حرية – (19/12/2021)
نجح الشاب الأسترالي ذو الأصول العراقية حسام الصراف في دخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية بتطعيم شجرة بـ10 أنواع من الفاكهة، تنتمي إلى 5 فصائل مختلفة من النباتات.
ولد الصراف في قضاء الحمزة الشرقي بمدينة الديوانية (جنوبي العراق)، وأكمل دراسته هناك، وكان يمثّل شباب مدينته في لعبتي التايكوندو والكاراتيه على مستوى المحافظة واستطاع الحصول على الحزام الأحمر على مستوى العراق، ولكن خوف عائلته على حياته بعد الغزو الأميركي دفعه إلى التقاعد الرياضي المبكر.
وأفاد الصراف -الجزيرة نت- بأنه بدأ مسيرته الجامعية من كلية التربية الأساسية قسم العلوم البيولوجية في جامعة البصرة، ولكنه تركها ليدرس في المعهد التقني الطبي وحصل على شهادة دبلوم بدرجة امتياز في تخصص صحة المجتمع.
ويشير الصراف إلى أنه عمل في العديد من المستشفيات والمراكز الصحية داخل العراق، كما تطوع في منظمة الهلال الأحمر العراقي بمحافظة الديوانية، وانتهت هذه الفترة بتأليفه لكتاب “واقع مدينة، الواقع البيئي والصحي لمدينة الحمزة”، وهو مطبوع ويتألف من 400 صفحة.
حياة المهجر
وقرر الصراف مغادرة العراق أواخر عام 2009 بهدف دراسة الطب وتحقيق حلمه وحلم عائلته، لكن ذلك لم يتحقق بسبب رسوم الدراسة العالية، بحسب قوله.
ويصف الحياة في المهجر بأنها صعبة رغم توفر سبل العيش الكريم واحترام الشخص بغض النظر عن أصوله أو لون بشرته أو معتقده، ولكن تبقى صعوبة الحياة طاغية في ظل ألم الفراق والاشتياق للأهل والأصدقاء والبلد حتى مع وجود وسائل الاتصال المتطورة.
وبعد تركه دراسة الطب، اتجه للدراسة في معهدين في الوقت نفسه، الأول لدراسة هندسة البناء بمعهد كيوبك الأسترالي، وحصل على شهادة الدبلوم بهندسة البناء المعماري، والثاني معهد “إيه بي جي” (ABG) الذي حصل فيه على 3 اختصاصات، دبلوم خدمات المجتمع (مرشد اجتماعي)، ودبلوم في دعم التعليم (مرشد تربوي)، ودبلوم في تعدد الثقافات (مسؤول متعدد الثقافات)، بالإضافة إلى كثير من الدورات التدريبية والتطويرية بعدة مجالات.
ويلفت الصراف إلى أنه عمل في عدة أماكن واختصاصات منها التطوعي ومنها عمل خبرة ومنها تخصصي، وفي الوقت الحالي يعمل مسؤولا متعدد الثقافات في أكبر مشروع في ولاية فيكتوريا الأسترالية لإنشاء مدرسة نموذجية لتدريس ثقافات الشعوب.
مشروع التطعيم
وبدأ حسام ممارسة هواية التطعيم عندما كان في العراق، وبعد وصوله أستراليا قرر تطوير نفسه من خلال التجارب والبحوث وصقل مهاراته في هذا المجال.
ويبيّن أن الفكرة لم تكن جديدة بالأصل، حيث قام خلال 5 سنوات ماضية بتطعيم المئات من الأشجار التي تضم 4 إلى 6 أنواع من الفاكهة، وبيعها في شجرة واحدة في مشروعه “رحلة حسام الصراف الزراعية”، وأغلب الأشجار في حديقته المنزلية هي أشجار متعددة الفواكه.
ويضيف أن الفكرة الجديدة هو زيادة عدد الأنواع في الشجرة الواحدة لتصل إلى أكثر من 10 أنواع من الفواكه، واقترحت عليه سيدة زارت حديقته بالتقديم لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
موسوعة غينيس
ولم تكن رحلة دخول غينيس سهلة كما يوضح الصراف، حيث تطلب ذلك مراحل عديدة ونحو 24 أسبوعا قدم خلالها الأدلة والوثائق الرسمية، وساعده بعض زملاء العمل بعلاقاتهم الشخصية لأجل الوصول إلى ذوي الاختصاص والتواصل معهم.
