حرية – 5/12/2020
نفى السفير الإيراني لدى العراق إيرج مسجدي، السبت، علاقة بلاده بعرقلة الاستثمار في العراق، فيما أشار إلى أن إيران مستعدة للتعاون مع العراق في مجال المياه.
وقال مسجدي في حوار اجرته معه الوكالة الرسمية العراقية، تابعته “حرية”، (5 كانون الأول 2020)، إنه “من الطبيعي أن تتأثر الدول من تنافس دول الجوار والدول المحيطة والقوى الدولية، وهذا يعود إلى طبيعة لعبة القوة في العالم، ولا يختص بالعراق، فلا تعيش الدول في فراغ ،وإنما تتأثر وتؤثر”، مؤكداً أن “إيران لم تقم بأي عمل في سبيل التأثير السلبي على العراق إطلاقاً، وإنما كانت علاقاتها معها مبنية على حسن الجوار وعلاقات ثنائية تصب في مصلحة الطرفين“.
وأضاف أنه “عندما تقوم دولة من أقصى العالم بغزو الدول المجاورة لإيران وتنتشر قواتها العسكرية في القواعد العسكرية الكائنة في أراضي تلك الدول وتقوم بالتحركات والعمليات العسكرية من دون أن تستأذن أحداً وتنفذ اغتيالات مستهدفة، وعمليات تجسسية، وتحوك مؤامرات، ولا تولي اهتماماً لسيادة الدول واستقلالها ،هل يمكن أن تعتبر مثل هذه الظروف عادية؟، وعندما تقوم دولة تعتبر نفسها من الدول الزعيمة للعالم الإسلامي بصرف الأموال التي جلبتها الرياح لها لأخطر المجموعات الإرهابية في المنطقة ،هل تعتبر مثل هذه الإجراءات عادية وليس لها عواقب؟”، مبيناً أنه “يجب أن تلقى نظرة أكثر عمقاً وتجذراً على أوضاع المنطقة لتدرك أي دول جلبت مواقفها وإجراءاتها انعدام الأمن والدمار والتخلف لدول المنطقة وما هي الدول الغازية ،وما هي الدول التي تقوم بدفاع مشروع؟“.
وفي ما يتعلق بالتهم التي توجه إلى طهران بشكل مستمر بأنها لا تريد أن يكون العراق قوياً وبلداً مستقلاً قال مسجدي إنه “لا يستغرب من هذه التهم”، لافتاً إلى أنها “تصدر من أي دول تنزعج وتتضرر من زيادة تقارب الجمهورية الإسلامية الإيرانية من العراق وزيادة علاقات شعبيهما ونمو حجم التبادل التجاري بينهما“.
وتساءل مسجدي: “من هم الذين زرعوا بذور الفرقة والكراهية بين الشعبين؟ وكيف يمكن لإيران أن ترغب في إضعاف دولة جارة مثل العراق مع كل ما بينهما من مختلف أنواع الأواصر؟! أليست قدرات الجمهورية الإسلامية الإيرانية في خدمة العراق ،وقدرات العراق سنداً لايران؟ مشيراً إلى أنه “حسب المسؤولين العراقيين أنفسهم أن ايران وقفت بكل ما أوتيت من قوة إلى جانب العراق في محاربته لداعش“.
وبين أن” أي دول في تلك الفترة امتنعت عن تزويدكم بالأسلحة والمعدات وأي خدمات قدمتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لكم فيها؟ فإذا كانت إيران تسعى لإضعاف أشقائها العراقيين ،فلماذا وقفت في وجه أعدائهم؟ مشيراً إلى أن “هذه دعايات لنشر الكراهية بين البلدين، وعلى الرغم من ذلك شاهدنا تبلور وحدة الشعبين مراراً وتكراراً ،لأن البلدين جاران تاريخيان ،وهذا واقع لن يتبدل ،وإن أمن العراق واستقراره هو ضمان لأمن إيران واستقرارها، وهذا الأمر هو فوق الأنظمة والأذواق السياسية“.
