حرية – (5/10 /2021)
قالت صحيفة The Times البريطانية، في تقرير نشرته الجمعة 1 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إنه حين توفي بيتهوفن في عام 1827، ترك وراءه بعض قصاصات ورق عليها نوتات وقِطع من ألحان ما كان يمكن أن يصبح تحفته الأخيرة.
نتيجة لهذا التراث المهم للبشرية، فقد أعاد برنامج ذكاء اصطناعي بناء نصف السيمفونية العاشرة لبيتهوفن بطريقة مقنعة جداً، لدرجة أنَّ الموسيقيين المحترفين والباحثين لم يتمكنوا من تحديد أين توقفت الجمل الموسيقية الأصلية وأين تبدأ المقاطع التي أعدَّها الكمبيوتر.
مسقط رأس بيتهوفن
سيُقدَّم العرض الأول للحركتين في مدينة بون، مسقط رأس بيتهوفن بغرب ألمانيا، في احتفال متأخر بالذكرى الـ250 لميلاده. وهذه هي المرة الأولى التي تعيد فيها خوارزميةٌ بناءَ عمل لمؤلف موسيقى كلاسيكي على هذا النطاق.
يُذكر أن برامج الذكاء الاصطناعي كتبت من قبلُ موسيقى مقبولة خاصة بها، وأنتجت ألحاناً متآلفة لألحان باخ وموزارت، لكنَّ محاولة إنتاج 40 دقيقة كاملة لبيتهوفن من 250 درجة موسيقية متبقية فقط، أمر متفرد.
في المقابل فقد أُطلِقَ المشروع قبل عامين من جانب شركة Deutsche Telekom، وهي شركة اتصالات ألمانية، سعت للحصول على مساعدة خبير التكنولوجيا الموسيقية النمساوي ماتياس رودر.
فريق من علماء الموسيقى
من جانبه كوَّن رودر فريقاً من علماء الموسيقى والملحنين وعلماء الذكاء الاصطناعي والباحثين في موسيقى بيتهوفن؛ لبدء التمعُّن في النوتة الموسيقية الأصلية، التي أصبح بعضها الآن غير مقروء تقريباً.
إذ صمَّم برنامجَ الذكاء الاصطناعي أحمد الجمال، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة روتجرز في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، والذي صمم من قبلُ نظاماً يمكنه محاكاة عمل فنانين أمثال بيكاسو بجودة جيدة جداً تكفي لخداع الخبراء البشريين. وبدأ النظام لاحقاً تطوير أساليبه الخاصة وبِيعَت رسوماته بآلاف الدولارات في المزاد.
من جانبه قال الجمال: “نظراً إلى طبيعة الموسيقى وكونها رياضية ومنظمة جداً، اعتقدتُ منذ البداية أنَّ الذكاء الاصطناعي يمكنه فعل ذلك. وأعتقد أيضاً أنَّ الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على فهم مقدار كبير من الموسيقى فهماً حقيقياً أفضل من الإنسان. البشر رائعون جداً على مستويات معينة، وفي تفاصيل معينة، لكن ليست لديهم القدرة لتجميع البيانات الضخمة”.
أعمال مجمعة
في المقابل بدأ الباحثون بتغذية الذكاء الاصطناعي بأعمال مجمعة لموزارت وهايدن وباخ وكل مؤلفي الموسيقى الآخرين الذين يمكن أن يكون بيتهوفن قد استمع إليهم.
ثم غذَّوه بقطع من بيتهوفن وعلَّموه التبنؤ بما يمكن أن يأتي تالياً. ثم، وبمجرد أن طوَّر نموذجاً دقيقاً لطريقة عمل بيتهوفن، جرى إطلاقه على مخططات سيموفنية بيتهوفن العاشرة.
فيما أعاد الأكاديميون بناء حركتين فقط من الأربع، لأنَّ الاثنتين الأخريين قد أعاد مؤلف موسيقى بشري تصورهما فعلاً، وهو عالم الموسيقى البريطاني باري كوبر، في عام 1988.
من جانبه قال رودر إنَّه سعيد بالنتائج.
في حين قال الجمال إنَّ الأمر لن يستغرق وقتاً طويلاً قبل أن تطور برامج الحاسوب المُدرَّبة على أعمال مؤلفي الموسيقى الكبار أساليب إبداعية متماسكة خاصة بها تضاهي قمة باخ أو بيتهوفن.
في المقابل لا يوجد حتى الآن إلا حديث محدود عن المشروع من جانب نقاد الموسيقى الكلاسيكية في ألمانيا، لكنَّ رودر والجمال متحمسان للاعتراضات من جانب أولئك الذين يشعرون بأنَّ الذكاء الاصطناعي لا شأن له بالتدخل في العمليات الإبداعية لمؤلف موسيقى متوفي.