حرية – (21/8/3022)
على بعد 28 كيلومتراً تقريباً عن مركز محافظة كربلاء، وبالقرب من بحيرة الرزازة، يتوافد حشود من الزائرين من مختلف المحافظات وبعض الدول الى مزار ديني يعرف بـ “قطارة الامام علي”، وهو عبارة عن ينبوع ماء يتبرك منه الزائرون.
وكما هو معتاد يحتشد الزائرون في المزار للتبرك بالماء وإقامة الصلوات، قبل ان تحل الكارثة أمس السبت (20 آب 2022)، بعد أن انهار تل ترابي على المبنى، مسبباً محاصرة عدد من الزائرين بينهم اطفال.
وترجع مديرية الدفاع المدني السبب الى تشبع الساتر الترابي الملاصق للمزار بالرطوبة، ما أدى عن انهيار كومة ترابية على سقف المزار فسقط على عدد من الزائرين.
الامتداد التاريخي
تعود قصة “القطارة” التاريخية، الى رواية تاريخية لدى المسلمين الشيعية بأنه بعد عودة الإمام علي من معركة “صفين” مع سبعين رجلاً من جيشه، نزل بأرض ليس فيها ماء.
وعندما ادركهم العطش شكوا إلى الإمام علي، فقام يمشي حتّى وقف في مكان (ضحضاح)، وأمر بذلك المكان فكنس، فأجلى عن صخرة، ورمى بها فانجلت عن ماء لم ير أشد بياضاً، ولا أصفى، ولا أعذب منه، فتنادى الناس الماء، فاغترفوا وسقوا وشربوا وحملوا.
ويعتقد المسلمون الشيعة بأن “قطارة الامام علي” الحالية هي ذاتها المتعلقة برواية عودته من صفين، رغم ان المزار لا يدار من قبل ديوان الوقف الشيعي وأن قطعة الأرض المشيد عليها المقام غير مسجلة باسم الديوان أو موقوفه له”، بحسب بيان رسمي للأخير صدر بعد حادثة الانهيار.
الموقع الجغرافي
بين صخور كبيرة، كأنها سلسلة جبلية وعند التقاء طريق تلين أو صخرتين ثم قبة خضراء تعلو بناء مربع الشكل هو مكان (قطارة) الإمام علي، الذي أصبح مزاراً لكل من يريد أن يزور المنطقة.
المكان عبارة عن حفرة صغيرة، لا تزيد مساحتها عن متر مربع ويقطر الماء من هذه الصخرة. ويقصد هذه القطارة الزائرون للتبرك بها، ويقع في وسط الصحراء غرب كربلاء بالقرب من بحيرة الرزازة، في شق صخري عميق ينزل إليه بأكثر من سبعين درجة، ولا يزال الماء يتدفق داخل وحول القطارة، ويشرب منه الزائرون ويتبرك به الناس.
اكتشاف القطارة
في ستينيات القرن الماضي عرفت منطقة عين التمر، بعد العثور على قبر (أحمد بن هاشم) الذي يعود بنسبه إلى الإمام علي وتم أيضاً التأكيد بأن القطارة هي أحد كرامات الإمام علي وأطلق عليه: “قطارة علي”.
وحظيت (القطّارة) كما يسميها أهالي كربلاء، باهتمام بالغ من قبل الزائرين، حيث تستقبل سنوياً مئات الالاف من الزائرين، لارتباطها بـ”معجزة دينية” بحسب الروايات.
وكشف الجيولوجي صباح حسن عبد الامير من محافظة كربلاء، تفاصيل الانهيار الذي حصل في مزار “قطارة الامام علي” في كربلاء، والأسباب التي أدت إلى ذلك.
وذكر عبد الامير في منشور على صفحته الشخصية في “فيسبوك (21 اب 2022)، انه “أثار حادثة الانهيار في منطقة القطارة، التي زرتها أكثر من مرة منذ أعوام الستينات من القرن الماضي تقع من المنطقة المنبسطة التي تشكل منخفض بحيرة الرزازة تحدها تلال بارتفاع 7- 8 متر عن مستوى سطح بحيرة الرزازة تتكون من طبقات صخرية رملية تتخللها شرائح من طبقات جبسية تتخلل طبقات الرمل”.
