حرية – (23/3/2022)
شهد العالم قفزات كبيرة في أسعار المواد الغذائية خلال الشهرين الماضيين، أصبح الغذاء أغلى بنسبة 20 في المائة عما كان عليه قبل عام، مع ارتفاع الأسعار بنسبة 4 في المائة منذ كانون الثاني من هذا العام.
العراق ليس بعيداً عن الأزمة
في العراق بلغ معدل التضخم السنوي 6.5٪ في كانون الثاني مانسبته 5.3 بالمئة، ومن المتوقع ان يرتفع اكثر خلال إحصائية شهر شباط بعد ارتفاع كبير بأسعار المواد الغذائية.
وحسب وزارة التخطيط فان المواد الغذائية الاساسية تعتبر من العناصر المؤثرة في قياسات سعر المستهلك الذي يعتبر المعيار في قياس نسب التضخم من قبل الجهاز المركزي للإحصاء.
وهو ما أكده المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح ، ان تاثير المواد الغذائية في التضخم يشكل ما بين 33 الى 35 بالمئة أي ما يعادل الثلث.
حرب اوكرانيا
عالميا تسببت مجموعة متنوعة من العوامل في هذه الزيادات في الأسعار، بما في ذلك ارتفاع تكاليف النقل، وتعطل سلسلة التوريد، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مثل الذرة والقمح.
وجاءت الحرب في أوكرانيا لتزيد الطين بلة وترفع أسعار المواد الغذائية الاساسية كالحنطة والزيوت النباتية من جديد ولم يكن العراق بمنأى عن هذه الزيادة.
وتمثل أوكرانيا وروسيا حوالي 10 في المائة و20 في المائة، على التوالي، من إنتاج القمح العالمي، ويأتي ما يقرب من 30 في المائة من جميع صادرات القمح من هذين البلدين، ويتم استيراد معظم هذا القمح من قبل دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبالرغم من العراق ليس من الدول التي تستورد الحنطة من هاتين الدولتين إلا أنه تأثر من ارتفاع الأسعار نتيجة رفع الدول المصدر لهذا المحصول، ويستورد العراق ما يحتاجه من الحنطة من استراليا وأمريكا وكندا.
أزمة مال- قمحية
حذرت وزارة الزراعة العراقية في تشرين الثاني الماضي، من أزمة حقيقية في إنتاج القمح (الحنطة) في البلاد، مع وصول عجز الإنتاج المحلي إلى مليوني طن خلال العام الجاري، بسبب أزمة نقص المياه، وعدم وجود دعم للأسمدة في الموازنة العامة للبلاد.
ارتفعت العقود الآجلة للقمح في معاملات يوم الأربعاء بنسبة 1.7% لتصل إلى 11.38 دولارات 1/4 للبوشل، بعد أن قفزت بنسبة 5.2% في اليوم السابق.
البوشل يساوي 60 رطل = 27.218 كيلو من القمح
لا تعني الزيادة الكبيرة في سعر القمح زيادة كبيرة في سعر الخبز في بعض دول العالم مثل كندا والولايات المتحدة، وذلك لأن متوسط نصيب المزارع مقابل كل دولار ينفقه على رغيف الخبز هو أربعة سنتات.
في المقابل، هناك علاقة قوية بين سعر القمح وسعر الخبز في البلدان النامية، حيث يمكن أن تكون حصة المزارعين من الدولار الغذائي قريبة من 50 في المائة، وبالتالي سيكون للزيادات في أسعار القمح تأثير كبير على السعر المدفوع للمنتجات القائمة على القمح.
سيعتمد التأثير النسبي لأي زيادة في أسعار المواد الغذائية أيضًا على حصة الدخل التي يتم إنفاقها على الغذاء، على الرغم من ارتفاع اسعار النفط عالميا والذي يشكل بالنسبة للعراق اهم مصادر موازنته العامة الا ان ذلك لم يتبعه اي زيادة في حصة الدخل للمواطن الا في حالات قليلة جاءت من الحكومة لدعم شرائح بأموال قليلة ولفترة معينة وهي غير كافية بالطبع لسد حاجته في ظل أسعار المواد الغذائية الكبيرة في الأسواق.
الغذاء مقابل أنشطة ترفيهية
وحسب موقع “expatistan” العالمي الذي يعنى بتصنيف دول العالم، فان الاسرة العراقية المتوسطة تنفق 37 بالمئة من دخلها على الغذاء، وبالطبع فإن الزيادات في أسعار المواد الغذائية ستؤدي إلى التخلص من الدخل الناتج عن أشياء مثل الأنشطة الترفيهية.
ويقول الخبير الاقتصادي محمد الحسني في حديث لوكالة شفق نيوز “الأسر الفقيرة في العراق سيكون ما تنفقه على الغذاء سيتجاوز 40 بالمئة من حصة الدخل التي تحصل عليه، وبالتالي ستكون العواقب المالية لهؤلاء المستهلكين كبيرة بالنظر إلى النسبة المرتفعة نسبيًا من الدخل الذي يتم إنفاقه على الطعام، والخبز على وجه الخصوص”.
واضاف ان “هذه الطبقة سيكون لها مساحة أقل لتحويل الدخل من النفقات الأخرى، وخاصة ان معظم هؤلاء من الطبقة الفقيرة مستأجرة للدور السكنية، اضافة الى ما يدفعونه من اموال للحصول على الطاقة وغيرها من النفقات الضرورية الاخرى”.
واشار الى ان “ما اعلنت عنه الحكومة من دعم لهذه الشرائح هو لا يكاد يسد 5 بالمئة من حاجاتها الاساسية، وبالتالي فان هذه الطبقة التي بدأت تزداد وتتسع في العراق لن ينتشلها من واقعها المرير الذي تعيشه”.