حرية – (21/7/2022)
خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، تنكر مسلحان في زي الجيش الإسرائيلي، وتسللا من لبنان، وأطلقا النيران على المارة، مما أدى إلى مقتل 6 إسرائيليين، بينهم جندي يدعى جيرمان روزوخوف.
وطبقا لـ”بلومبيرغ”، فقد لقي جيرمان حتفه عام 2002 بهذه المعركة، وكان عمره وقتها 25 عاما، ورفضت السلطات الفلسطينية طلبا من الوكالة الأميركية لتأكيد أو نفي تفاصيل الواقعة.
وتروي والدته لودميلا روزوخوف أنها حين رأت ضباطا يطرقون باب منزلها، فهمت أنهم قادمون لإخبارها بخبر مقتل ابنها، فأغلقت الباب حتى لا تستمع للخبر الحزين.
سرعان ما انقلبت الصدمة لرغبة عارمة في تخليد ذكراه، وركزت في مهمة واحدة: حفظ السائل المنوي لابنها.
أعربت لودميلا عن رغبتها لأحد أصدقاء ابنها الراحل، الذي اتصل بالوحدة العسكرية ليخبرهم بالطلب غير المألوف وقتها.
وبما أنه لا يوجد قانون يمنع مثل هذا الإجراء، ولأن الحيوانات المنوية تبقى حية حتى بعد 72 من الوفاة، فقد نفذ الجيش رغبة الأم.
وبعد 30 ساعة من مصرع جيرمان تم استخراج السائل المنوي من جثمانه، وحفظه في نتروجين سائل.
وبعد 14 سنة من مصرعه، تطوعت إيرينا أشكيرولد لكي تحمل النطفة.
وتقول أشكيرولد أنها لم تكن تعرف جيرمان، لكنها قابلت والدته، لودميلا، التي كانت تعمل مدرسة في القرم قبل أن تهاجر لإسرائيل.
وتأثرت أشكيرولد بقصة لودميلا عن ابنها، وتعاطفت مع ظروفها، حيث صارت تعيش وحدها تماما منذفقدان ابنها.
وبما أنه لا يوجد موقف قانوني واضح من هذه العملية، فقد كان قرار الموافقة على عملية الإخصاب في يد القاضي، الذي استعان بالتراث اليهودي، وتحديدا قصة راحيل في العهد القديم، زوجة النبي يعقوب حين قالت له: “هب لي بينين، وإلا فأنا أموت”.
واقتنع القاضي برغبة والدة جيرمان في أن يكون لها أحفاد، مؤكدة أن ابنها الراحل كان يرغب أيضا في إنجاب أطفال.
وكانت أشكيرولد في الثانية والأربعين من العمر حين أنجبت طفلة جيرمان، التي أسمتها فيرونيكا.
وكانت قبلها مطلقة لها ابن وحيد.
وتقول أشكيرولد إنها لا تعد نفسها أرملة لجيرمان، لكنها تحرص على أن تصطحب ابنتها إلى نصب تذكاري أنشئ حديثا لتخليد ذكرى والدها.
جدل متزايد
طبقا لبلومبيرغ، فإن هذا النوع من العمليات يلقى إقبالا متزايدا في إسرائيل، وتتطوع لطلبات التلقيح مئات النساء، وبدأت الظاهرة في خلق تحديات قانونية وأخلاقية.
وتعد العملية رخيصة وسهلة نسبيا، وتكلف ألف دولار تقريبا، يتحملها الجيش.
ويتولى الأطباء الاحتفاظ بعشر عينات على الأقل، لزيادة احتمالات الاحتفاظ بعينات قادرة على الإخصاب.
وتظل العينات داخل نتروجين سائل درجة حرارته 169 درجة تحت الصفر، مما يضمن نظريا بقاءها حية للأبد.
وفي عام 2017، وافقت أرملة على رغبة والدي زوجها المتوفى في أن تحمل نطفته وتنجب أبناءه بعد رحيله، لكنها تراجعت وتزوجت وأنجبت من زوجها الجديد.
ودخلت الأرملة في نزاع قضائي لتمنع الأبوين من استخدام نطفة زوجها الراحل لإنجاب أطفال من أم أخرى، وانتصرت المحكمة لرأيها.
وفي حادثة أخرى، حاول أبوان إخصاب طفل من جثمان ابنهما المدني الذي توفى في حادث طريق. وأقرت المحكمة طلبهم، حيث رأى القاضي أن الآباء في المجتمعات الحديثة قد لا يجدوا وقتا لقضائه مع أطفالهما إلا في آخر الأسبوع، ويعتمدوا في كل حال على الجدين لتربية أبنائهما.
إلا أن محكمة أعلى ألغت هذا الحكم، مما يعكس التناقض قد يحدث في هذه القضايا نتيجة لغياب قانون واضح.
وفي مارس الماضي، وافق الكنيست الإسرائيلي على مناقشة مشروع قانون يعطي الحق للجنود في تحديد مصير حيواناتهم المنوية حال موتهم خلال الخدمة العسكرية.
ويقول زافي هاوزر، عضو حزب أمل جديد اليميني، إن هذا القانون قد يمتد ليشمل الرجال المدنيين أيضا، لكن البداية ستكون من الجيش، مفسرا: “لو لم يكتب للجندي الحياة إلا حتى عمر 19 عاما أو 20 عاما بسبب خدمته العسكرية، فمن حقك أن تختار إن كنت تريد أن تترك وراءك أطفالا، ومن حقه علينا أن نعتني بأسرتك من بعدك”.
وعلى النقيض، يقول جيل سيغل، رئيس وحدة القانون والأخلاق والسياسة الصحية في جامعة أونو الإسرائيلية، إن “من مصلحة الطفل أن يولد لأبوين، وليس أن يولد وهو مخطط له أن يكون يتيما”.
وأضاف: “أنا متعاطف مع الآباء المكلومين، لكن الحديث عن الإنجاب يجب أن يبدأ من الأب والأم، وليس من الأجداد”، وانتقد سيغل الممارسة باعتبارها تمجيدا مبالغا فيه للحياة العسكرية.