حرية – (5/12/2021)
انتقد البابا فرنسيس، اليوم السبت، الأنانية القومية في الاتحاد الأوروبي، لما اعتبره غياب التنسيق في مسألة الهجرة، وذلك في مستهل زيارة تاريخية إلى اليونان تهدف إلى تحسين العلاقات المعقدة مع الكنيسة الأرثوذكسية.
أنانية قومية
وقال البابا، إن أوروبا “تمزقها الأنانية القومية” حيال إدارتها أزمة الهجرة، وذلك خلال لقائه نائب رئيسة المفوضية الأوروبية ماغريتيس سخيناس والرئيسة اليونانية كاتيرينا ساكيلاروبولو ورئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس ومسؤولين آخرين.
واعتبر البابا أن المجتمع الأوروبي “يواصل المماطلة”، و”يعاني كما يبدو في بعض الأوقات من العجز وانعدام التنسيق”، بدلاً من أن يكون “محركاً للتضامن” في مسألة الهجرة.
لطالما حمل البابا (84 عاماً) لواء الدفاع عن المهاجرين، وسيتوجه، الأحد، إلى جزيرة ليسبوس التي زارها في 2016 خلال السنوات الأولى لموجة الهجرة.
وزيارته إلى أثينا هي الأولى لحبر أعظم منذ زيارة يوحنا بولس الثاني في 2001 التي بدورها كانت أول رحلة بابوية إلى العاصمة اليونانية منذ انشقاق الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية عام 1054.
وصل البابا قادماً من قبرص بعد زيارة استمرت يومين. وحطت طائرته بعيد الساعة 09,00 ت غ في العاصمة اليونانية، حيث فرضت تدابير أمنية مشددة، تحسباً لتظاهرات يمكن أن يقوم بها متشددون أرثوذكس لا تزال لديهم مشاعر قوية مناهضة للبابا.
وترجل من الطائرة وسط رياح قوية أجبرته على حمل قلنسوته بيده.
وقال في رسالة قبل انطلاقه في الرحلة التي بدأت، الخميس، في قبرص “أتوق للقائكم جميعاً، كلكم، ليس فقط الكاثوليك، جميعكم”. وأضاف “بلقائكم أروي عطشي في ينابيع الأخوة”.
ومن المقرر أن يلتقي ورأس كنيسة اليونان البطريرك يرونيموس، في وقت لاحق السبت، ثم عدداً من أبناء الطائفة الكاثوليكية اليونانية التي تعد 1.2 في المئة فقط من عدد السكان وغالبيتهم من الأرثوذكس.
وقال كاهن رعية كنيسة القديس نيكولاوس في جزيرة تيونس ماركو فوسكولوس للصحافيين في وقت سابق هذا الأسبوع، إن “وجود قداسة البابا في اليونان يعطينا زخماً. يتعين على الكاثوليك في اليونان الاستفادة منه”.
ويعود البابا إلى روما الإثنين.
وحظرت السلطات التظاهر في وسط أثينا، وأعلنت نشر ألفي عنصر من الشرطة لمنع عرقلة محتملة من جانب أرثوذكس متشددين، يحملون الكاثوليك المسؤولية عن انشقاق الكنيسة ونهب القسطنطينية عام 1204 في الحملة الصليبية الرابعة.
وتبادلت الكنيستان الحرم الكنسي بعد الانشقاق، ولم يرفع إلا في 1965.
والعلاقات مع الكنيسة اليونانية أفضل بكثير مقارنة بما كانت عليه قبيل زيارة يوحنا بولس، بحسبما يرى بيار سالمبييه مسؤول الرهبنة اليسوعية الكاثوليكية في اليونان لوكالة الصحافة الفرنسية.
لكنه يضيف أن ما زال هناك “بعض المتشددين المناهضين للكاثوليك المعروفين” في جسم الكنيسة الحاكم.
ووصف أسقف بيرايوس زيارة البابا بأنها “غير أخلاقية” وفق اتحاد الصحافيين الأرثوذكس.
لا للعبودية والتعذيب
وفي قبرص دان البابا فرنسيس، الجمعة، “العبودية” و”التعذيب” في مخيمات اللاجئين، مقارناً ذلك بما حصل خلال الحرب العالمية الثانية.
وقالت الحكومة القبرصية، إن 50 مهاجراً، بينهم كاميرونيان علقا لأشهر في المنطقة العازلة بين شطري العاصمة، سينتقلون إلى إيطاليا بفضل البابا.
ويأمل الحبر الأعظم أن يزور ليسبوس مجدداً، وهي الجزيرة التي كانت صلب أزمة المهاجرين في 2015، “كحاج إلى ينابيع الإنسانية”، للدعوة إلى دمج اللاجئين.
واحترق مخيم موريا المكتظ الذي زاره الحبر الأعظم في 2016، العام الماضي واستبدل بمرفق جديد يموله الاتحاد الأوروبي.
ومخيم مافروفوني الجديد هو ضمن عدد من المرافق “المغلقة” على جزر يونانية تحيط بها أسلاك شائكة وكاميرات مراقبة وأجهزة مسح بأشعة أكس، وبوابات ممغنطة توصد ليلاً.
وعبرت منظمات غير حكومية ومجموعات إغاثة عن القلق إزاء المخيمات الجديدة معتبرة أن حركة تنقل الناس يجب ألا تخضع لقيود.
ووجهت 36 مجموعة ناشطة في اليونان هذا الأسبوع رسالة للبابا، تجذب انتباهه إلى مسألة حق الناس في المخيمات، وتطلب منه المساعدة في وقف إجراءات إعادة المهاجرين، غير القانونية، التي يقوم بها حرس الحدود اليونانيون كما يقال.
ومن المتوقع أن يزور الحبر الأعظم المخيم مع مسؤولين بارزين من اليونان والاتحاد الأوروبي، وسيلتقي عائلتين “يتم اختيارهما عشوائياً”، كما قال مسؤول.
وقالت بيرت، طالبة اللجوء الكاميرونية في المخيم، “ننتظره بأذرع مفتوحة”. وأضافت أنها تأمل من البابا أن “يصلي من أجلنا لمساعدتنا في التغلب على المخاوف التي عشناها”.
والأربعاء، وصل قرابة ثلاثين طالب لجوء قرب المخيم. والجمعة قضى مهاجران في غرق زورق قرب جزيرة كوس اليونانية.