حرية – (17/5/2022)
تسعى الأمم المتحدة للتدخل لإنهاء الحصار الروسي المفروض على صادرات الحبوب الأوكرانية من البحر الأسود وذلك بهدف تجنب أزمة غذاء عالمية، وفقًا لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وذكرت الصحيفة الأميركية في تقرير حصري لها نقلا عن دبلوماسيين لم تسمهم، أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يسعى إلى إبرام صفقة “عالية المخاطر” مع روسيا وتركيا ودول أخرى لفتح صادرات الغذاء الأوكرانية إلى الأسواق العالمية وتجنب أي نقص محتمل في الغذاء.
وألمح غوتيريش إلى المفاوضات، الأربعاء، في فيينا عندما قال: “نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لإعادة إنتاج الغذاء في أوكرانيا وإنتاج الأغذية والأسمدة من روسيا إلى الأسواق العالمية على الرغم من الحرب”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، زار موسكو وكييف والعاصمة التركية أنقرة في أبريل لمناقشة قضايا الحرب والأمن الغذائي من بين موضوعات أخرى.
وأغلقت روسيا موانئ أوكرانيا على البحر الأسود لإضعاف البلاد وغزو سواحلها. وطلب غوتيريش من موسكو السماح ببعض شحنات الحبوب الأوكرانية مقابل تحركات لتسهيل الصادرات الروسية والبيلاروسية من أسمدة البوتاس.
تعتبر روسيا وبيلاروسيا من الموردين الرئيسيين لسماد البوتاس، وهي مادة مغذية للنبات يمكن أن تضمن محاصيل جيدة في مناطق أخرى من العالم.
وتعد صادرات البوتاس البيلاروسي محظورة حاليا في الأسواق العالمية بموجب العقوبات الغربية. كما أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعطيل بعض الصادرات الروسية، ويسعى غوتيريش إلى إزالة تلك العقبات – بما في ذلك العقوبات الغربية – لإعادة المزيد من البوتاس الروسي والبيلاروسي إلى السوق.
كواحدة من أكبر مصدري الحبوب، صدرت أوكرانيا 41.5 مليون طن متري من الذرة والقمح في موسم 2020-2021، وتم شحن أكثر من 95 بالمئة من صادراتها عبر البحر الأسود، وفقا لـ “ماكسيغرين”، وهي شركة وسيطة لشحن صادرات الحبوب الأوكرانية.
وشكلت روسيا عقبة كبيرة في صادرات الغذاء من أوكرانيا بما في ذلك الحبوب، حيث وسعت موسكو وجودها في البحر الأسود، مستفيدة من قاعدة تقع بشبه جزيرة القرم التي ضمها الكرملين عام 2014، واستولت أيضا على مدينة ماريوبول الساحلية خلال الأسابيع الأخيرة وحاصرت مدينة أوديسا التي تضم أكبر ميناء في أوكرانيا.
وقال الدبلوماسيون لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن روسيا لا يبدو في الوقت الحالي منخرطة في مفاوضات جادة للتوصل إلى اتفاق.
وقالوا إن تركيا، القوة الرئيسية الأخرى في البحر الأسود، أعربت عن استعدادها للمشاركة في صفقة، بما في ذلك إزالة الألغام من البحر وإدارة حركة الشحن.
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، سجلت أسعار القمح مستويات قياسية على اعتبار أن روسيا وأوكرانيا معا تشكلان ما يقرب من ثلث صادرات القمح العالمية.
وبين تعطل الحرب للصناعة الزراعية الأوكرانية وحصار روسيا للموانئ في البلاد، يخشى مسؤولو الأمم المتحدة المزيد ارتفاع الأسعار والنقص المحتمل أن يزعزع استقرار البلدان الفقيرة التي تعتمد على الحبوب الأوكرانية وتؤدي إلى صراع، بسحب موقع “الحرة”.
قالت مصادر تجارية، إن مستوردي القمح في آسيا سعوا جاهدين، أمس الاثنين، لإيجاد مصادر جديدة للإمداد بعد أن حظرت الهند تصدير القمح في مطلع هذا الأسبوع في محاولة للحد من ارتفاع أسعاره محليا.
