حرية – (10/8/2022)
أعلنت هيئة النزاهة، الأربعاء، استقدام مدير مصرف الرافدين الأسبق ورؤساء وأعضاء لجان المصرف، على خلفية قضية العقد المبرة مع شركة “بوابة عشتار”.
وقالت الهيئة في بيان (10 آب 2022)، “أصدر أمر استقدامٍ بحقِّ مدير مصرف الرافدين الأسبق و23 من المديرين ورؤساء وأعضاء اللجان فيه؛ جراء المخالفات المرتكبة في قضيَّة العقد المبرم بين مصرف الرافدين وشركة بوابة عشتار للنظم وخدمات الدفع الإلكتروني”.
دائرة التحقيقات في الهيئة، وفي معرض حديثها عن تفاصيل القضيَّة التي حققت فيها وأحالتها إلى القضاء، أفادت بإصدار قاضي تحقيق محكمة الجنايات المركزية لمكافحة الفساد أمر استقدامٍ بحقِّ كل من المدير العام لمصرف الرافدين الأسبق (رئيس لجنة المراجعة والمصادقة على الإحالة)، و7 من مجلس الإدارة، و6 من أعضاء لجنة تحليل العطاء، وفق البيان.
وتابعت الدائرة، أنَّ “أمر الاستقدام الصادر؛ استناداً لأحكام المادة (340)، شمل أيضاً 4 من لجنة المراجعة والمصادقة على الإحالة، ومدير القسم القانوني، و6 من لجنة إعداد مسودة العقد”.
وختم البيان، “وكانت الهيئة قد كشفت الاثنين الماضي عن استكمالها لإجراءاتها التحقيقيَّة والتدقيقيَّة التي أفضت إلى إحالة القضيَّة إلى القضاء؛ لإصدار القرار القضائي المناسب، إذ لفتت إلى وجود مخالفاتٍ شابت العقد تسببت في تمريره، وإلزام مصرف الرافدين بدفع (600) مليون دولار لشركة بوابة عشتار للنظم وخدمات الدفع الإلكتروني للأموال؛ إثر إقدام المصرف على فسخ العقد المبرم مع الشركة”.
وصادقت شركة ’بوابة عشتار’، في وقت سابق، على التنازل عن الشرط الجزائي المترتب على مصرف الرافدين.
واظهرت وثيقة (10 اب 2022)، تنازل شركة “بوابة عشتار” على الشرط الجزائي المترتب على مصرف الرافدين، فيما قررت المحكمة قبول الطلب بالتنازل عن الحكم.
واتخذت محكمة تحقيق الكرخ، في وقت سابق، إجراءات قانونية بشأن عقود شركات الدفع الالكتروني.
وذكر إعلام القضاء في بيان (10 آب 2022)، نسخة منه، أن “محكمة تحقيق الكرخ الثانية المختصة بقضايا هيئة النزاهة قررت اتخاذ الاجراءات القانونية بخصوص عقود شركات الدفع الالكتروني مع مصارف الرافدين، والرشيد، والمصرف الصناعي، والمصرف العراقي للتجارة بالتنسيق مع هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والبنك المركزي”.
وأشار بيان القضاء إلى أن “المحكمة المذكورة قررت استقدام كلا من مديرعام مصرف الرافدين، ومجلس ادارة المصرف ولجان تحليل العقود لمخالفتهم ملاحظات ديوان الرقابة المالية بخصوص توقيع عقد شركة بوابة عشتار”.
وأعلنت شركة “بوابة عشتار” للنظم، أنها تتعهد باسقاط الدعوى المقامة بحق مصرف الرافدين، وابطال حكم الغرامة تجاه المصرف بدون أي شرط.
وأوضحت الشركة في خطاب موجّه إلى مدير مصرف الرافدين (9 آب 2022)، أن “الاتفاق على الشرط الجزائي بقيمته الحالية كان في حالة الفسخ المتعمد او بحالة الاخلال ببنود العقد، ونؤكد لم ولن يكون هدف الشركة المبلغ ولم يتم استلام دينارا واحدا من هذه القضية ولا حاجة لنا فيه”.
وبيّنت، أن “السبب الرئيسي من الشرط الجزائي هو التخوف من خسارة الاستثمارات وتخوفا من الترهيب على ادارة المصرف من شركات تنوي احتكار السوق لوقف استمرارية العقد، أي أن المبلغ لم يكن الا حماية للشركة”.
وفي وقت سابق، كشف مصدر مصرفي رفيع، تفاصيل جديدة بشأن غرامة 600 مليون دولار المفروضة على مصرف الرافدين، والتي أثارت تفاعلا شعبيا وسخطا من حجم الغرامة الضخمة.
وقال المصدر في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية العراقية (9 آب 2022)، إنه “في يوم 4 آذار 2021، وقّع مصرف الرافدين عقداً مع شركة محلية عراقية (بوابة عشتار) بشأن تنفيذ مشروع (خدمة الدفع الإلكتروني)، التي تضمنت من بين باقي التفاصيل نشر 10 آلاف ماكنة للدفع الإلكتروني (ATM)، وإصدار بطاقات إلكترونية للمودعين وخدمات أخرى”.
