حرية – (19/9/2021)
خلال زيارته مصر، والتي استمرت 3 أيام من الأسبوع الماضي، التقى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي كبار المسؤولين في القاهرة إضافة إلى شيخ الأزهر ومسؤولين عرب، وكان التأكيد على تفعيل الاتفاقيات الثنائية ودعم العراق وأمنه واستقراره ووحدته، وكذلك جلب الاستثمارات لبلاد الرافدين، محاور تلك اللقاءات.
وبدأت الزيارة يوم الثلاثاء (14 أيلول الجاري)، واختتمت ليلة الجمعة، وتمت بناءً على دعوة رسمية من جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقد سبق ذلك زيارة الأخير مرتين إلى العراق، الأولى لحضور القمة الثلاثية مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والعاهل الأرني عبد الله الثاني في تموز الماضي، وفي الشهر الماضي عندما حضر مؤتمر قمة بغداد للتعاون والشراكة.
وحصل تقارب كبير بين بغداد والقاهرة وعمان، لترتيب فكرة مشروع “الشام الجديد” الذي طرحه الكاظمي ويشمل تعاوناً اقتصادياً بين هذه العواصم وجعلها سوقاً واحدة.
لقاء السيسي: مصر تضع خبرتها في يد العراق
أول لقاء لرئيس البرلمان خلال الزيارة، كان مع السيسي يوم الأربعاء، وأكد خلاله الأخير حرص مصر على استمرار تطوير التعاون مع العراق في جميع المجالات وعلى مختلف الأصعدة سواء على المستوى الثنائي أو الثلاثي بضم الأردن.
وأبدى رئيس جمهورية إحدى أكبر وأهم الدول العربية، استعداد بلاده لنقل خبرة تجربتها التنموية إلى العراق “من أجل تحقيق استقراره واستعادة مكانته التاريخية ودوره العربي والإقليمي الفاعل وترسيخ موقعه في العالم العربي”، وعبّر لمحمد الحلبوسي عن رفض القاهرة لجميع التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية العراقية.
وجاء موقف رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدلوبي مشابهاً لموقف السيسي، إذ أكد أن “مصر تدعم بالكامل تطوير علاقتها مع العراق وفي جميع المجالات”، وقال إن القاهرة بسلطتيها التشريعية والتنفيذية، “تقدمان الشكر والامتنان لمجلس النواب العراقي على دعمه للمشروعات الإنمائية المقرر تنفيذها في العراق وتفعيل التعاون الثنائي”.
في لقاء آخر وغير بعيد عن هذه الملفات، بحث الحلبوسي مع وزير الخارجية المصري سامح شكري “الدور المنوط بالدبلوماسية البرلمانية وأهميتها في تعزيز الأواصر الأخوية والشعبية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين، فضلاً عن تنسيق المواقف حيال قضايا المنطقة، من أجل تدعيم ركائز الاستقرار الإقليمي”.
شركات الأدوية
وفي لقائين منفصلين، أكد رئيس البرلمان المصري حنفي الجبالي، ورئيس مجلس الشيوخ عبد الوهاب عبد الرزاق، دعم مصر التعاون والشراكة مع العراق “وكل ما يسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والتنمية” لبغداد.
وعندما تحدث رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عن سعي مجلسه لإزالة كل العقبات أمام تنفيذ الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، حث رئيس مجلس الشيوخ، عبد الرزاق الشركات المصرية الحكومية والخاصة على الاستثمار في العراق في مجالات الطاقة المتجددة وصناعة الأدوية ومراكز الأبحاث، وتندرج هذه الملفات ضمن الاحتياجات الرئيسة لبلاد الرافدين، كما يؤكد مسؤولوها.