وفي ما يتعلق بالمياه، قال مسجدي: إن “إيران أعلنت عن كامل استعدادها للتعاون مع العراق في مجال مدّ خط أنبوب المياه العذبة، وبناء السدود وإدارة المياه، والاستخدام الأمثل والآلي للموارد البنائية”، مشيراً إلى أن ” انخفاض نسبة الأمطار ،وأحياناً الجفاف أثر تأثيراً جاداً في انخفاض مياه الأنهار والموارد المائية للبلدين“.
وأوضح أن “طهران تأمل في أن تحصل على إنجازات جيدة في هذا المجال بالتعاون بين البلدين، كما تأمل في أن تتم دراسة جميع ملفات التعاون الاقتصادي الثنائي في اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين في المستقبل القريب، وأن يتم اتخاذ القرارات اللازمة في سياق تقوية العلاقات الاقتصادية وسائر المجالات بشكل يصب في مصلحة البلدين“.
وأكد السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي، السبت، رفض بلاده، قصف السفارات والبعثات الدبلوماسية في العاصمة بغداد، فيما أشار إلى ان بلاده داعمة للحفاظ على وحدة العراق واستقلاله.
وأضاف مسجدي إن “بلاده تعلن صراحة معارضتها وادانتها لاستهداف المقرات الدبلوماسية من أي طرف كان”، مبيناً أن “الأماكن والبعثات الدبلوماسية يجب أن تنشط بحصانة كاملة،وهذا قانون دولي لا يمكن المساس به“.
وأضاف أنه “لم ير رد فعل كبير عندما تمت اعتداءات موجهة من أوساط خاصة على القنصليات العامة للجمهورية الإسلامية الإيرانية في مدن البصرة والنجف الأشرف وكربلاء المقدسة خلال العامين الماضيين ،وكأنها ليست مقرات دبلوماسية وهذا أمر مؤسف”، مشيراً إلى أن “بلاده قالت مراراً وتكراراً إن المعايير المزدوجة تجاه مصطلحات مثل الإرهاب تشبه ريحاً يحصد زارعها العاصفة“.
وتابع، أن “إيران كانت وما زالت داعمة للحفاظ على وحدة أراضي جمهورية العراق واستقلالها وتعارض أي انتهاك للسيادة، والاعتداء على حدودها من أي طرف كان”، لافتاً إلى أن “تاريخ المفاوضات الإيرانية العراقية الطويلة نسبياً بشأن تحديد الحدود البرية والبحرية واضح، بأن تكون لدى البلدين اتفاقيات تاريخية بما فيها اتفاقية العام 1975 وهي أساس التزام طهران“.
وفي وقت سابق اليوم، أجرت وسائل إعلام إيرانية، حوارا مع مسجدي، أكد خلاله بأن “المجموعات والأحزاب التي لها مؤسساتها و تکتلاتها أو مکاتبها وتمثيلياتها ولها قياداتها سواء منها المجموعات السياسية أو ما یُعرف منها بمجموعات المقاومة؛ هذه المجموعات والأحزاب لها علاقاتها الإيجابية بالجمهورية الإسلامية ولا ينکر أحد هذه الحقيقة“.
وأضاف، “لکن سياسات الجمهورية الاسلامية ظلت وماتزال قائمة علی ثلاثة مواضيع، وإن السيد اللواء قاآني هو أيضا يؤکد هذه القضايا والمواضيع: الأولی هي عدم تدخل ايران في شؤون هذه المجموعات، نحن لا نتدخل مطلقا في شؤون هؤلاء لکنهم يرغبون في استشارتنا ومعرفة وجهة نظر الجمهورية الاسلامية والسيد قاآني، کما هم راغبون في أن نعرف آراءهم ووجهات نظرهم، وهذا طبيعي للغاية“.
وأشار إلى أن “القضية الثانية هي تعزيز الحکومة؛ فلا تهدف الجمهورية الاسلامية ولا مباحثات اللواء قاآني إلی إضعاف الحکومة العراقية لاسمح الله، بل علی العکس من ذلك تهدف الجمهورية الاسلامية لتعزيز حکومة العراق والتعاون معها. ويتصدر جدول أعمالنا الالتقاء برئيس الوزراء“.