وأضاف، أن “مدير المصرف ولجنته لم يرجعا، للتأكد من رأي وزارة المالية، حسب الإجراءات القانونية الصحيحة”، مبينا أن “المالية درست تفاصيل العقد بعد اطلاعها عليه، فوجدت فيه إجحافاً واضحاً بحقوق المودعين ومصلحة الخزينة والمال العام، بل إنه عقد مُبيّت تماماً لأغراض غير مشروعة، فضلاً عن شبهات حول الشركة المحلية نفسها ومستوى ادائها”.
وتابع، أن “وزير المالية رفع الأمر بصورة عاجلة إلى رئيس مجلس الوزراء، وهو الرئيس الأعلى التنفيذي المسؤول عن السياسة العامة للدولة، وليس من واجباته أو واجبات مكتبه تدقيق كل عقد تبرمه إحدى مؤسسات الدولة العراقية، وما كان من رئيس مجلس الوزراء إلّا أن وجّه وزير المالية بأن يمضي في حماية الأموال العامة وتطبيق القانون مهما كلّف الأمر، وأن يوقف هذه الرزية المالية التي مرّت مثل مؤامرة فاسدة تحت عنوان، (عقد خدمات)”.
وأوضح، أن “وزير المالية أوقف وفق القانون المدير العام للمصرف وعلّق صلاحيّاته، وأحاله إلى لجنة تحقيقية؛ ثم أحال العقد إلى الرقابة المعنية؛ كي تضع (بصورة قانونية لا انفعالية) النقاط التي يجحف فيها العقد بحق المال العام، ومنها فرض شرط جزائي (غير قانوني)، لو أن مصرف الرافدين أوقف العقد من طرف واحد”.
وبيّن، أن “الشرط الجزائي كان غير قانوني لأنه يتجاوز (وفقاً لمفهوم القانون العراقي) سقف الضرر المحدث الذي يصيب الشركة (لو كان قد أصابها ضرر فعلي). يعني أن غرامة بمقدار 600 مليون دولار، هي أكبر بعشرات المرّات من أي ضرر قد يصيب شركة بوابة عشتار جرّاء إيقاف المصرف للعقد، الذي يعاني بالأصل من الاختلال القانوني، ولأن النيّة مبيتة، فقد لجأت شركة (بوابة عشتار) إلى القضاء، ووجهت في يوم 4 أيار إنذاراً لوزارة المالية وللمصرف بأنها ستطالب قضائياً بالشرط الجزائي (600 مليون دولار)”.
ونبه إلى أنه “في 3 آب، صدر التقرير الرقابي الذي يؤشر عشرات المواضع في العقد المذكور وهي تخالف مخالفة صريحة، تعليمات البنك المركزي العراقي، وتعليمات وزارة المالية، وتضر بالأموال العامة وأموال المودعين ضرراً بالغاً، لكن شركة بوابة عشتار مضت في دعواها، وصدر قرار من محكمة البداءة المختصة بالدعاوي التجارية في الرصافة، يقضي (وفقاً لنص العقد) لصالح الشركة المذكورة وأن يدفع مصرف الرافدين الغرامة الضخمة”.
وأشار إلى أن “المصرف لم يدفع الغرامة المذكورة، لأن هناك مرحلة أخرى هي الاستئناف، ورفع الدعوى الى مستوى قضائي أعلى من مستوى (محكمة تختص بالدعاوي التجارية)، باعتبار أن هناك شبه تعمّد مسبق النيّة بالإضرار بالمال العام، وإبرام عقد فيه إجحاف لمصلحة الأموال العامة وأموال المودعين، بل إنه يخالف مخالفة صريحة العشرات من التعليمات والقوانين والقرارات النافذة”.
ولفت إلى أن “وزير المالية بادر فوراً للقاء رئيس مجلس القضاء فائق زيدان في السابع من شهر آب، ليضعه في تفاصيل الأمر، وقد وعد القاضي فائق زيدان بترتيب كل الإجراءات القانونية في محكمة التمييز لمنع الإجحاف بحق مصرف الرافدين وإيقاف الإجراءات المقررة من قبل محكمة البداءة”.
وذكر، أن “التفاعل الشعبي مع مبلغ الغرامة الضخم أثار سخط الناس، وهم على حق بشأن ذلك، ولاسيما في الوقت الذي تخوض فيه الحكومة عملية جراحية دقيقة ومتعددة الوجوه والمواجهات مع الفاسدين، إلّا أن الطريق الأمثل لمواجهة هذه المشاكل هو بالتأكيد القانون، وقد نجحت الحكومة بالفعل بإيقاف انتهاك القانون ومنع استغلال موارد الدولة، وسيتعيّن على الفاسدين الذين يقفون خلف هذا العقد، سواء كانوا من السياسيين أو أصحاب رؤوس الأموال المشبوهة أكثر بكثير من مجرّد دعوى قضائية يكسبون جولتها الأولى نتيجة التضليل وتعمّد التلاعب، وستكون هذه القضية فيصلاً واضحاً يعرف من خلاله الرأي العام مدى إصرار الحكومة على أن تنهي هذا الملف، لا على طريقة المواطن الكادح الغاضب بتعليق المتهمين في ساحة التحرير، إنما عن طريق فضح كل الاطراف المشتركة، كبرت أم صغرت حجومها”.
واستدرك بالقول، إن “رئيس مجلس الوزراء ليس له في القانون أن (يعدم) مواطناً ولا محكوماً ولا حتى إرهابياً، تحت أي ظرف، أمّا مواجهة الفساد، فهي مواجهة أمنية وقانونية وتشريعية، تتطلب تصميماً وإرادة ودعما لسيادة القانون”.