اتفاق على رسالة دعم للعراق: هامشها استثمارات عربية ودولية
وفي مباحثات موسعة، تطرّقت لأوضاع العراق والمستجدات في المنطقة، اتفق الحلبوسي مع رئيس البرلمان العربي عادل عبد الرحمن العسومي على أن يعقد البرلمان العربي، الذي يمثل الهيئة التشريعية لجامعة الدول العربية، إحدى جلساته القادمة في مقر مجلس النواب العراقي في بغداد “كرسالة مهمة تؤكد الدعم العربي للعراق وبحث آليات مساندته على المستويات كافة”.
هامش الجلسة هذه سيشهد، وفق الاتفاق “تنظيم عدد من الفعاليات العربية الاقتصادية على هامش هذه الجلسة، لدعم جذب الاستثمارات العربية والدولية إلى العراق”.
وأكثر العسومي خلال حديثه مع رئيس البرلمان محمد الحلبوسي التأكيدات، وقال إن “البرلمان العربي يدعم استقرار العراق ووحدته وسيادته ويرفض تماماً أية تدخلات إقليمية أو خارجية في شؤونه الداخلية، والعراق دولة محورية ورئيسة في المنطقة العربية وفي المنظومة الإقليمية كلّها، وعودته للحاضنة العربية تمثل أهمية استراتيجية كبيرة للعمل العربي المشترك وإضافة نوعية لصون الأمن القومي للعرب”.
أبو الغيظ يتعهد: الجامعة العربية ستقف دائماً مع العراق وشعبه
ولمّا أكد الحلبوسي، في لقاء منفصل، أهمية التواصل والحوار في تعزيز العلاقات بين العراق والدول العربية وبرلماناتها، أطلق الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيظ تعهداً: “الجامعة ستقف دائماً مع العراق وشعبه، وتحرص على مواكبته في جميع المحطات الهامة، على صعيد تعزيز أمنه واستقراره وتعزيز وحدته الوطنية، وتحقيق طموحات الشعب العراقي في التنمية والازدهار.
وأبدى أبو الغيظ الاستعداد لدعم الانتخابات العراقية المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول المقبل، بفريقٍ من المراقبين المختصين من الأمانة العامة للجامعة العربية.
لقاء مع شيخ الأزهر: مرحباً برئيس برلمان بلدٍ ندرس سيرة علمائه الأفذاذا في كل مناهجنا ومحاضراتنا
إحدى اللقاءات البارزة وربما النادرة بالنسبة لمسؤولين عراقيين، التقى محمد الحلبوسي بأحمد الطيب، شيخ الأزهر الذي يمثل أكبر مرجعية سنية في العالم.
ثمّن رئيس البرلمان للطيب، خلال لقائهما في رحاب مشيخة الأزهر، دوره “الفاعل في ترسيخ وحدة المسلمين على مختلف أطيافهم وسعيه الحثيث في تعميق حوار الأديان ولغة الاعتدال ونبذ التطرف في المنطقة”، وأكد أهمية زيارته القررة إلى العراق في تشرين الثاني المقبل.
في المقابل، رحبّ “الإمام الأكبر” باسمه وباسم الأزهر، علماء وطلاب، بالحلبوسي والوفد الذي معه، وتحدث عن العلاقة بالعراق “أخوة وعروبة وإسلاماً وعلماً”، قائلاً إن “وسيرة علماء العراق الأفذاذ موجودة في كل مناهجنا ومحاضراتنا نظراً لجهودهم العلمية وما قدموه في خدمة علوم الدين واللغة العربية.
وأهدى الحلبوسي لأحمد الطيب درع ملوية سامراء ومعالم بغداد الدينية والحضارية، واستلم منه هدية درع ذاكرة الأزهر “تعبيراً عن العلاقات الأخوية”.
“مصر مفتاح الخليج”
“على المستوى الشعبي قبل السياسي، هنالك حالة من التؤامة بين العراب ومصر، فالشعبين يتجهان لنفس الأهداف والتوجهات ولديهما مشتركات كثيرة منها الإيمان بالوحدة العربية، وهذا الأمر جعل ساسة الدولتين يعلمون على زيادة التقارب”، يقول المحلل السياسي علي البيدر.
