حرية – (18/7/2022)
قد يجد الديمقراطيون أنفسهم تحت وطأة خسائر فادحة في انتخابات التجديد النصفي الحاسمة في الولايات المتحدة، مع سعي الجمهوريين إلى استعادة الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ في الاقتراع المقرر في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
وفي حال خسر حزب الرئيس جو بايدن السيطرة على المجلسين، فقد ينتهي المطاف بالرئيس الأميركي إلى “العزل”، بعد ما أشار العديد من الجمهوريين إلى أن “الأغلبية الجمهورية في كلا المجلسين ستتحرك (عندئذ) في هذا لاتجاه”، وفقا لما أوردته مجلة “نيوزويك”.
السيناتور الجمهوري، تيد كروز، قال في يناير الماضي، إنه ستكون هناك “أسباب متعددة” لمساءلة بايدن، فيما قال النائب الجمهوري، كين باك، في أبريل، أثناء اجتماع افتراضي، إن اللجنة القضائية في مجلس النواب “ستعقد جلسات استماع لتحديد ما إذا كان العزل مناسباً أم لا”، مؤكداً: “عندئذ، سنصوت للعزل، وبعدها سيتم عرض الأمر على المجلس بالكامل”، وفقا لما أورده تقرير “نيوزويك”.
استطلاعات تدق ناقوس الخطر
وأضاف التقرير أن استطلاع الرأي الذي أجرته جامعة ماساتشوستس أمهيرست، ونُشر في مايو، وجد أن 68% من الجمهوريين، و66% من المحافظين “يريدون عزل بايدن” في حال سيطر الجمهوريون على مجلس النواب، بينما اعتقد 53% من الجمهوريين أن مجلس النواب بقيادة جمهورية “سيقوم فعليا بعزله”.
وأشار التقرير إلى أنه يمكن تمرير مواد العزل “بأغلبية بسيطة” في مجلس النواب، ولكن عزل الرئيس لا يتم إلا “بأغلبية الثلثين” في مجلس الشيوخ، مردفاً أن “هذا لم يحدث على الإطلاق”، ولافتاً إلى أنه “يبدو أنه من غير المرجح أن الجمهوريين سيفوزون بالعدد اللازم من المقاعد في 2023.
ورغم تعرض الرئيس السابق دونالد ترمب للمساءلة مرتين في عامي 2020 و2021، وتمت تبرئته في كلتا المناسبتين من قبل مجلس الشيوخ، إلا أنه لا يوجد ما يمنع مجلس النواب بقيادة جمهورية من التصويت على بنود العزل، حتى لو بدت فرص الإدانة ضئيلة.
وقال الخبراء الذين تحدثوا إلى “نيوزويك”، إنه من المحتمل أن يفكر الجمهوريون في المساءلة، لكنهم قد يدفعون ثمناً سياسياً إذا حاولوا ذلك.
غرفة مستقطبة
جون أوينز، الأستاذ الفخري في الحكومة والسياسات الأميركية في مركز دراسة الديمقراطية، بجامعة ويستمنستر، بالمملكة المتحدة، قال لـ “نيوزويك” إن الديمقراطيين لا يزالوا قادرين على الاحتفاظ بمجلسي النواب والشيوخ في نوفمبر.
وأضاف: “بافتراض أن الجمهوريين سيطروا على أحد المجلسين، أو كلاهما، فمن المرجح أنهم سيحاولون مساءلة بايدن”.
وقال إن هذا “على وجه الخصوص سيكون من جانب مجلس النواب” لأن مؤيدي “الكذبة الكبرى” سيمثلون “حضوراً أكبر في المؤتمر الجمهوري بمجلس النواب داخل غرفة أكثر استقطاباً”.
أوينز كان يشير إلى الجمهوريين الذين أيدوا مزاعم الرئيس السابق دونالد ترمب، “التي لا أساس لها”، على حد وصف “نيوزويك”، بأن الانتخابات الرئاسية 2020 عانت من التزوير ومخالفات أخرى.
وفي حال استعاد الجمهوريون مجلس النواب، ولكن دون مجلس الشيوخ، وهو احتمال قائم، فإن جهود المساءلة قد ينتهي بها المطاف بما يشبه “تسجيل النقاط”، وفقاً لما قاله روربرت سينج، الأستاذ في قسم السياسة في بيركبيك بجامعة لندن لـ “نيوزويك”.
وأضاف: “لقد باتت المساءلة، على نحو متزايد، نوعاً من الروتين في الديناميات الحزبية المتطرفة في واشنطن أكثر من كونها ـ كما هو مقصود منها بالأساس ـ حدثاً نادراً للغاية لا ينطبق إلا على الأعمال الأكثر فظاعة”.
ولفت سبنج إلى أنه “لا يزال من غير المؤكد” فوز الجمهوريين بغرفتي الكونجرس. وأوضح: “في حال لم يفوزوا بمجلس الشيوخ، فإن أي مساءلة تصبح بلا قيمة على الإطلاق سوى تسجيل النقاط وإحراج الإدارة”.
