حرية – 31/1/2022)
حمزة مصطفى
من بين الصواريخ الثلاثة التي استهدفت منزل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في مسقط رأسه «الكرمة» اختار أحداها السقوط على طفل لم يتعد الثالثة من العمر اسمه: عراق ولقبه الكبيسي. لم يختر عراق اسمه مثلنا جميعا بمن فينا رئيس البرلمان نفسه. الأهل هم من أطلقوا علينا أسماءنا لأسباب نجهلها ومن ثم كررناها على أولادنا لأسباب ودوافع نعرفها نحن بينما يجهلونها هم. من بين العشرات ممن أعرفهم من أصدقائي هناك اثنان اختارا لأبنائهما اسم عراق. أحدهما الصديق الشاعر الشعبي المعروف مكي الربيعي الذي يعيش الآن في «المنكطعة» استراليا، والآخر اسمه إبراهيم عرفناه بكنيته الدائمة أبو عراق. لماذا اثنان فقط من بين عشرات إن لم يكن أكثر ممن قرروا تسمية أبنائهم عراق، وليس حمزة أو طه أو عبد الهادي أو رباح، أو محمد أو حسين أو عبد القادر أوعبدالزهرة أو جعفر أو حسن؟ تقديري أن «عراق» لا يطلق الا طبقا لدلالة معينة تذهب الى ما هو أبعد من الاسم الطبيعي الذي يتم اختياره للطفل، بناء على مجموعة اعتبارات قد لا يبتعد منها عما هو سياسي أو تأثرا بشخصية مشهورة.
في الخمسينات والستينات مثلا اشتهر اسم جمال تيمنا باسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وفي السبعينات والثمانينات إشتهر في العراق من بين المواليد اسم صدام. الأمر نفسه ينطبق على بلدان أخرى، لا سيما البلدان العربية التي غالبا ما ترتبط تسمية الأبناء بحوادث أو مواقف أو شخصيات. كيف نفسر مثلا اسم «ثعبان» لطفل سقط توا من بطن أمه لولا أن ثعبانا كان في البيت لحظة الولادة خصوصا في الأرياف. أتذكر كان لنا جار اسمه «شباط».
من بين كل الخيارات يبقى اختيار عراق مرتبطا بدلالة خاصة قوامها حب الانتماء للعراق من قبل من اختار هذه التسمية لابنه. فقد يكون لإطلاق أسماء المشهورين في حقب معينة إن كانوا سياسيين أو فنانين للأبناء دلالة على طغيان ذلك الاسم، لكن اختيار اسم «عراق» يعني تعبيرا مقصودا عن سبق إصرار وترصد بدافع الحب للوطن وتربته. هل أخطأ صاروخ الكرمة هدفه فاختار العراق كله هدفا له متجسدا في «عراق الكبيسي»؟ لم يخطئ الهدف لكن الهدف «عراق الكبيسي» فضح هدف الصاروخ باختياره العراق كله ممثلا بالعراقي، عراق الكبيسي.