حرية – (18/11/2021)
يخوض أعضاء الكونغرس نقاشا حول إلغاء التفويض الرئاسي الذي منح الضوء الأخضر للحرب الأميركية في العراق عام 2003، وسط إقبال الديمقراطيين لإبطاله ومعارضة بين صفوف الجمهوريين.
وقد يمهد إلغاء تفويض الحرب في العراق الطريق أمام إنهاء العمل بتفويض آخر يخص أفغانستان، والذي تعرض لانتقادات واسعة بسبب صياغته الخالية من المحددات الجغرافية والجهات التي قد تستهدفها القوات الأميركية في عملياتها العسكرية.
قانون “الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد العراق لعام 2002” أو “2002 AUMF”، منح الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش الابن، التفويض لشن حرب ضد نظام صدام حسين.
واستخدم هذا التفويض مؤخرا في يناير 2020، عندما أمر الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بشن غارة بطائرة مسيرة في العاصمة العراقية، بغداد، أدت إلى مقتل القائد في الحرس الثوري، قاسم سليماني (ونائب رئيس هسئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهنس).
البعض انتقد استخدام التفويض الخاص بالعراق في قتل سليماني، وأن “ترك القانون معلقا قد يشجع سوء استخدامه من قبل الرؤساء المقبلين”، وفقا لما ذكره موقع “أكسيوس”.
الفرق بين التفويضات وإعلان الحرب
وتوفر القوانين الأميركية العديد من الصلاحيات العسكرية للرئيس الأميركي، الذي يعتبر أيضا قائد القوات المسلحة، فالمادة الثانية من الدستور تمنحه تفويضا باستخدام القوة في حالات محددة، بعد الحصول على موافقة الكونغرس.
وتمنح “إعلانات الحرب” (declarations of war) الرئيس الأميركي الاستخدام الكامل وغير المشروط للجيش الأميركي، بشرط الحصول على “تفويض زمني محدد” (specific statutory authorization) من الكونغرس، أو في حال الدفاع عن النفس بعد تعرض البلاد لهجوم وإعلان حال طوارئ.
وكانت الولايات المتحدة قد أصدرت آخر “إعلان للحرب”، عام 1942، ضد رومانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
لكن الكونغرس أقر بعدها عددا من التفويضات التي خرجت عن المألوف الدستوري، والتي تسمح للرئيس الأميركي بشن العمليات العسكرية في حالات محددة، دون الحاجة لموافقة الكونغرس.
وشنت الولايات المتحدة حروبها في فيتنام والخليج وأفغانستان والعراق وفقا لهذه التفويضات.
وبعد أربعة أيام من هجمات 11 سبتمبر عام 2001، أصدر الكونغرس تفويض “AUMF 2001″، الذي سمح لأي رئيس أميركي باستخدام القوة العسكرية وفقا لمحددات وضعها الكونغرس تحت تصنيف “الحرب على الإرهاب”، دون الحاجة لأخذ موافقة مسبقة.
لكن صياغة هذا التفويض، لم تتضمن أي حدود جغرافية، ما سمح بأخذ إجراءات ضد كل من “خططوا أو أذنوا أو ارتكبوا أو ساعدوا” تنظيم القاعدة في شن الهجمات الإرهابية وأولئك الذين “آووا” المهاجمين، وبالتالي مهد لشن الحرب الأميركية على أفغانستان التي احتضنت مقاتلي القاعدة.
وهذه الصياغة “الفضفاضة” ساهمت بشن الولايات المتحدة 41 عملية في 19 دولة، وفقا لما ذكره موقع منظمة “Friends Committee on National Legislation”.
أما تفويض “2002 AUMF”، الخاص بالحرب الأميركية في العراق حدد الصلاحيات المتوفرة للرئيس باستخدام القوات المسلحة بالشكل “الضروري والأنسب” من أجل “الدفاع عن الأمن القومي للولايات المتحدة ضد التهديد المستمر الذي يشكله العراق” و”تنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالعراق”.