وتابع: “الجانب الثاني هو إلى أي مدى يمكن لجمهوريي ترمب أن ينتصروا على المؤسسة”. وأضاف: “أظن أنه في حين أن الأخيرة لن تعترض على إجراء تحقيقات من قبل اللجان بشأن كل ما يتعلق ببايدن ـ بدءاً من ابنه هانتر وأوكرانيا، ووصولاً إلى القضايا الأكثر ارتباطاً بالسياسة ـ إلا أن ميتش ماكونيل وكيفين مكارثي لن يرغبوا على الأرجح في تعريض فرص الحزب في 2024 للخطر”.
تحقيقات مرتقبة
ولفت التقرير إلى أن الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب أشاروا إلى رغبتهم في “فتح تحقيقات” بشأن مجموعة من القضايا، بما في ذلك ما يتعلق بنجل بايدن، هانتر بايدن، وانسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان”، مشيرا إلى أن “هذه التحقيقات يمكن أن تشكل أساساً للمساءلة”.
قد يمثل عزل بايدن أمراً مغرياً لبعض الجمهوريين لكنه قد يكبدهم أيضاً ثمناً سياسياً فادحاً. في السياق، قال توماس جيفت، المدير المؤسس لمركز السياسة الأميركية، في كلية لندن لـ “نيوزويك”، إن “هناك فجوة عميقة بين ما تتعهد أقلية صغيرة على اليمين بعمله، وما ستؤيده فعلياً قيادة الحزب الجمهوري في حال استعاد الحزب سيطرته على غرفتي الكونجرس”.
وتابع: “دون أسباب مقنعة للمساءلة، فإن الغلبة ستكون على الأرجح للعقول الأكثر نضجاً إذا لم يكن هناك سبب آخر سوى أن مساءلة بايدن ستكون سياسة سيئة”.
وأضاف: “سيرى الناخبون هذا الإجراء على حقيقته.. مجرد سوء استخدام فاضح للسلطة الرقابية، ومحاولة فجة للانتقام من محاولتي عزل ترمب، وفي نهاية المطاف إلهاء العقول وتشتيت الانتباه”.
وقال سينج إنه من غير الواضح إلى أي مدى سيستطيع زعيم الأقلية في مجاس الشيوخ، ميتش ماكونيل، ونظيره في مجلس النواب، كيفين مكارثي، السيطرة على “العناصر الأكثر تطرفاً” في مجموعاتهما الحزبية في حال أصبحا زعيمين للأغلبية.
وقال: “لن أراهن ضد قيام بعض الجمهوريين في مجلس النواب بصياغة مواد المساءلة، بغض النظر عن الضرر السياسي الذي يمكن أن يسببه ذلك للحزب، إذ لا يختلف ذلك عن أي شيء ـ خطأ، على ما أعتقد ـ يمكن أن يفكروا فيه، كأن يفاقم هذا الإجراء الضغوط على بايدن، فلا يخوض انتخابات 2024، ما يفسح المجال بدرجة أكبر أمام أي مرشح جمهوري”.
جمهوريون معتدلون
قد تبدو مساءلة بايدن صعبة على الجمهوريين على الصعيد السياسي، ومن ثم، فإن المعتدلين في الحزب قد يتحركون لمنعها.
في هذا الإطار قال بول كويرك، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، لـ “نيوزويك”، إن الجمهوريين “سيفتحون بالتأكيد العديد من التحقيقات” في حال استعادوا الأغلبية.
وتابع: “مع بقاء بايدن في البيت الأبيض، لن يكون الجمهوريون قادرين على سن الكثير من التشريعات، وستكون هناك أمور تستدعي بوضوح إجراء تحقيقات، من بينها انسحاب الإدارة (الأميركية) الفوضوي من أفغانستان، والإدارة الفاشلة لمشكلة اللاجئين، وغيرهما”.
وأضاف أن الحزب الجمهوري “قد يهاجم محاكمات وزارة العدل للأحداث المشاركين في اجتياح مبنى الكابيتول، في 6 يناير 2021، الذين يعتقد كثير من الجمهوريين أنهم محتجون شرعيون وسلميون”.
واستدرك: “لكن الجناح الأكثر اعتدالاً من الجمهوريين في الكونجرس، وبخاصة قادة الحزب، سيمنعون أي محاولة للمساءلة، ما لم تظهر بالفعل مزاعم موثوقة بشأن ارتكاب جرائم تستوجب العزل”.
وأضاف أن أي “مساءلة انتقامية وغير مبررة بشكل واضح”، من شأنها أن “تضر بالجمهوريين في الولايات والمقاطعات التنافسية”.
وتابع كويرك: “سيسمح هذا أيضاً للديمقراطيين، على سبيل المقارنة، بتذكير الجمهور بجهود ترمب لإلغاء انتخابات 2020”.
وأردف: “القادة الجمهوريون لن يرغبوا في إذكاء جدل حزبي بشأن أي الرئيسين، ترمب أو بايدن، أجدر بالمساءلة”.