واعتمد المستوردون، وخصوصا في آسيا، على القمح من الهند، ثاني أكبر منتج في العالم، بعد تراجع الصادرات من منطقة البحر الأسود في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط.
وتستحوذ روسيا وأوكرانيا معا على حوالي 30 بالمئة من صادرات القمح العالمية. وتتعرض صادرات أوكرانيا لتباطؤ شديد لأن الحرب أجبرتها على إغلاق موانئها، بينما تضررت الصادرات الروسية جراء العقوبات الغربية.
وفي إحدى شركات التجارة العالمية، قال تاجر قمح مقيم في أوروبا “من المرجح أن يكون المستوردون الآسيويون في ورطة شديدة. كانت الهند هي البديل لأوكرانيا وروسيا، وخصوصا فيما يتعلق بالقمح الذي يستخدم كعلف. هم يبحثون بالفعل عن بدائل اليوم”.
وأضاف أن المستوردين في آسيا يتطلعون حتى لشراء المزيد من القمح الروسي على الرغم من مشكلات السداد المرتبطة بالعقوبات المفروضة على البنوك الروسية وارتفاع أقساط التأمين على الشحن.
وقال تاجر قمح آخر من أوروبا “لقد بدأت الخسائر بالفعل هذا الصباح. اضطر التجار الذين ليس لديهم خطابات اعتماد إلى إعلان إلغاء العقود. أعتقد أنه اعتبارا من منتصف حزيران لن يكون هناك المزيد من الشحنات الهندية”.
وحظرت الهند صادرات القمح بسبب موجة الحر القائظ التي قلصت فرص الحصاد ودفعت الأسعار المحلية للارتفاع إلى مستوى قياسي. وجاء ذلك أيضا وسط مشكلات إنتاج في مراكز التصدير التقليدية في كندا وأوروبا وأستراليا.
ويقول التجار إن الحظر قد يرفع الأسعار العالمية إلى مستويات قياسية جديدة، مما يضر بشدة بالمستهلكين الفقراء في آسيا وأفريقيا.
وتتضمن الوجهات الرئيسية للصادرات الهندية بنجلادش وإندونيسيا ونيبال وتركيا. ووافقت مصر في الآونة الأخيرة على شراء القمح الهندي لأول مرة على الإطلاق.
وما تزال هذه الصفقة مطروحة رسميا إذ قالت الهند إنها ستظل تسمح بالتصدير إلى الدول التي تطلب الإمدادات “لتلبية احتياجات الأمن الغذائي” لديها، لكن خبراء السوق متشككون.
وقال كارلوس ميرا محلل السلع الزراعية لدى بنك رابو “هناك عدم يقين بشأن الكمية التي سيتم تصديرها إلى الدول التي ترى الهند أن لديها احتياجات للأمن الغذائي. ربما يصدّرون إلى دول مجاورة صديقة فحسب”، وفقًا لـ”رويترز”.
وارتفع سعر القمح في الأسواق العالمية، أمس الإثنين، إلى أرقام قياسية غير مسبوقة، وذلك بعد إعلان الهند حظر تصدير هذه المادة الحيوية بسبب الجفاف، بينما مازالت دول العالم تحاول تجاوُز تأثير حرب أوكرانيا على سوق القمح.
إذ زاد مؤشر القمح القياسي بنسبة 5.9% في شيكاغو، وهو أعلى مستوى له خلال شهرين، وارتفع سعر القمح بنحو 60% في الأسواق العالمية هذا العام؛ مما أدى إلى ارتفاع تكلفة كل شيء من الخبز إلى المعكرونة.
حظر الهند يرفع سعر القمح
قالت الحكومة الهندية إنها ستظل تسمح بالصادرات المدعومة بخطابات اعتماد صدرت بالفعل، وكذلك للدول التي تطلب إمدادات “تلبية لاحتياجات أمنها الغذائي”.
قال مسؤولون حكوميون أيضاً إن الحظر ليس دائماً ويمكن تعديله. ولكن القرار تعرض مع ذلك لانتقادات وزراء الزراعة في مجموعة الدول السبع.