وأضاف “هي عرضة للتعرية بواسطة الرياح من الأعلى والجوانب والتحلل و ذوبان الشرائح الجبسية عندما يرتفع مستوى المياه في الرزازة فيتسبب بانهيار اجزاء من هذه التلال الرملية آخرها سنة 2008 و سقوط النخلة وقتها”.
وأشار إلى أن “هذه المنطقة التي تتغلغل مياه الامطار فيها وتدخل بين شقوق الرمل في هذه المنطقة وتخرج من قاعدة التل في المنطقة المسماة بالقطارة وكانت المياه تنقطع فيها صيفا، ويرتادها سابقا رعاة الاغنام للراحة و الوقاية من حرارة الشمس استغلها سائقو نقل الرمل او حجر الجبس المتناثر على رصيف الرزازة كمكان للراحة والانتظار وكان المكان عبارة عن منصة بابعاد 3*3، نبتت بجانبها نخلة كانت تسقط دائما عندما تكون رطوبة الأرض عالية”.
وبين “اما سبب انهيار الاخير، فيعود إلى استغلال صاحب المشروع الأخير للقطارة فقام بمد أنابيب ماء في أسفل التلال لديمومة خروج المياه وهو ما سبب تفتت تربة المنطقة بفعل نضوح الماء منها ثم أقام عليها منشاة خراسانية لم تتحملها الطبقات الرملية الهشة ما أدى إلى انهيارها”.
ويستمر رجال الإنقاذ في موقع الانهيار بالقرب من قطارة الإمام علي بمحافظة كربلاء، بعمليات الإنقاذ والبحث عن المحاصرين تحت الأنقاض.
وأظهر مقطع مصور ، (21 آب 2022)، جانباً من عمليات البحث باستخدام الآليات الخاصة، عن المحاصرين، وإزالة الركام عن المناطق التي تعرضت للانهيار.
وأكد ديوان الوقف الشيعي، الأحد، أن مزار “قطارة الإمام علي” لا يدار من قبله، فيما أشار إلى أن “أرض المزار غير مسجلة باسم الديوان”.
وذكر الديوان في بيان (21 آب 2022)، “لقد تلقينا بأسف بالغ خبر أنهيار تلة ترابية في مزار مقام وقطارة الامام علي (عليه السلام ) في محافظة كربلاء المقدسة مما أدى الى إصابة عدد من المواطنين ومحاصرة عدد آخر داخل المقام”.
وأضاف “اننا اذ ندعو الله سبحانه وتعالى لشفاء المصابين وإنقاذ المحاصرين بسبب الأنقاض نود ان نبين إن المقام اعلاه لا يدار من قبل دیواننا وأن قطعة الأرض المشيد عليها المقام غير مسجلة باسم الديوان أو موقوفه له”.
كما دعا الوقف، الجهات القائمة على إدارة وخدمة المزار، إلى “اتخاذ الاجراءات اللازمة وتكثيف الجهود بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لانقاذ المحاصرين ورفع آثار انهيار التلة الترابية و معرفه اسبابها لمنع تكرار ذلك”.
وتحدثت مديرية الدفاع المدني، في وقت سابق، عن تفاصيل واقعة الانهيار الصخري قرب قطارة الإمام علي في محافظة كربلاء، فيما أشارت إلى أن أعداد المحاصرين تحت الركام لا تتجاوز 6 أشخاص.
وقال مدير إعلام وعلاقات مديرية الدفاع المدني جودت عبدالرحمن في تصريح (21 آب 2022): إنّ “عمليات الحفر جارية على قدم وساق، وأن مفارز الدفاع المدني تتسابق مع الزمن لأجل إنقاذ المحاصريين”.
وأضاف “بعد منتصف الليلة الماضية أنقذنا الشخص الثالث وهو طفل كان محاصراً داخل الركام”، مشيرا إلى أن “المعلومات المتوفرة حسب شهود العيان تبين أن هنالك أشخاص آخرين ما يزالون محاصرين بين الركام”.