ويفيد بأن موسوعة غينيس قبلتها على أنها 5 فصائل مختلفة، وهي: الخوخيات، والمشمشيات، واللوز، والكرز، والدراق.
ويوضح الصراف أن أسباب عمله الجاد لكسر الرقم القياسي العالمي في موسوعة غينيس تعود إلى حبه للزراعة وعالم النبات والدور المهم للغاية الذي تلعبه النباتات، وكذلك لترك إرث جميل لأطفاله الثلاثة وطلابه الذين يعمل معهم، وكذلك يرى أن تطعيم الأشجار بفواكه متنوعة يرتبط بتعدد الثقافات.
الدعم المعنوي
ورغم عدم تلقيه أي دعم مادي، لكنه حظي بدعم معنوي كبير، حيث تلقى اتصالات التبريك والتشجيع من كل أنحاء العالم، وحتى أن البعض قد تحمل عناء توفير مترجم في أثناء الاتصال لطرح الأسئلة والمباركة من كثير من دول العالم.
ويتابع حديثه “ناهيك عن نشر الخبر في مواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أن مفتي الهند تحدث عنه وعن الشجرة في خطبة الجمعة في جمع غفير من الناس، كما شهدت حديقتي المنزلية ازدياد الزيارات من كل أنحاء أستراليا، التي كانت تقتصر في السابق على سكان المدينة والمناطق المجاورة”.
وعن خططه المستقبلة، يؤكد الصراف أنه يعتزم كسر 5 أرقام قياسية قادمة ومشاريع زراعية صغيرة في حديقة المنزل، ومنها بعيد المدى وهو مشروع المتحف الزراعي.
غياب التمويل
من جانبه، يقول سكوت هودسون -وهو متقاعد كان يعمل في شركة “إس بي سي آردامونا شيبرتون” لتعليب الفواكه- “تربطني بحسام صداقة زراعية، حيث تعرفت عليه عن طريق صديق مشترك قبل 7 سنوات في أثناء تكريمه من قبل مجلس المدينة المحلي باعتباره المتطوع الأول للمدينة في تلك السنة”.
ويضيف هودسون -للجزيرة نت- أنه كان يزور حديقة الصراف خلال السنوات الثلاث الماضية وشاهد التطور أولا بأول، معربا عن سعادته وتحمسه لهذا الإنجاز الفريد.
ويردف بالقول “لم نكن نتوقع أنه سوف يصل لهذه النتيجة رغم أنه مغامر ويبحث ويدرس مشاريعه قبل تنفيذها، لكن مع هذا كانت النتيجة مفاجئة؛ لأن مناخ مدينتنا ومناخ أستراليا بصورة عامة مناخ متقلب، لذلك نقول عنه مناخ الأربعة فصول في اليوم الواحد”.
وأكد هودسون أن كل أعمال حسام هي جهود ذاتية، ومشروعه الكبير أو ما يسميه “المتحف الزراعي”، هو فريد من نوعه ورائع، وعادة مثل هذه المشاريع تحتاج إلى دعم سواء من الدولة أو المستثمرين، غير أن الصراف تمكن من تحقيق إنجازه بدون دعم من الآخرين.
اهتمامات مبكرة
بدوره، يقول والده زهاء مرتضى الصراف (يعيش في العراق)، إن اهتمامات ابنه حسام بالزراعة بدأت منذ صغره، حيث كان يحب الحديقة المنزلية ويهتم بها وينفذ ما يطلب منه من قبل مدرسي مادة الزراعة في المدرسة.
ويضيف -للجزيرة نت- أن نجله كان يقضي العطلة المدرسية عند الأقرباء الذين يسكنون في مناطق زراعية مليئة ببساتين النخيل والتين والزيتون والفواكه، وفي المدرسة المتوسطة خاض تجربة تطعيم نوع من أنواع التين على نوع آخر بطلب من مدرسه، وقد نجح في ذلك.
ويؤكد أن نجله كان يحدّثهم باستمرار عن حديقته وأنواع الفواكه في أشجاره، ويرسل الصور ومقاطع الفيديو لإنجازاته الزراعية وما ينشر عنه في بلاد المهجر في الصحف والأخبار.المصدر : الجزيرة