وتابع، “بعبارة أخری الجمهورية الاسلامية فيما تقدم من مشاورات وما تقوم به من مباحثات إنما ترمي إلی خلق الوئام والتعاون والعلاقات الحميمة بين مختلف الأحزاب، بين الأکراد والشيعة وبين السنة والشيعة وبين الشيعة والآخرين. التشجيع علی الاتحاد والوحدة والتعاون، هذا ما نجده من مطالب داخل ايران واللواء قاآني أيضا يؤکد هذا ويشدد عليه“.
وأكد مسجدي، أن الفصائل المسلحة، تتفق مع رأي إيران بشأن الانسحاب الأميركي من العراق والمنطقة، وفي الوقت الذي أكد فيه أن إيران ليس لها علاقة بالخلافات داخل تلك المجموعات، رأى أن “فصائل المقاومة” لديها مشاكل أيضاً مع الأميركيين بسبب حادثة اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي السابق، أبو مهدي المهندس، وسليماني.
وقال: إن “تيارات المقاومة في العراق مستاءة للغاية من الأمريکيين بعد استشهاد الحاج قاسم سليماني وابومهدي المهندس وتعتبر هذا العمل الإرهابي جريمة کبری في حق الشعب العراقي وفي حق الحشد الشعبي“.
وأضاف، “لهذا فهي مستاءة للغاية ومطالبها واضحة ومعينة.. فالأمر ليس بخفي أنه يتمثل في انسحاب القوات الامريکية من العراق، هذا هو موقف هذه التيارات والفصائل، الجمهورية الاسلامية وموقفها الرسمي الحازم الذي أعلنته مرارا وتکرارا إنما هو المطالبة بانسحاب القوات الأمريکية من المنطقة برمّتها. نحن لا نهدف إلی التدخل في شؤون العراق أو شؤون باقي الدول، هذه هي وجهة نظر الجمهورية الاسلامية“.
ويرى مسجدي، أن “أمن المنطقة يجب أن توفره دول المنطقة، المنطقة التي نقولها تشمل العراق وغير العراق ، لكن ما الذي يحدث وهل ینسحب الأمريكيون أم لا ، وكيف ينسحبون ، هذه کلها تتوقف على حكومات المنطقة”، لافتاً إلى أن “مواقفنا واضحة تماما ، نحن نعتبر وجود القوات الأمريكية مدعاة شرللمنطقة وسببا للتدخل في شؤونها، وسببا لانعدام الأمن فيها، ونعتبر وجود الأمريكيين ذريعة في أيدي الآخرين، هذا هو موقف ايران الرسمي والشفاف وقد أعلنته على الدوام“.
ومحلياً تطرق مسجدي، إلى علاقة الفصائل المسلحة، بإيران، نافياً أن يكون هناك تدخل في الشؤون الداخلية للعراق.
وقال مسجدي: “نحن نوصي جميع التيارات السياسية وجماعات المقاومة والإقليم الكردي بالتكاتف مع حكومة العراق والتعاون وخدمة الشعب العراقي، إذا كانت هناك خلافات في الرأي فيما بينهم، فهذا أمر لا شأن لها بالجمهورية الإسلامية.. دعوني أضرب مثالا ، ألا توجد خلافات في الجماعات السياسية الشيعية نفسها؟ ألا توجد خلافات في المجموعات الكردية؟ ألا توجد خلافات بين الاقليم وبغداد؟ هذه الخلافات أمر طبيعي“.
وأشار إلى أنه “إذا كان البعض يعتقد أننا نثير هذه الخلافات أو على سبيل المثال نؤکد هذه الخلافات بين مجموعات المقاومة ونعززها، فهذا غير صحيح ، فهم أنفسهم أصحاب آراء و ذوو خبرات“.
وتابع، “جماعات المقاومة لديها الكثير من المشاكل مع الأمريكيين، مشكلتهم تکمن في أن الأمريكيين عليهم أن يغادروا هذا البلد، لماذا؟ لأنهم اغتالوا قائدنا أبو مهدي المهندس، لأنهم اغتالوا ضيفنا الحاج قاسم، لأن وجودهم يشكل خطرا علينا، أحيانا تصل جماعات المقاومة رسائل ومعلومات مفادها أن الأمريكيين يرصدون أعضاء المقاومة أو يقومون بتهديدهم ما يؤدي إلی قلق هؤلاء“.