حرية – (1/5/2022)
يستعرض الخياطون مهاراتهم على المجسمات في الواجهات الزجاجية لملابس لا ملاك لها
عندما تنظر إلى الواجهة الزجاجية لمحلات الخياطة النسائية القديمة في السعودية، فسترى بلا شك مجسم عرض الملابس يرتدي فستاناً ذا طراز قديم قد لا نرى من يرتديه على أرض الواقع، باذخاً وفارهاً وفق معايير عصره.
يتوارد إلى الذهن تساؤل عن ملكية هذه الفساتين، هل تم التخلي عنها من قبل أصحابها ليلة العيد؟ أم أنها نماذج عرض صنعها الخياطون لغرض التسويق؟
أعياد مهجورة
غالباً ما تتضمن فواتير الخياطين شرط إخلاء المسؤولية إذا انقضت المدة المحددة ولم يعد الزبون لاستلام قطعته، ويملك الخياط كامل الحرية في التصرف بها، ويعتقد البعض أن الخياط يتخلص فوراً من الملابس التي يتركها أصحابها لديه ولا يعودون لأخذها.
إلا أن هذه الفساتين تستدعي ملّاكها في أي وقت، فبحسب نور الإسلام، وهو خياط في إحدى أسواق الرياض القديمة، فإن الزبائن كثيراً ما يفاجئونه بالعودة بعد سنوات لاستلامها، لكن في حال رفض الزبون استلامها فيقوم بدوره بالتصدق بها إلى المحتاجين بعد عرض ما تيسر منها على واجهة المحل.
وحول أسباب تخلي الزبائن عن ملابسهم، يجيب نور الإسلام “لا أعرف، كثير منهم لا يبدي أسباباً واضحة، لكن غالباً يكون السبب أنها لم تنل إعجابهم أو اقتنوا بديلاً جاهزاً”.
استعراض مهارات
هناك أسباب أخرى، يسوقها بعض الخياطين، إذ يعمد أصحاب الواجهات الزجاجية والنوافذ الصغيرة إلى التسويق ولفت النظر من طريق عرض الغرائب من التصاميم في محلاتهم.
إذ يؤكد حبيب، وهو خياط آخر في العاصمة “أنا وزميلي في المحل نركز على تصاميم تجتمع فيها تقنيات خياطه مختلفة فقط للتوضيح للزبون مدى إتقاننا للعمل” بغض النظر عن عصرية التصميم.
إلا أن خطة حبيب ورفيقه لا تنجح دائماً، فبحسب نورة سعد، وهي زبونة التقينا بها أمام إحدى تلك المحلات، فإن تفضيلاتها لم تتأثر يوماً بالنظر لتلك المجسمات المعروضة وما عليها من ملابس ذات طراز قديم، إذ تحضر تصاميمها معها إلى خياط تعرف عمله جيداً من تجارب سابقة.
الخياطون والمشاغل النسائية
وعن سبب شيوع التصميم الكلاسيكي على تلك المعروضات، يبرر خياط آخر يدعى جلال ذلك بأن غالبية زبائنة قبل سنوات كن من فئة كبيرات السن، يطلبن تصاميم ذات طابع واحد، أو تعديلاً على لباس ما كالتقصير أو إضافة قطعة إليه، وهو ما أثر في ذائقة واجهات المحلات.
لكن جلال لاحظ في السنوات القليلة الماضية حضور شريحة جديدة حولت متاجرهم من محلات للتعديل إلى محطات تصنيع كميات كبيرة لصالح مصممات ينشطن في بيع الجلابيات الرمضانية والعبايات العصرية.
تطغى التصاميم القديمة على الملابس المعروضة في محلات الخياطة
سقنا ذلك إلى المصممات اللواتي تحدث عنهن جلال، الهنوف وهي مصممة شابة شرحت سبب اتجاهها وقريناتها إلى محلات الخياطة التقليدية، “محلات التصميم الخاصة والمشاغل النسائية تستغرق وقتاً أطول، وذلك يؤثر في مبيعاتي”، وهناك سبب آخر “الثمن، الخياطون التقليديون يعدون أفضل بكثير مما تطلبه تلك المراكز”.
المناسبات الموسمية
لمتاجر الخياطة مواسم يحصل فيها زحام شديد، يجتمع مع ضيق الوقت وتكدس عدد كبير من الطلبات، كما هي الحال في هذه الأيام، فما هي أبرز مواسم الخياطين؟
يقول جلال بأن أصعبها هو “فصل الشتاء“، حين تكثر الطلبات على “الفروة” التي تصنع من الصوف والفرو والأقمشة الثقيلة التي تتطلب وقتاً طويلاً في التفصيل، وهي عباءة شتوية يرتديها الرجال والنساء للتدفئة وتكون ذات مظهر جذاب.
وهناك مواسم أخرى، منها “الأعياد، ومن ثم موسم الأعراس الذي يصادف نهاية موسم الأعياد في الغالب، لاكتظاظ الأيام التي تلي العيد بمناسبات الزواج”. ويراعي الخياط جلال أخذ عدد أقل من الطلبات لكون فساتين الأعراس تستغرق وقتاً طويلاً للإنجاز.
تتزين المجسمات بملابس النساء اللواتي تركنها عند الخياط
أما في بداية العام الدراسي، يقول جلال “بعض الأمهات يتوجهن لخياطة الزي المدرسي بدلاً من شرائه جاهزاً من المحلات التجارية، لاهتمام الأمهات بتميز بناتهن بزي مختلف، لكنه يعد أقل المواسم تكدساً”.
ثم يأتي موسم الاحتفال بالتخرج تتعاقد بعض المدارس مع متاجر الخياطة لإنجاز رداء التخرج لدفعة كاملة، أما بالنسبة إلى طالبات الجامعة، فيذكر جلال أنه يتلقى طلبات تعديل على رداء التخرج.
أما بالنسبة إلى المصممات فمواسمهن مختلفة مع الخياطين، حيث ذكرت الهنوف أنها تعد مجموعة أزياء لكل فصل من السنة وتركز على فصل الشتاء، لكونه يتطلب تفاصيل أكثر من الخياط، وفي فصل الصيف تركز على طلب موديلات ذات أقمشه أخف وأقل تفاصيل، مقارنة مع فصل الشتاء، وتستمر في تصميم مجموعات الأزياء في أوقات متفرقة من السنة.