وأوضح أن “عمليات البحث والحفر مستمرة فضلا عن إيصال الأكسجين إلى مناطق الانهيار تحسباً لوجود أشخاص محاصرين، حتى نتأكد تماما من خلو المكان من الأشخاص المحاصرين أو إنقاذهم في الوقت المناسب”.
وأشار إلى أنه “قبل إنقاذ الأشخاص الثلاثة خمن شهود العيان وجود 6 أشخاص”، مبينا أنه “خلال عمليات البحث تم إنقاذ ثلاثة أطفال ويقال إن هنالك نساء ولا يمكن الجزم لأن الأمر مرهون بعمليات البحث”.
وبشأن تفاصيل الحادث، قال، إن “الحادث حصل نتيجة انهيار تلة ترابية وبعض القطع الكونكريتية، وأن المكان أشبه بالتلال والكهوف”، لافتا إلى أن “التحليل الأولي للحادث بين أنه وقع نتيجة الرطوبة العالية”.
وأكد أن “مفارز الدفاع المدني في كربلاء وصلت في الوقت المناسب وإسناد المكان بأكثر من 30 فرقة إنقاذ بإشرف مدير الدفاع المدني”، مشيرا إلى أن “المفارز تتعامل مع حادثة في مكان ضيق لهذا يتم استبدال رجال الإنقاذ بين الحين الآخر بحسب الحاجة”.
وبشأن عمق الحادث، أكد أن “الأعماق ليست كبيرة ولا تتجاوز الأمتار المعدودة؛ لأنها تلّة ترابية مع كتل كونكريتية”.
وأشار المتحدث باسم الدفاع المدني، أن “الحالة للصحية للطفل الذي تم إنقاذه جيدة، لان فرق الإسعافات الأولية كانت حاضرة واستطاعت إسعافه بنفس اللحظة فضلا عن وجود والد الطفل الذي أدى إلى ارتفاع معنويات الطفل”.
وأعلنت مديرية الدفاع المدني، في وقت سابق، عن استمرارها بعمليات إنقاذ المحاصرين في قطارة الإمام علي.
وذكرت المديرية في بيان، (21 اب 2022)، انه “تواصل فرق إنقاذ الدفاع المدني عمليات الحفر الدقيق باستخدام معدات الأنقاذ الخفيف لقص قضبان التسليح ورفع الكتل الخرسانية في موقع قطارة الإمام علي في كربلاء باشتراك فريق النخبة من رجال البحث والأنقاذ التابع الى مديرية الدفاع المدني في بغداد واسناد فرق إنقاذ محافظات بابل والديوانية والمثنى كـ جهد ساند لفرق إنقاذ كربلاء بقيادة مباشرة من مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم سلمان بوهان”.
واضاف البيان “حيث استمر العمل طيلة ساعات اليل وتمكنت فرق الدفاع المدني من إيصال الأوكسجين ومياه الشرب والطعام للمحتجزين عبر اتمام عمل ثغرات في كومة الركام والكتل الخرسانية مع التواصل اللفظي المستمر لطمأنتهم ، ونجحت الفرق بإخراج طفلين وصبي بصحة جيدة تم نقلهم الى المستشفى لمتابعة وضعهم الصحي ومازلت تجهاد وتواصل اعمال الإنقاذ لحين إخراج جميع المحتجزين من الزائرين والعمال”.
وتشير المعلومات الأولية، بحسب البيان، ان “سبب حادث كان نتيجة التشبع بالرطوبة للساتر الترابي الملاصق للمزار مما أدى عن انهيار كومة ترابيه على سقف المزار وسقط على عدد من الزائرين”.
وأصدرت خلية الإعلام الأمني، بياناً حول الجهود المستمرة لانقاذ العالقين تحت ركام “قنطرة” الإمام علي في كربلاء.
وقالت خلية الاعلام الامني في بيان (20 آب 2022)، ان “الدفاع المدني تمكن من انقاذ شخصين من المحتجزين بينهما طفل بصحة جيدة من تحت ركام قنطرة الإمام علي، في كربلاء التي تعرضت لانهيار سدة ترابية فيها وتواصل عمليات الإنقاذ”.
وبعد ذلك، تمكنت فرق الدفاع المدني، من إنقاذ طفل آخر، كان محاصراً هناك.