حرية – (24/4/2022)
حذّرت وزارة الموارد المائية من تعرض بحيرة الرزازة بمحافظة كربلاء إلى خطر الجفاف، فيما أشارت إلى عدم قدرتها على رفدها بالحصص المائية الكافية بسبب الشح والجفاف الذي تعانيه البلاد.
وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة علي راضي في تصريح للصحيفة الرسمية (24 نيسان 2022)، إن “بحيرة الرزازة بدأت تعاني من الجفاف وتملح مياهها، ما تسبب بنفوق أعداد كبيرة من أسماكها”، مرجعاً عدم مد الوزارة لها بالمياه منذ سنوات إلى “مواسم الجفاف المتتالية في البلاد، وقلة الحصص المائية الواردة من دول الجوار وقطعها للأنهر المشتركة مع العراق”.
وبين أن “تغذيتها بالمياه سابقاً، كانت لا تتم إلا في حالة فيضان نهر الفرات أو في حال ارتفاع مناسيب بحيرة الحبانية بشكل كبير خلال موسم الوفرة المائية”، كاشفاً عن أن “الوزارة كانت قد أعدت خطة لإحيائها، بيد أن الشح المائي، أوقفها”.
وحول المشكلات التي تعانيها البحيرة، بين راضي أن “أهمها هو شح الحصص المائية المجهزة لها، والتغيرات المناخية من احتباس الأمطار، وتعرضها للتلوث بسبب تحويل مياه الصرف الصحي إليها، إضافة إلى التوسع الكبير بحفر الآبار الارتوازية العشوائية بالمناطق المحيطة بها ووصل عددها إلى 1000، علاوة على التوسع بزراعة الأراضي باستخدام نظم الري القديمة، ما أدى إلى انحسار المياه الواصلة لها”.
وتحدثت الوزارة في وقت سابق، عن انخفاض منسوب المياه في بحيرة ساوة.
وقالت خلية الإعلام الحكومي في بيان (22 نيسان 2022)، إنه “تأكيدات الوزارة إذ أن بحيرة ساوة تعد منطقة تصريف للمياه الجوفية، وأن العديد من المستثمرين في الأراضي الزراعية أدخلوا منظومات ري غير مجازة، كما أقدم عدد من الحفارين غير العراقيين بالحفر العشوائي من دون أخذ الموافقات الرسمية من الهيئة العامة للمياة الجوفية، ولم يلتزموا بتعليمات حفر الآبار المائية من حيث المسافة بين الآبار وكمية الضخ، حيث رصد أكثر من (1000) بئر متجاوزة منصوب عليها مضخات تعمل بإنتاجيات عالية تصل إلى (25لتر/ ثا).
وأوضحت أن “المزارعين هناك استخدموا الري التقليدي (السيح)، وامتصوا كميات وفيرة من الآبار التي تقع في مسار التغذية لبحيرة ساوة”، مشيرة إلى أن التغيرات المناخية التي يمر فيها العراق من ارتفاع درجات الحرارة، وقلة الأمطار كانت سببا آخر في انخفاض مناسيب مياه البحيرة”.
وأكدت “عدم تأييدها الاستثمار الزراعي بهذه المساحات الكبيرة؛ وذلك لمحدودية الخزين الجوفي، مؤكدة أن هدفها هو الحفاظ على هذا الخزين الستراتيجي المهم وحسب الأولويات لأغراض الشرب وعدم استخدامه بزراعة الأراضي وبمساحات كبيرة”.
وكشفت الهيئة العامة للمياه الجوفية، في وقت سابق، أسباب جفاف بحيرة ساوة بمحافظة المثنى، مستبعدة امكانية إعادة البحيرة الى سابق عدها خلال الوقت الراهن، فيما أكدت ان الطبقة الاولى للمياه الجوفية قد نضبت تماماً.
وذكر معاون مدير الهيئة أحمد ناظم كوير، في حديث للقناة الرسمية، (18 نيسان 2022)، أن “بحيرة ساوة تعتبر مسطح مائيا مغلقا ضحلا، والمصدر الرئيسي للبحيرة هو المياه الجوفية وتصعد المياه الجوفية للبحيرة عن طريق الفوالق والتكسرات أسفل البحيرة مثل فالق أبو جير وفالق السماوة”.
وأضاف أنه “في عام 2014 عندما أُعلنت محافظة المثنى عاصمة الزراعة العراقية، اتجهت دوائر الزراعة إلى منح أراضٍ زراعية، وعقود حيث تم حفر أكثر من ألف بئر خلال هذه السنين، وحصل تجاوز دون موافقة الهيئة العامة للمياه الجوفية، وهذه الآبار تعمل عليها مضخات بإنتاجية عالية وتستخدم طرق تقليدية بالزراعة”.
وأشار إلى أنه “من خلال مراقبة الآبار الموزعة في كافة المحافظة شاهدنا هبوطا كبيرا في مناسيب المياه الجوفية، وتعتبر بحيرة ساوة هي منطقة لتصريف المياه الجوفية وتتغذى عن طريق المياه الجوفية التي تتحرك من المناطق الغربية باتجاه الشرقية، والتي هي في اقصى شرق بادية السماوة، فلذلك مواقع هذه الابار سحبت كل المياه الجوفية مما ساهمت بمنع وصول المياه إلى بحيرة ساوة”.
وبين أن “وزارة الموارد المائية قامت بحملة لإزالة التجاوزات على المياه الجوفية من خلال تحديد الآبار المتجاوزة” موضحاً أنه “تم تحديد عدد الآبار المتجاوزة وكذلك إقامة دعاوى قضائية ضد أصحابها، لكن في المقابل، إجراءات الحكومة المحلية لم تكن بالمستوى المطلوب”.
