حرية – (19/3/2022)
كشف الجيش الروسي أنّه استهدف مناطق في أوكرانيا بصواريخ فرط صوتية، في ما يرجح أن يكون أول استخدام لها خلال نزاع، ويأتي في خضم سباق بين القوى الكبرى لتطوير هذه الأسلحة التي سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن عدّها “لا تقهر”.
أفادت وزارة الدفاع الروسية عن استخدام صواريخ من طراز “كينجال” فرط الصوتية لتدمير مخزن أسلحة تحت الأرض في غرب أوكرانيا أمس الجمعة.
بدوره، قال الناطق باسم الوزارة إيغور كوناشينكوف إنّه “في 18 آذار، دمّرت منظومة كينجال مع صواريخها البالستية فرط الصوتية مخزناً كبيراً تحت الأرض للصواريخ والذخائر تابعاً لسلاح الجو الأوكراني في بلدة ديلياتين في منطقة إيفانو-فرانكيفسك”.
وتنخرط روسيا راهناً في نزاعين عسكريين، هما غزوها لأوكرانيا منذ 24 شباط، ودعمها المباشر اعتباراً من العام 2015 لقوات الرئيس السوري بشار الأسد في النزاع في بلاده.
وهذه هي المرة الأولى تُعلن فيها موسكو اللجوء لصواريخ كهذه في نزاع عسكري، بعدما سبق لها استخدامها في عدّد من المناورات الحربية اعتباراً من العام 2018 حين سجّل أول اختبار ناجح لها.
في الإطار، قال فاسيلي كاتشين، المحلل العسكري ومدير مركز أبحاث كلية الاقتصاد العليا في موسكو، لوكالة “فرانس برس” إنّه “من المحتمل أنّ (روسيا) أرادت استخدام كينجال في ظروف القتال”، مضيفاً: “هذه سابقة عالمية”.
تؤكّد موسكو أنّ هذا الصاروخ قادر على تفادي أنظمة الدفاع الجوي نظراً لسرعته التي قد تبلغ “ماخ 10″، أي نحو 12 ألف كلم/ساعة. كما تشدّد على أنّ قدرة التحكم به تمنحه هامش مناورة وتجعل اعتراضه من قبل الدفاعات الجوية أمراً بالغ الصعوبة، على رغم أنّ خبراء عسكريين غربيين يرون أنّ روسيا قد تبالغ في بعض هذه القدرات.
“إخافة الجميع”
يعكس الهدف الذي اختارته وزارة الدفاع الروسية في الاستخدام الأول لـ”كينجال” (“خنجر” بالروسية)، أي مخزن تحت الأرض، رغبة في إظهار القدرات العملية لهذه الصواريخ.
أوضح كاتشين أنّه “يصعب تدمير منشآت كهذه بالصواريخ التقليدية. الصاروخ فرط الصوتي يتمتع بقدرة اختراق وقدرة تدميرية أهمّ بفضل سرعته الفائقة”.
من جهته، اعتبر الخبير العسكري الروسي بافيل فلغنهاور أنّ استخدام “كينجال” لا يمنح روسيا تفوّقاً استراتيجياً في أوكرانيا، بقدر ما يعزز العامل النفسي والثقة الناتجة عن دفع موسكو بأحد أبرز انتاجاتها ذات القوة التدميرية إلى المعركة.
وقال: “هذا الأمر لا يغيّر في عمق الواقع الميداني، لكن له تأثير بالتأكيد في مجال الدعاية النفسية لإخافة الجميع”.
تنتمي صواريخ “كينجال” البالستية فرط الصوتية وصواريخ كروز من نوع “زيركون” لعائلة جديدة من الأسلحة طورتها روسيا ويعدّها بوتين “لا تقهر”.
تبقى درة تاج الجيش الروسي في هذا المجال، المركبة الانزلاقية فرط الصوتية “أفانغارد”، القادرة على حمل رأس نووي والتحليق بسرعة 33 ألف كلم/ساعة، وتغيير مسارها وارتفاعها بشكل غير متوقع، ما يجعل اعتراضها من صواريخ الدفاع الجوي شبه مستحيل.
سباق تسلّح
أجريت تجارب ناجحة على صواريخ “كينجال” العام 2018، أصابت خلالها كلّ أهدافها على مسافة ما بين ألف وألفي كلم، بحسب وزارة الدفاع الروسية. إلّا أنّه يمكن لهذا المدى أن يتضاعف نظراً للقدرة على تجهيز طائرات حربية من طراز “ميغ-31” بهذه الصواريخ.
طورت روسيا هذه الصواريخ لتمتلك أسلحة قادرة على الافلات من أنظمة الدفاعات الجوية مثل الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في أوروبا.
يأتي استخدامها في أوكرانيا، في وقت يبدو أنّ الجيش الروسي لم يحكم بعد سيطرته على مجالها الجوي، إذ لا تزال دفاعات كييف الأرضية قادرة على إلحاق أضرار بسلاح الجو التابع لموسكو.
يُذكر أنّ روسيا هي أول دولة في العالم عملت على تطوير صواريخ فرط صوتية. وشكّل هذا المجال موضع فخر لبوتين الذي ما انفكّ يعتبر أنّ حيازة بلاده لهذا النوع من الأسلحة، يدلّ على تفوّقها العسكري.
بعدما أدخلت روسيا هذه الصواريخ مجال الاختبارات الجدية، قامت قوى كبرى أخرى بتسريع تطوير برامجها الخاصة، ما أدّى إلى سباق تسلّح في مجال الصواريخ فرط الصوتية.
في السياق، أكّدت كوريا الشمالية تطوير صواريخ كهذه واختبارها، مثلها مثل الصين التي باغتت العالم قبل أشهر مع الكشف عن إطلاقها مركبة انزلاقية فرط صوتية قامت بدورة حول الأرض بسرعة ستة آلاف كلم/س، وأطلقت مقذوفاً أثناء تحليقها.
شدّد كاتشين على أنّ الروس هم “أول من يستخدم هذه الأسلحة. الصينيون قاموا بذلك أيضاً منذ مدة. إلّا أنّ الولايات المتحدة لا تملك سلاحاً كهذا إلى الآن”.