حرية – (27/7/2022)
لطالما كان لدى السلاطين والأمراء مسؤولون يهتمون بأمور التسلية والمهرجين والحفلات في القصور وآخرون لكتمان السر فقط
وزارات “غريبة” ابتكرتها دول عدة لتلبية متطلبات مجتمعاتها وشعوبها (لوحة بريشة جان بابتيست فان مور من كتاب “تاريخ القانون الدولي” جامعة أوكسفورد)
استحداث وزارات وصفت بـ”الغربية” على مر السنين في بعض الدول أثار الحيرة والتساؤل، خصوصاً لدى الشعوب التي لم تعهد إجراءات وقرارات حكومية مماثلة، أحدثها كانت وزارة الوحدة (الانعزال) التي فاجأنا البريطانيون بها عام 2018.
فقد وجدت الدراسات في المملكة المتحدة أن البلاد تعاني من مشكلات الشعور بالوحدة المتزايدة ووفقاً لدراسة نُشرت عام 2017، كان حوالى تسعة ملايين بريطاني يشعرون بالوحدة في البلاد، فأعلنت رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن تعيين وزير للوحدة.
وبالمثل عين مجلس الوزراء الياباني أول “وزير للوحدة (الانعزال)” لتنفيذ إجراءات لمنع العزلة الاجتماعية وزيادة حالات الانتحار، وسط انتشار فيروس كورونا ومتابعة فقر الأطفال وقضايا أخرى من هذا القبيل.
فاليابان دائماً ما ابتكرت الأغرب على الصعد كافة، كما حصل حين أنشأت “وزارة المراحيض” التي تولتها هاروكو أريمورا، بسبب إيمانها بأن تحسين مرافق المراحيض والمراحيض العامة كان أمراً محورياً في نهوض المرأة اجتماعياً واقتصادياً. فبرأيها “ّإذا دخلت النساء مراحيض قذرة في الحدائق العامة لن يتمكنّ من القيام بواجباتهن الوظيفية اليومية، كما هي حال الرجال”.
فنزويلا بسعادة والهند التقليدية
وفي عام 2013، أنشأ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو “وزارة السعادة الاجتماعية العليا” لتنسيق جميع برامج التخفيف من حدة الفقر في البلاد في بوتان، تهتم لجنة السعادة الوطنية بوضع وتنفيذ الخطة الخمسية للدول.
أما الهنود فلهم وزاراتهم الغريبة أيضاً بسبب اتساع البلاد، ولكون الحكومات المحلية تتمتع بسلطات عالية. فبعد وزارة الأبقار في راجستان، التي ظهرت في عام 2014، أنشأت حكومة ناريندرا مودي وزارة جديدة لتعزيز الممارسات الطبية الهندية التقليدية واليوغا. تم تعيين شريباد نايك وزيراً لـ AYUSH – وهو اختصار لـ Ayurveda و Yoga و Unani و Siddha والمعالجة المثلية.
وزارة الأبقار
لكن هذه الوزارات قد لا تكون غريبة بالمقارنة مع وزارة في ولايتين هنديتين لرعاية الأبقار، وزارة الأبقار في راجستان وسميت بـ”مجلس وزراء جاو” الذي يجمع بين عمل ست إدارات تابعة لخمس وزارات من أجل الحفاظ على الأبقار ورعايتها. أما في الصين فهناك وزارة لتعديل الطقس ويمكن للوزارة أن تجعل السماء تمطر حين تشاء بسبب تقدم العلوم المناخية والصواريخ الاستمطارية، التي تدفع الغيوم المارة أو الموسمية إلى التكثف والإمطار.
وعام 2012 انضمت وزارة الأخلاق في حكومة “طالبان” إلى قائمة الوزارات الغريبة حول العالم. وهذه الوزارة الجديدة التي ابتدعتها “حركة طالبان” الهدف منها تغيير النظرة العالمية نحوها كحركة متشددة دينياً، ولتحل محل وزارة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، التي كانت الوزارة الأشد سطوة وسلطة في الداخل الأفغانستاني في يد “طالبان”. فعبر هذه الوزارة يمكن فرض كل “التعاليم الدينية الطالبانية”، مغطاة بغطاء إداري مؤسساتي وزاري، فتحمل الوزارة اسماً معاصراً كما تتطلب الدبلوماسية السياسية أو لغة المجاملات السياسية، على الرغم من أن النساء هن الأكثر استهدافاً من قبل هذه الوزارة وشرطة الأخلاق التابعة لها.
وقد تكون الوزارات الحديثة والتطورات الكثيرة على الصعد كافة داخل المجتمعات البشرية تتماشى معاً، ولكن هناك وزارات قديمة كانت غريبة أيضاً. فلطالما كان لدى السلاطين والأمراء وزراء يهتمون بأمور التسلية والمهرجين والحفلات في القصور. وكان هناك وزراء لكتمان السر فقط، يعملون كمستشارين للملك ويكونون من المقربين منه. وقد تناولهم مكيافيللي كثيراً في كتابه “الأمير” وهم الأشخاص ذوو النفوذ والسلطة بسبب قربهم الشديد من الملك.
تذوق الشاي
في الولايات المتحدة مثلاً، كانت هناك إدارة عامة لتذوق الشاي منذ عام 1897، تعمل على تذوق كل الشاي الذي يتم استيراده إلى الولايات المتحدة للتأكد من أنه يفي بمعايير عالية في الذوق والرائحة، وخدم المجلس لمدة قرن تقريباً وبعد ذلك تم إلغاء القانون عام 1996.
وفي الولايات المتحدة أيضاً هناك مكاتب وإدارات وهيئات كثيرة تحمل سلطات الوزارة، وتصل رتبة مديرها إلى وزير بسبب استقلاليتها وقدراتها العالية الممنوحة لها من الإدارة المركزية، وأغربها على الإطلاق “مكتب حماية الكواكب”، وتتمثل مهمة القسم في تعزيز الاستكشاف المسؤول للنظام الشمسي وتجنب التلوث البيولوجي للبيئات المستكشفة، وضمان اتخاذ الاحتياطات الحكيمة لحماية المحيط الحيوي للأرض في حالة وجود حياة في مكان آخر. ومدير هذه الهيئة أو الإدارة يتم تعيينه من قبل وكالة “ناسا” يسمى “ضابط حماية كوكبية”. وقد بدأ عمله منذ توقيع معاهدة الفضاء الخارجي في عام 1967. ويبلغ راتبه ما يصل إلى 187 ألف دولار سنوياً، أي ما يعادل راتب وزير في الإدارة الأميركية العليا.