وأوضح أن “الحكومة المحلية تبرر تلك التجاوزات على أنها دعم للقطاع الزراعي، وأن المحافظة منكوبة وتحتاج إلى مصدر لأغراض الاستثمار وتشغيل الايادي العاملة”.
وتابع كوير أنه “في الوقت الحالي من الصعب إعادة بحيرة ساوة كما كانت، فهناك أكثر من ألف و300 بئر تم رصدها، ويجب غلقها لإعادة المياه وليس لاستعادة بحيرة ساوة، هناك هبوط في المياه الجوفية من 20 إلى 6 متر وهو هبوط كبير”.
وأكد أنه “خلال 3 سنوات الأخيرة لا توجد أمطار أو تغذية للمياه الجوفية، حيث تم سحب الخزين المائي للمياه الجوفية وبدأت الطبقة الاولى بالنضب، وبدأت الأجهزة الأهلية تحفر بأعماق للتجاوز على الطبقة الثانية التي هي المصدر الثاني للمياه”.
وأوضح الخبير المائي تحسين الموسوي، الأسباب التي أدت إلى جفاف بحيرة ساوة الواقعة غربي محافظة المثنى، مشيرا إلى انها بدأت بالاحتضار منذ عقد من الزمن.
تعد بحيرة ساوة التي يبلغ طولها 4.47 كيلومترات وعرضها 1.77 كيلومتر، من البحيرات المغلقة، وليس فيها مصادر مياه من الأنهر، فهي تتزود من المياه الجوفية وتتغذى بالدرجة الاساس على الترشيحات من نهر الفرات، فهي بحيرة ملحية طبيعية، وتعتمد على العيون وما يتدفق من الشقوق في أسفلها، وتحتوي على نسبة عالية من كبريتات الكالسيوم، ولا يوجد فيها تنوع احيائي، بل نوع واحد من الأسماك، وتتواجد فيها نسبة عالية من الطيور.
وقال الموسوي (11 آذار 2022)، إن “ما حصل لبحيرة ساوة غير مفاجئ، فان التغير المناخي العالمي، وما حصل قبل عقد من الزمن بانحراف الكرة الارضية وما تحدث به العلماء عن نسبة الجاف القادم، كان لنهر الفرات الضرر الأكبر، حيث كانت الاطلاقات بعد عام 1998 تأتي من تركيا على نهر الفرات بعد الاتفاقية الثلاثية، حيث كان 500 متر مكعب في الثانية وهذا ما فرضه البنك الدولي”.
وأضاف، “لكن بعد عام 2003 تغيرت الظروف، وبعد الأزمة السورية ازداد الامر سوءا، حيث ان نسبة الـ500 متر المكعب التي كانت تغذي نهر الفرات او المتكون منها نهر الفرات كانت حصة الجانب العراقي 58%، لكن للأسف الشديد في الوقت الحالي انخفضت إلى أقل من 170 إلى 160 متر مكعب، فالفرات في سوريا يعاني ويحتضر”.
وتابع الخبير المائي، ان “هذا يؤثر على المياه الجوفية خاصة بعد الاستخدامات الكبيرة في باديات السماوة وكربلاء والأنبار، فقد تم استخدام المياه بصورة كثيرة وبصورة عشوائية، وهذا يعود إلى سوء الادارة وعلى التراكمات لما بعد عام 2003”.
وأشار الموسوي، إلى ان “منطقة الاهوار التي بحدود 20 ألف كيلو متر مربع تهدد الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة، فهي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، ويتواجد فيها تنوع احيائي، فهي تؤثر على مسألة ارتفاع درجات الحرارة وانبعاث ثنائي أكسيد الكربونن وهنا تكمن الخطورة، فمن الممكن ان يكون التأثير الأكبر ناتج عن عدم تغذية الأهوار”.
وأكمل، انه “كان على وزارة الموارد المائية ولجنة الثقافة الاهتمام بها، حيث انها تعد معلما تاريخيا وادرجت على لائحة التراث العالمي”.
ويرى خبراء أن الأمل الوحيد في استعادة تلك البحيرة رونقها، هو صعود منسوب المياه، وتحسن المناخ عالمياً، ما ينعكس إيجاباً على الأنهار العراقية.
يشار إلى بحيرة ساوة ذكرها المؤرخون والرواة كثيراً، فهي تمتاز بغرابة في مياهها إذا ما سحبت خارج البحيرة، تتحول إلى أحجار كلسية وكأنها ترفض مغادرة رحم البحيرة الأم، تماما مثل بعض الحيوانات الحية التي تعوض ما يقتطع من أجسادها، فإن ساوه تعوض الأماكن التي تتهدم من سياجها الكلسي بتكلسات جديدة، ومن دون أن يتدخل الإنسان في ذلك، وهو ما لا يمكن لأي بحيرة أو نهر أو لكثير من الكائنات الحية القيام به كما تفعل (ساوة)، ومن هنا تجيء قناعة من يطالب بإضافتها كأعجوبة ثامنة تضاف إلى أعاجيب العالم السبع.
كما أن مياهها لا تشبه مياه البحيرات ولا المياه العذبة، ومنذ أزمان عرف أنها تداوي الأمراض الجلدية لوجود تركيبة كيميائية يكثر الكبريت فيها، وعلى جوانبها العديد من الكهوف التي لم تكشف خفاياها، وفي فترة من الفترات أقامت دوائر السياحة في العراق منشآت وبيوتاً وكازينوهات لهواة المناطق الطبيعية البعيدة عن تدخل التكنلوجيا أو يد الإنسان، للتمتع بسحرها الفطري.