رئيسي خلال كلمته “العالم دخل حقبة جديدة. الهيمنة والأحادية إلى زوال. النظام العالمي بدأ شيئاً فشيئاً يتجه نحو التعددية وإعادة توزيع القوى نحو الدول المستقلة”.
وأضاف “العقوبات الأحادية لا تستهدف بلداً واحداً. بات من الواضح خلال الأعوام الماضية أنها تطال الدول المستقلة بشكل أكبر، وخصوصاً الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي”.
وكتب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة عبر “تويتر” ليل الجمعة، إن بلاده ترحب “بحرارة” بقبول عضويتها، معتبراً ذلك “خطوة كبرى نحو علاقات متطورة مع الجيران ومحركاً مهماً لسياستنا الخارجية المرتكزة حول آسيا”.