إذ قال وزير الغذاء والزراعة الألماني جيم أوزدمير: “إذا بدأ الجميع في فرض قيود على الصادرات أو إغلاق الأسواق، فسيؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة”.
تضم مجموعة السبع أكبر سبعة اقتصادات “متقدمة” في العالم، وهي التي تهيمن على التجارة العالمية والنظام المالي الدولي. وهذه الدول هي: كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة.
على الرغم من أن الهند هي ثاني أكبر منتِج للقمح في العالم، فإنها لم تكن من قبل مصدراً رئيسياً له؛ لأن معظم محصولها يباع في الأسواق المحلية.
لكن صادرات القمح الأوكرانية تراجعت بعد الغزو الروسي. ومع تهديدات الجفاف والفيضانات للمحاصيل لدى المنتجين الرئيسيين الآخرين، فإن تجار السلع يتوقعون بعض الإمدادات من الهند لتعويض جزء من النقص لديهم.
قلق عالمي من القرار الهندي
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً تحدثت فيه عن القلق العالمي الجديد حول حظر الهند لصادرات القمح.
قال التقرير إن الهند تقوم بحظر صادراتها من هذه السلعة في وقت يثير فيه ارتفاع أسعار المواد الغذائية قلق صانعي السياسة، بعد أن كانت الدولة تسد فجوة العرض في الأسواق الدولية التي خلَّفتها حرب روسيا على أوكرانيا.
رجَّح تقرير “نيويورك تايمز” أن تتسبب خطوة الهند هذه في دفع أسعار الغذاء للارتفاع، وأن تغذي الجوع في البلدان الفقيرة التي تعتمد على واردات هذه السلعة.
حسب الصحيفة الأمريكية، فإن سعر القمح وصل إلى مستويات مذهلة بسبب مخاوف الإمداد الناجمة عن حرب أوكرانيا. وجاء التقرير ليذكر أن الهند تمتلك حوالي 10% من احتياطيات الحبوب في العالم، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة الأمريكية، وهو فائض كبير ناتج عن دعمها الكبير لمزارعيها.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه كان يُنظر إلى الهند منذ شهور على أنها دولة يمكن أن تساعد في تعويض النقص في الإمدادات العالمية، بحسب “عربي بوست”.
وفي وقت سابق، قررت الهند حظر صادرات القمح، وذلك بعد أيام قليلة فقط من قولها إنها تستهدف شحنات قياسية في عام 2022، حيث أدت موجة الحر القائظ إلى تقليص الإنتاج لترتفع الأسعار المحلية إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.
من جانبها، قالت الحكومة إنها ستستمر في السماح بشحنات القمح بخطابات ائتمان صدرت بالفعل وإلى تلك البلدان التي تطلب الإمدادات “لتلبية احتياجات أمنها الغذائي”.
الهند توقف تصدير القمح
كان المشترون العالميون يعتمدون على الهند في الحصول على إمدادات القمح بعد أن تراجعت الصادرات من منطقة البحر الأسود منذ غزو روسيا لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط 2022. وقبل الحظر كانت الهند تستهدف شحن عشرة ملايين طن في عام 2022.
في السياق ذاته، فقد ارتفعت أسعار القمح في الهند إلى مستوى قياسي، إذ وصلت في بعض المعاملات الفورية إلى 25 ألف روبية (320 دولاراً) للطن، وهو ما يزيد بفارق كبير على الحد الأدنى لسعر الدعم الحكومي الثابت البالغ 20150 روبية.
كما أدى ارتفاع تكاليف الوقود والعمالة والنقل والتعبئة إلى ارتفاع سعر دقيق القمح في الهند.
فيما قال مسؤول حكومي كبير طلب عدم نشر اسمه لأن المناقشات حول قيود التصدير لم تكن علنية: “لم يكن القمح وحده. أثار الارتفاع في الأسعار الإجمالية مخاوف بشأن التضخم، ولهذا السبب اضطرت الحكومة إلى حظر صادرات القمح”. وأضاف: “بالنسبة لنا، هناك وفرة من الحذر”، وفقا لرويترز.