ويضيف خلال حديثه له أن التجربة السياسية في العراق قريبة من التجربة المصرية في عهد السياسي، إذ أن هناك الكثير من التحولات المفصلية في كلا البلدين، ومن الممكن أن يستفيد العراق من ما تمتلكه مصر سواءً مواردها البشرية أو مراكز الدراسات في مجالي السياسة والاقتصاد.
والأهم، يقول هذا المحلل السياسي، إن مصر تمتلك كبرى الشركات المختصة بالإعمار وتطوير البنى التحتية والنقل والكهرباء، وزيارة الحلبوسي للقاهرة تعد خطوة أولى لبرمجة الكثير من المشاريع التي جرى الاتفاق عليها بين العاصمتين في السابق، وقد تضع اللمسات الأخيرة لبدء العمل على أرض الواقع.
خلال السنوات القليلة الماضية، تبنت الحكومة المصرية مشاريع كبيرة للبنى التحتية وخاصة الطرق، وأنفقت القاهرة 420 مليار جنيه في هذه المشاريع، فيما تجاوز الاستثمار فيها 950 ملياراً، وفق رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
ويوضح البيدر، أن اختيار الحلبوسي لمصر وما طرحه من ملفات خلال زيارته، كان اختياراً “موفقاً” وهو في عمقه توطيد لعلاقات العراق مع دول الخليج عبر المفتاح المصري، وتمثل بوابة مهمة يمكن أن تمّر بلاد الرافدين من خلالها لآفاق واسعة ومديات بعيدة “وهكذا تنضج التجربة السياسية في بغداد”.
إضافة للجانبين السياسي والاقتصادي، فإن استثمار العلاقة الطيبة مع الجامع الأزهر، إحدى أهم الركائز الإسلامية في العالم، يمكن من خلاله إقناع المكونات العراقية، والمذهب السني خصوصاً، على القيام بخطوات باتجاه المصالحة الوطنية والاجتماعية، يقول الخبير السياسي علي البيدر.
الصحة النيابية: العراق يحتاج شركات الأدوية المصرية
وبالعودة لمسألة حث شركات الأدوية المصرية على الاستثمار والعمل في العراق، والتي كانت محوراً لزيارة الحلبوسي إلى مصر، يؤكد عضو لجنة الصحة النيابية صفاء الغانم، أهمية أن يكون لهذه الشركات دور في العراق.
في 21 نيسان الماضي، انتهت شركة “مالتي فارما” المصرية الرائدة للأدوية، والتي تعمل وكيلاً لشركات أجنبية، من إنشاء مصنع أدوية في السعودية بتكلفة بلغت 127.4 مليون دولار،
“شركات الأدوية المصرية لها باع كبير في المجال الصحي، والعراق يسعى لأن يكون لها دور في تطوير مستشفياته وأن يتبادل الطبيب المصري والعراقي الخبرات”، يقول الغانم
ويلفت إلى إمكانية تطوير معمل أدوية سامراء بالتعاون مع مصر فيما لو قررت وزارة الصحة العراقية ذلك، مبيناً أن هذا العمل، الذي كان من أهم معامل الأدوية في الشرق الأوسط قبل أن يتراجع انتاجه بدرجة كبيرة جراء الأحداث المضطربة التي شهدها العراق بعد 2003، يحتاج إلى إعادة تأهيل وترتيب، ومواد أولية ولوجيستية، ليرفد المستشفيات بالدواء.
وقال عضو لجنة الصحة، صفاء الغانم، في حديث لـه إن “وزارة الصحة يجب ان يكون لها دور كبير في اعادة وتأهيل وترتيب بعض الامور التي يحتاجها معمل ادوية سامراء والتي تساهم بشكل كبير في رفد المستشفيات بالادوية “، مؤكدا على ” ضرورة وضع جزء معين من موازنة العام القادم ترفد لادوية سامراء من مخصصات وزارة الصحة”.