حرية – (16/8/2022)
ظلت الفتوى التي أصدرها المرشد الأعلى الإيراني السابق، روح الله الخميني، عام 1989 بإهدار دم، سلمان رشدي، بسبب روايته “آيات شيطانية” تطارد العديد من الروائيين والمفكرين الليبراليين الذين اعتبرت كتاباتهم أيضا تطاولا على الإسلام والنبي محمد، وفقا لتقرير نشرته رويترز.
ولم تكن محاولة اغتيال رشدي، وهو من أصول هندية، في نيويورك، الجمعة، حدثا عارضا. فالروائيون والأكاديميون والصحفيون، خاصة في الشرق الأوسط، الذين تجرأوا على انتقاد معتقدات إسلامية أو التشكيك فيها واجهوا تهديدات أو إدانات مماثلة من شخصيات دينية.
ومنهم من تعرض للقتل أو الاعتقال أو الجلد أو اضطر إلى الاختباء أو البقاء في المنفى. وحظرت كتبهم أو اعتبرت تجديفية من قبل مؤسسات دينية تمولها حكومات يعتبرها الغرب حليفة له ومدافعة عن الإسلام الوسطي مثل باكستان ومصر والأردن والسعودية.
وفي السنوات الأخيرة، استخدم متطرفون إسلاميون ودعاة متشددون وقادة جهاديون وسائل التواصل الاجتماعي لتحريض المسلمين بجميع أنحاء العالم على قتل من يتهمونهم بالقدح في الدين والتطاول على النبي.
ما الفتوى ومن يصدرها؟
الفتوى هي مرسوم أو قرار يتعلق بنقطة ما في الشريعة الإسلامية أو رأي صادر عن زعيم إسلامي كبير أو مرجع ديني أو مجلس علماء مؤهل. ويمكن للفتوى أن تتناول مجموعة من القضايا وتشمل الأفراد.
وقد تصدر فتاوى بإهدار دم من ينظر إليهم على أنهم يتطاولون على دين الإسلام أو نبيه.
هل الفتاوى محدودة المدة؟
الفتاوى لا تزول مع الزمن ونادرا ما يتم الرجوع عنها.
فبعد 33 عاما من إعلان الخميني أن كتاب رشدي مسيء ورصد مكافأة في عام 1989 لمن يقتله، تعرض المؤلف للطعن عند ظهوره في فعالية بولاية نيويورك.
ودفع هادي مطر (24 عاما)، وهو أميركي شيعي من أصل لبناني، ببراءته من تهم الشروع في القتل والاعتداء خلال مثوله أمام المحكمة، السبت.
من ينفذ فتاوى إهدار الدم؟
على مدى العقود الثلاثة الماضية، أصدر بعض الدعاة والشخصيات الجهادية التي لها ملايين الأتباع فتاوى تدعو إلى قتل مسلمين تم تكفيرهم، والتحريض على ذلك عبر مقاطع فيديو وخطب وتصريحات.
وينفذ هذه الفتاوى متشددون وخلايا نائمة وأتباع يريدون تلبية نداء مرجعيتهم وتنفيذ واجب ديني.
وفي 14 أكتوبر 1994، طعن أحد المتطرفين الكاتب المصري الحائز على جائزة نوبل، نجيب محفوظ، عدة طعنات في رقبته، في محاولة لتنفيذ فتوى أصدرها عمر عبد الرحمن، الذي كان أحد رجال الدين السنة البارزين في الجماعة الإسلامية.
وأصدر عبد الرحمن فتواه أثناء محاكمته في سجن أميركي بتهمة الضلوع في مؤامرة تفجير في نيويورك، وقال إنه يجب قتل محفوظ معتبرا أن روايته “أولاد حارتنا” التي كتبها عام 1959 بها تطاول على الإسلام.
وألقي القبض على الشخص الذي حاول قتل محفوظ، وفي أثناء استجوابه اعترف بأنه لم يقرأ كتبه قط، لكنه أقدم على محاولته تلك بناء على فتوى أصدرها شيخه المتشدد.
ما موقف السلطات الدينية إزاء الفتاوى؟
هناك خط ضبابي يفصل بين الإسلام المتشدد (الراديكالي) والإسلام المحافظ الذي تديره الدول، وفقا لرويترز.
وفشلت حكومات عربية متحالفة مع الغرب في كبح جماح سلطاتها الدينية وتعاليمها، أو توفير الحماية لكتاب ومفكرين وضعهم المتشددون على قائمة الموت.
على سبيل المثال، حظر الأزهر الممول من الدولة والذي يمثل أعلى سلطة إسلامية في مصر كتاب محفوظ قبل وقت طويل من الهجوم عليه، بتهمة الإساءة للإسلام من خلال تصوير شخصيات ترمز للنبي محمد.
وفي 8 يونيو 1992، قتل الكاتب الليبرالي المصري، فرج فودة، برصاص اثنين من أعضاء الجماعة الإسلامية بعد أن اتهمه الأزهر بأنه “عدو للإسلام” و”مرتد”.
ويشير بعض المثقفين العلمانيين إلى أن الإدانة العلنية من قبل علماء الأزهر ترقى لمستوى حكم الإعدام، ويقولون إن المتشددين يعتبرون مثل هذه الأحكام رخصة لقتل من هو محل الاتهام.
وتستند منظومة القضاء في السعودية إلى أحكام الشريعة الإسلامية، وقضاتها رجال دين من المذهب الوهابي السني شديد المحافظة.
وهناك عدد كبير من الفتاوى أصدرها رجال دين سعوديون وتطالب بمحاكمة وسجن أو إعدام كتاب ومدونين وأصحاب أعمدة صحفية وناشطين بتهمة كتابة مقالات “زندقة” وردّة.
وأثارت مثل هذه الفتاوى في المملكة ردود فعل حادة وتهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واضطر بعض الكتاب إلى إزالة منشوراتهم وإصدار اعتذارات علنية والاستتابة. وتعرض آخرون للجلد والسجن.