حرية – (2/8/2022)
اللين الحاج
لاقت مبادرة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ترحيباً دولياً وعربياً واسعين، إذ أثنى عليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معلناً دعمه الكامل لها، أما دول الخليج فرأت فيها فرصة جدية لإنقاذ العراق من براثن الفتنة كما أفادت مصادر عربية خليجية مطلعة لـ”جسور”.
داخلياً، أصداء المبادرة لم تكن أقل شأناً إذ تلقفها رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، مؤكداً تأييده لها وكذلك فعل رئيس تيار “الحكمة الوطني” في العراق، عمار الحكيم.
وجاءت المبادرة إثر اتساع هوة الخلافات بين الأطراف العراقية المتصارعة وانسداد الأفق أمام محاولات تقريب وجهات النظر فيما بينها، كما ترافقت مع قلق الكاظمي على مصير البلاد وتخوفه من انهيار حتمي في حال استمرار الأمور على حالها، على أن بعض المحللين السياسيين رجحوا اصطدامها ببعض العراقيل والعقبات.
أبرز نقاط المبادرة
ودعا الكاظمي جميع الأطراف للجلوس الى طاولة حوار وطني بهدف الوصول إلى حلّ سياسي للأزمة الحالية “تحت سقف التآزر العراقي، وآليات الحوار الوطني” وأوضح للمتظاهرين أن رسالتهم وصلت معلناً أن “وقت الرهان على العقلانية والشجاعة حان لدعم مؤسسات الدولة والمضي بمشروع وطني يخرج البلاد من أزمته الحالية”.
من جهته، أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء، وزير الثقافة والسياحة والآثار حسن ناظم، أن “الحكومة تعمل منذ سنتين في فلسفة خاصة لا تحب العنف ولا تتوجه إليه” وشدد على أن “رئيس الوزراء يدعو إلى حقن الدماء وجمع القوى السياسية على طاولة حوار حقيقي” مضيفاً أن “الحكومة تعمل على حماية المواطنين والمؤسسات ولا تنجر إلى العنف على الإطلاق” وبأنها “على استعداد لدعم الحوار الحقيقي والوقوف مع أبناء شعبنا في هذه الأيام العصيبة”.
الساعات الأخيرة
وشهد مبنى البرلمان العراقي إعتصامات استمرت أياما عدة قبل أن يدعو التيار الصدري إلى إخلائه، ونقل اعتصام مناصريه، الموجودين داخله، إلى باحاته الخارجية. وبالتزامن مع التطورات الأخيرة، طالب أحد عشر حزباً سياسياً عراقياً بحل البرلمان وتشكيل حكومة جديدة.
انجازات الكاظمي
المبادرة ليست وليدة اليوم، يشير الكاتب والصحافي أحمد
الحمداني في حديث لـ”جسور” مضيفاً أن “الرئيس الكاظمي لطالما أعلن رفضه الاستمرار في سفك الدم في العراق وإن كلف الأمر ألف سنة من الحوار”.
وربط الحمداني عرقلة تشكيل الحكومة بما “قدمه الكاظمي من إنجازات خلال توليه سدة رئاسة الحكومة” موضحاً أن “خزينة الدولة امتلأت في عهده” ما أجج الخلاف السياسي بين الحركات والأحزاب العراقية الفاسدة “التي رأت الفرصة سانحة للإنقضاض على الحكومة المقبلة وتقاسم حصصها والعبث مجدداً بأموال الدولة” كما أضاف.
كذلك، أعاد التذكير بما قدمه الكاظمي وعمل عليه ضمن برنامجه الحكومي خلال فترة حكمه من “دعم للاستحقاقات الانتخابية وتغليب لمصلحة البلاد، كما محاسبة الفاسدين ومعالجة ملفات الاغتيالات” عارضاً لكل ما واجهه البرنامج من عراقيل “الكتل البرلمانية والسياسية عمدت إلى تعطيل العديد من القرارات ضمن إطار المحاصصة”.
رهان على المبادرة
في المقابل أكد الحمداني رهانه على مبادرة الكاظمي “حل الأزمة بات موجوداً من خلال المبادرة وأتوقع لها القوة الآن”، كما أشاد بدور الشعب البناء “لقد استفاق وخرج بهذه التظاهرات التي بدأت مع التيار الصدري والتحق بها التشرينيون وبعض المستقلين” مؤكداً أن مستوى مواجهتها كان خجولاً “واجهها الإطار التنسيقي بساعات قليلة وجمهور قليل جداً”.
وإذ أوضح أن “جميع العراقيين الآن بانتظار لحظة قرار الشعب وأيضاً الحوار” أشار إلى أن “إعادة تعويم الفاسدين من خلال تشكيل حكومة تتقاسم المحاصصة السياسية “لن يجدي ذلك نفعاً كونه مبدأ يرفضه الصدريون والشعب عموماً كما التشرينيون “.
عقبات أمام المبادرة
رغم دقة المرحلة وحاجة العراق الماسة إلى حلول تنقذه، يرى المحلل السياسي داوود الحلقي في اتصال مع “جسور” أن مبادرة رئيس الحكومة دونها عقبات، رغم ما حصدته من “تنويه وقبول كبيرين من قبل جهات وشخصيات تنتمي للإطار التنسيقي باستثاء بعض الشخصيات التي أزمت الشأن السياسي في العراق” على حد قوله.
وأفاد الحلقي أن هذه الشخصيات تحديداً “لن ترضى بطروحات الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المنادي بحكومة أغلبية لمحاسبة الفاسدين والقضاء على التبعية لأجندات دولية وإقليمية غريبة” لافتاً إلى أنها أمور “ترغب بها الغالبية العظمى من الشعب العراقي”.
وفي ظل غياب سيناريو واضح المعالم لقيادة المرحلة المقبلة، ربط الحلقي نجاح مبادرة الكاظمي “بالاستجابة لأفكار التيار الصدري وعدم تعريض رغبة الملايين الذين اخترقوا قبة البرلمان للخذلان”.