حرية – (16/6/2022)
توقع أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسومي، الخميس، عدداً من التداعيات جرّاء رفع سعر فائدة الدولار في أميركا، على العراق.
وقال المرسومي في تعليق له ، (16 حزيران 2022): إنّ “البنك الفدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة، بمقدار 75 نقطة أساس إلى نطاق ما بين 1.50 % و1.75 %، من أجل إعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2 % بعد أن وصل في أيار الماضي إلى 8.6 % وهو الأعلى منذ 40 عاما، وأدت أكبر زيادة في أسعار الفائدة الأميركية منذ عام 1994 إلى ارتفاع كبير في سعر صرف الدولار ليصعد مؤشره لأعلى مستوى منذ عام 2002”.
وأضاف أن “رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي أدى إلى جعله أكثر جاذبية للمستثمرين، وخاصة مستثمري الأموال الساخنة، ويعني ذلك أنهم يحولون استثماراتهم ومدخراتهم من العملات المختلفة المتداولة إلى الدولار، في ظل أن العملة الأمريكية أكثر أماناً لهم مع تقديمها فائدة أعلى”.
وتابع أن “الأسهم الأوروبية تراجعت اليوم بعد أن عزز قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي رفع أسعار الفائدة المخاوف من ركود محتمل في وقت تواجه فيه الاقتصادات العالمية ارتفاعا كبيرا في معدلات التضخم”.
وبين المرسومي أن “القرار الامريكي سيكون مثيراً للقلق بشكل خاص بالنسبة إلى الاقتصادات الناشئة، التي تضطر إما إلى السماح لعملاتها بالضعف، وإما إلى التدخل لتهدئة انحدارها، وإما إلى رفع أسعار الفائدة الخاصة بها في محاولة لدعم مستويات صرف العملات الأجنبية لديها”.
واضاف، “بالنسبة لتداعيات القرار على العراق، ستكون على النحو التالي”:
1 من شأن صعود الدولار أن يجعل النفط المسعّر بالدولار أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى وهو ما يقلص الطلب وقد يؤدي إلى تراجع أسعار النفط لأنها ترتبط عكسيا بقيمة الدولار، فكلما صعد سعر صرف العملة الأميركية هبطت أسعار النفط العالمية.
2 ربما أقسى تأثير على العراق والدول النامية جراء ارتفاع الفوائد الأمريكية، رفع سعر صرف الدولار مقابل أغلب عملاتها، وبالتالي يسهم في التضخم وتكلفة تمويل الدين بقدر اقتراضها بالدولار، وسيؤدي ارتفاع الفائدة على الدولار الأمريكي إلى ارتفاع كلفة القروض المسحوبة بالدولار التي تحدد فوائدها السنوية على أساس الفائدة السوقية أو (المتحركة) بالدولار والتي تؤثرها الأسواق المالية بالارتفاع مثل فائدة (البيبور) وهي فائدة الإقراض والاقتراض بين المصارف بالدولار في سوق لندن وحتى وإن كانت بعض القروض تحمل فائدة ثابتة على القرض نفسه ولكنها تحمل هامش مخاطر تحوطي حول الفائدة الثابتة.
3 كل الصادرات العراقية مقومة بالدولار، وأغلب الواردات إما بالدولار وإما مع دولة تدير عملاتها مثبتة ضد الدولار، أو قريبة من التثبيت، ولذلك فإن ارتفاع الدولار قد يفيد الأطراف التي تتعامل به، ومنها العراق.
4 استثمار العراق بالودائع المقومة بالدولار أو السندات الأمريكية سيؤدي إلى ارتفاع عوائدها مستقبلاً بارتفاع معدلات الفائدة الأمريكية.
من جهته، استبعد الخبير الاقتصادي همام الشماع، تأثر الاقتصاد العراقي برفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية.
