حرية – (16/7/2022)
بسـم الله الرحمن الرحيم
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية.
الرئيس جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو…
أصحاب المعالي والسعادة…
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…
يسـرّني أن أتقدم بوافر الشكر والتقدير إلى الأشقاء في المملكة العربية السعودية ملكاً وحكومةً وشعباً على حفاوة الاستقبال، وكرم الضيافة، وحسن تنظيم هذه القمة المهمة التي نتمنى أن تسهم في تكريس التعاون والتكامل في منطقتنا.
نلتقي اليوم وسط تحديات إقليمية ودولية حساسة، وأيضاً وسط آمال وتطلعات كبيرة أن تثمر جهود التعاون ومدّ جسور الثقة وتغليب لغة الحوار؛ من أجل تحقيق بيئة ومستقرة تضمن الحياة الكريمة لشعوب المنطقة.
لقد كان للعراق، بتعاون أشقائه وجيرانه وأصدقائه دور أساسيّ في محاربة الإرهاب والانتصار على تنظيم “داعش” ولكن لا يزال أمامنا طريق إضافيّ لاقتلاع جذور الإرهاب، ما يستدعي تعزيز الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لوضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله عبر التعاون الأمنيّ المشترك وتبادل المعلومات والخبرات.
إن المخاطر التي أفرزتها الأزمة في أوكرانيا، تتطلب تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لإيجاد الحلول السـريعة وتوحيد المساعي في مجال ضمان الأمن الغذائي لشعوبنا وتأمين إمدادات الطاقة.
منطقة الشـرق الأوسط تضررت بصورة ملموسة من تبعات التغيير المناخيّ وأزمة المياه ومخاطر التصحّر مضافاً إلى ذلك كلّه التحديات الصحية إثر ظهور وانتشار الأوبئة مثل جائحة كورونا. وكل هذه الأزمات تستدعي أن نتحرك سوية متكاتفين للتصدي لها.
أصحاب الجلالة والفخامة والسموّ.
يقترب عمر النظام الديمقراطي الدستوري في العراق من العقدين، عقب عقود من الدكتاتورية، وهذه الديمقراطية الناشئة لا تزال تتقدم رغم التحديات والأزمات الكبيرة. ولكن لا تزال هناك مصاعب سياسية بعد الانتخابات، وهذا ما يؤكد الحاجة للحفاظ على القيم والمبادئ الديمقراطية في الحياة العامة، وهو مسار يستلزم المزيد من الوقت وتراكم الخبرات.
بعدما تجاوزنا مرحلة طرد تنظيم “داعش” من أرضنا، امسكت قواتنا العسكرية والامنية بالملف الأمني، وهي في مرحلة تطور بشكل مستمر لحفظ أمن العراق ومقدرات شعبنا.
يسعى العراق الى تعزيز بيئة الحوار في منطقتنا، ويعتبر أن أجواء التعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني بين جميع الأشقاء في المنطقة تخدم بشكل مباشر مصالح شعبنا كما تخدم مصالح كل شعوب المنطقة.
إن اللقاءات والمؤتمرات الثلاثية التي جمعت العراق بجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية قد انتجت رؤيةً مشتركةً لفتح مديات التعاون والتكامل في مجالات مختلفة، كما كان مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة معبراً عن الروابط التأريخية التي تجمع بين كل دول المنطقة. وقد خطى العراق ودول مجلس التعاون الخليجي خطوات مهمةً لتمتين علاقاتهم الرامية إلى تحقيق التكامل في مختلف المجالات، ومن هذا المنطلق، أبرمنا مجموعة اتفاقات للربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية ومع دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك الربط الكهربائي مع المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية.
وقد قمنا بمبادرات لتعزيز الحوار والتعاون والشراكة في المنطقة، والعراق ماض بهذا المنهج الذي يصب في مصلحته الوطنية ومصلحة المنطقة بشكل عام.
وفي هذا السياق يدعم العراق مسار الحوار والمفاوضات لإبعاد الأسلحة النووية عن منطقة الشرق الأوسط وجعلها منطقةً آمنة بما يصبّ في مصلحة دول المنطقة والعالم بأسره.
وفي هذا الصدد تبرز أولوية إيجاد حلّ شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية، بما يلبي الطموحات والحقوق المشـروعة للشعب الفلسطيني، وضرورة وقف جميع الإجراءات العدوانية والانتهاكات والاعتداءات بحق الشعب الفلسطيني.
ويؤكد العراق أن حلّ الصـراع على أساس قرارات الشـرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
وكذلك يدعم العراق الهدنة في اليمن القائمة بصفتها بدايةً مثمرةً لإنهاء الأزمة اليمنية وعودة الاستقرار، ودعم المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى إنهاء الصـراع.
كما يدعم العراق الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حلّ الأزمة السورية، ومعالجة تداعياتها الإنسانية وإيقاف هذه الحرب العبثية.
ويجدد العراق وقوفه إلى جانب لبنان من أجل تجاوز أزمته السياسية والاقتصادية ، وبناء جسور الحوار والتعاون لعودة الاستقرار إلى هذا البلد.
وفي سياق التعاون البيئي بين الأشقاء، أودّ التذكير بأن العراق رغم أنه يبقى منتجاً مهماً للنفط، ولكن شرياننا الاقتصادي هذا يزيد من تحدياتنا البيئية. لذلك إننا نعمل بسـرعة على استثمار الغاز الذي يحرق في حقول النفط، كما نوسّع نطاق الاستثمار في الطاقة البديلة.
إنّ دولنا التي تشكل الأجيال الشابة نسبتها الكبرى تواجه استحقاقات مضافةً لجهة فهم متطلبات هذه الأجيال التواقة إلى التقدم والإنجاز والتكامل مع الآخر، وتطلعاتها إلى استثمار الإمكانيات، وتحويل الأزمات إلى فرص نجاح.
في هذا السياق، يقترح العراق إنشاء بنك الشـرق الأوسط للتنمية والتكامل بالشـراكة مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصـر والأردن. ويهتمّ البنك بالتنمية الإقليمية المستدامة عبر تمويل المشاريع في البنية التحتية التي من شأنها أن تساعد في ربط اقتصادات المنطقة، ويضع البنك في أولوياته تطوير شبكات الكهرباء الإقليمية، وخطوط أنابيب النفط والغاز، وشبكات الطرق السـريعة، والموانئ والمطارات والصناعات الثقيلة ذات السوق الإقليمية الواسعة، كما يموّل مشاريع في مجال إدارة الموارد المائية والتصحّر والتخفيف من آثار التغيّر المناخي.
ختاماً، نتمنى لهذه القمة أن تحقق أهدافها المرجوة خدمةً لبلداننا، وأن نجتمع دائماً لبناء مستقبل أفضل لشعوب المنطقة في ظل وجود قادة من الشباب يستطيعون أن ينقلوا المنطقة إلى الأفضل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء
16- تموز- 2022