تصويت حاسم
ومن المتوقع أن يصوت مجلس الشيوخ، هذا الأسبوع، لإلغاء تفويض “2002 AUMF”، الخاص بالعراق، كجزء من إقرار مشروع قانون تفويض الدفاع السنوي، الذي تبلغ قيمته 768 مليار دولار.
وبعد حوالي 20 عاما، قللت الولايات المتحدة من عدد قواتها في العراق لتصل 2500 من أصل 170 ألفا، وأضحت الحكومة العراقية حليفا مقربا لواشنطن.
المؤيدون
ويسعى الديمقراطيون إلى إعلان نجاحهم في إنهاء حروب أميركا الأبدية، وظهر هذا بشكل واضح عند إعلان الولايات المتحدة الانسحاب من أفغانستان، لتنهي أطول حرب شهدتها على الإطلاق.
ويؤيد الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، قرار إلغاء التفويض الخاص بالعراق، واعترف أن الولايات المتحدة “ليس لديها نشاطات عسكرية تعتمد حصريا على 2002 AUMF وفقا لأساس قانوني محليا”.
ويمكن لإلغاء القانون أن يتيح تفويضا أكثر تحديدا للتحديات الراهنة.
إذ يسعى المشرعون لإلغاء التفويض الخاص بأفغانستان (AUMF 2001)، ويرون أن إلغاء تفويض العراق أولا يعد خطوة ضرورية وأساسية لفعل ذلك.
وقال السيناتور الديمقراطي، تيم كاين، الذي قاد جهود إلغاء تفويض أفغانستان إن أعضاء من لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ يجرون مباحثات مع البيت الأبيض لإلغاء “AUMF 2001” واستبداله.
لكنه أكد أن “الفكرة كانت دائمًا أننا سنلغي تفويضا آخر أولاً”.
ويرى النقاد أن تفويض أفغانستان بمثابة “شيك على بياض” استخدم لشن العمليات العسكرية في العراق واليمن والصومال وليبيا وسوريا والنيجر وجيبوتي وإثيوبيا وأريتيريا وكينيا والفلبين.
من جهته قال السيناتور الديمقراطي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، بوب مينينديز، لأكسيوس: “أعتقد أنه يجب على الكونغرس منح الموافقة لاستخدام القوة، وعند إتمام الغرض منه، يجب أن يقوم بإلغائه لضمان عدم سوء استخدامه”.
وحذر مينينديز من أن إلغاء تفويض أفغانستان “يعد أمرا معقدا”، مضيفا أن تفويض 2001 “لا يتعلق فقط بإلغائه بل باستبداله”.
وشاركه في الموقف السيناتور الجمهوري، راند بول، الذي قال لأكسيوس: “أعتقد أنه سيكون أمرا عظيما أن نتمكن من إلغاء تفويض 2002 (العراق)”، لكنه حذر من أن إلغاء تفويض أفغانستان “سيكون معقدا أكثر”.
من جهته أبدى عضو مجلس الشيوخ الديمقراطي، بين كاردين، اهتماما أكبر بإلغاء تفويض أفغانستان، لأن الرؤساء فسروه “بأنه يسمح لهم بتنفيذ كل يريدونه”، بحسب ما ذكره لأكسيوس.
المعارضون
لكن بعض الجمهوريين يخشى من أن إلغاء تفويض العراق، قد يشجع الميليشيات المدعومة من إيران في البلاد، والتي نفذت هجمات ضد القوات الأميركية المتمركزة هناك.
ونقل موقع “أكسيوس” عن مصادر مقربة لزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، أنه يتوقع إلغاء التفويض، لكنه سيطالب بإبقائه.
من جهته، قال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري، تيد كروز: “أنا أؤمن بقوة في تنفيذ الكونغرس صلاحياته في شن الحروب”.
واستدرك “لكن في الوقت ذاته، بعض الجهود الديمقراطية في هذا المجال تعني منح الضوء الأخضر لإيران ولآية الله (علي خامنئي)، ويحاول ربط أيادي الجيش لمنعه من أي رد عسكري تجاه إيران نووية”.