وذكر الشماع في تصريح له (16 حزيران 2022)، أن “الاقتصاد العراقي يكاد يكون شبه معزول عن الاقتصاد العالمي، وتجارة العراق العالمية تقتصر على النفط”.
وأضاف، أن “رفع سعر الفائدة الأميركية لا يؤثر على الاقتصاد العراقي، لكن ربما ترتفع عوائد السندات العراقية في المركزي الأميركي أو تنخفض نتيجة تغيير أسعار الفائدة في أميركا”.
وأشار إلى أنه “داخل الاقتصاد العراقي ستكون التأثيرات محدودة جداً أو معدومة جرّاء ارتفاع أسعار الفائدة الاميركية”، موضحاً ان “للعراق سندات دين خزينة وقليلة جداً ومحدودة وهذه قد تتأثر بتغييرات سعر الفائدة الأميركية”.
ولفت إلى أن “بعض الدول العربية أخذت برفع الفائدة أسوة بخطوة المركزي الأميركي لمواجهة التضخم الحاصل فيها”.
وأوضح ان “العراق يعتمد في تمويل الموازنة وتوفير المواد الغذائية من إيرادات النفط العراقية وأقر قانون الأمن الغذائي الطارئ وهذا القانون سيعوض حسب ما ترى الحكومة العراقية عن الآثار التضخمية”.
ورجح الشماع انه “قد لا يكون رفع أسعار الفائدة في العراق من وجهة نظر الحكومة ضرورياً في الوقت الحاضر”.
ورفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 75 نقطة أساس، لوقف قفزة في التضخم وزيادة في البطالة في الأشهر القادمة.
وهذه الزيادة في الفائدة هي الأكبر التي يقررها البنك المركزي الأمريكي منذ عام 1994 وجاءت بعد بيانات مؤخرًا لم تظهر تقدمًا يذكر في معركته ضد التضخم.
ورفع هذا الإجراء، الذي يعد الثالث على التوالي، سعر فائدة الأموال الاتحادية القصير الأجل إلى نطاق بين 1.50 في المئة و1.75 في المئة، ويتوقع مسؤولو الاحتياطي الاتحادي أن يرتفع معدل الفائدة إلى 3.4 بالمئة بنهاية هذا العام وإلى 3.8 بالمئة في 2023، وهو تحول كبير من توقعات في آذار/مارس أشارت إلى المعدل سيرتفع إلى 1.9 بالمئة هذا العام.
ويفضل مجلس الاحتياطي الفيدرالي في العادة رفع أسعار الفائدة بزيادات قدرها 25,0 نقطة. يذكر أن هذا هو ثالث رفع لسعر الفائدة الرئيسي منذ بدء جائحة كورونا.
وذكّر البنك المركزي الأمريكي بأن الصراع في أوكرانيا والعقوبات تسببت “بضغط إضافي على التضخم وعلى النشاط الاقتصادي العالمي”. وبالإضافة إلى ذلك، أدت عمليات الإغلاق في الصين إلى تفاقم مشكلات سلسلة التوريد. كل هذه العوامل تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الأمريكي.
يذكر أن البنك المركزي الأوروبي يعتزم من ناحيته إقرار زيادة الفائدة خلال اجتماعه الدوري المقبل المقرر يوم 21 تموز/يوليو المقبل، لتكون أول زيادة للفائدة الأوروبية منذ 11 عاما.
وقال البنك اليوم الأربعاء إنه سيبدي “مرونة” في سياسته النقدية من أجل تخفيف الضغوط على أسواق الديون السيادية وتصميم أداة جديدة لتجنب أزمة إضافية في منطقة اليورو. وأوضح المصرف بعد اجتماع استثنائي لمحافظيه خصص لمناقشة الزيادة المقلقة في تكاليف الاقتراض للدول الاعضاء في منطقة اليورو المثقلة بالديون أنه “سيعتمد المرونة” في مجال إعادة الاستثمار في السندات التي اشتراها في إطار برنامج الطوارئ الذي أطلقه خلال الجائحة.