حرية – (1/9/2022)
رغم انها ليست المرة الأولى التي يعتزل فيها زعيم “التيار الصدري” في العراق مقتدى الصدر العمل السياسي، إلّا أن الوضع القائم في البلاد يبدو خطيراً.
تحت عنوان “بعد خضة اعتزال مقتدى الصدر.. ماذا ينتظر العراق؟”، استضافت “جسور” الأربعاء، عبر حسابها على “تويتر”، وضمن حلقات النقاش الأسبوعية عبر “تويتر سبايسز”، كلاً من الخبير قانوني جمال الأسدي، ورئيس تحرير وكالة “حرية” الإخبارية أحمد الحمداني، والكاتب والمحلل السياسي علي بيدر، ومدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الإستراتجية عباس الجبوري.
نموذج جديد
في الجانب القانوني، كشف الخبير القانوني جمال الأسدي، أن “الدستور العراقي لم يتطرّق إلى مسألة الإعتزال بل إلى مسألة الإستقالات، كما لم يتطرّق إلى مسألة تحكم الدين بالسياسية، كونه اكتفى برسم شكل الدولة العام ولم يدخل في تفاصيل العملية السياسية وآليات التعامل السياسي”.
وتابع، “الوضع في العراق غريب حتى على العمل السياسي، ويعتبر نموذجا جديدا لا يمكن تفسيره”، لافتاً إلى أن “هناك ازدواجية بين الثقافة الدستورية والقانونية في البلاد، إذ ان الدستور العراقي يعتمد على النصوص المرنة، بينما أغلبية القوانين العراقية منذ تاريخ الدولة العثمانية تعتمد على النصوص الجامدة، وهذا الأمر يخلق تفسيرات عديدة”.
في سياق آخر، أكد الأسدي أن “الطائفية لا تختفي وموجودة في العراق كما في كل العالم، لكن القانون والنظام يسيطران على التزام كل طائفة أو فئة بحقوقها، وإعطاء حقوق لطائفة على حساب أخرى بإمكانه أن يولد حروبا، كما يحصل في بلاد كثيرة”.
إنسحاب إنفعالي
من جهته، اعتبر رئيس تحرير وكالة “حرية” الإخبارية، أحمد الحمداني، أن “انسحاب الصدر من العملية السياسية كان إنفعاليّاً، فهو يملك قاعدة شعبية كبيرة “.
كما توقع أن الصدر “مهما ابتعد عن الساحة السياسية، سيعود لأن أتباعه سيبقون معه كون لا بديل عنه بالنسبة لهم، وطاعتهم عمياء له، باعتبار أنه يملك القوة”.
ولفت الحمداني إلى أن “الصدر غاب بكلمات لكنه عاد بفعل، والمشهد صعب والوضع في العراق لا يتحمل غياب القادة السياسيين واعتزالهم المشهد السياسي”.
وأكد أن “العراق ينتظر اتفاقا بين الكتل السياسية، التي لا بد أن تستجيب إلى مبادرة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الحوارية، وإلا ستكون هناك مشكلة حقيقية على الأرض في العمل السياسي في البلاد”.
مرشد مقلّد
في المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي علي بيدر، أن “الصدر يحاول استنساخ التجربة الإيرانية وأن يكون مرشدا جديدا في العراق، مقلداً ما فعله السيد آية الله روح الله الخميني في إيران، الأمر الذي سيعطيه الزعامة الدينية والسياسية وسيجعله السيد الأول والأوحد في البلاد، وهذه النقطة تشكل خطراً على الشرعية والتجربة الديمقراطية العراقية”.
وقال، “اعتدنا على المناورات السياسية والخطوات التي تدفع باتجاه أن يصبح الصدر “الترند” السياسي الأول في البلاد، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، كما لن يدوم اعتزاله للمشهد السياسي أكثر من أسبوعين، لكن إن عاد سيكون هناك ترحيب واحتضان سياسي له”.
وحذر بيدر من أن “إصرار الصدر على الحصول على أكثر مما يستحق، ومحاولة إضعاف الآخرين داخل المكون الشيعي سيقود الى مزيد من التشنجات والمواجهات فيما بينهم”.
وذكر أن “عودة الصدر ستكون قريبة، لكنها مرهونة بحوارات ومفاوضات ورغبات ربما تستسلم لها قوى الإطار، وبالتالي تجبر على اتخاذ خيارات تجعل من زعيم التيار الصدري رقما جديدا وصعبا في المعادلة وكما يريد”.
طائفية مدفونة
ختاماً، لفت مدير مركز الرفد للإعلام والدراسات الإستراتجية، الدكتور عباس الجبوري، إلى أن “الوضع السياسي في العراق معقد بعض الشيء، والتراكمات التي بدأت منذ عام 2003، ظهرت سلبياتها في المرحلة الحالية، ولحد الآن، الصدر يمتلك المبادرة، والدليل على ذلك انه استطاع خلال 60 دقيقة إيقاف الفوضى التي حصلت في البلاد وإطفاء الفتنة”.
وتابع: “الحل الأمثل للأزمة السياسية في العراق هو بتشكيل حكومة وفق الآليات الدستورية، ومن ثم مراعاة مطالب الصدر فيها. وهذه الحكومة، كما قال بعض الكتل السياسية، ممكن أن يحدد لها وقت معين لتقوم بإعداد قانون انتخابات نيابية جديدة، وتسعى لانتخابات مبكرة قد تعيد التوازن السياسي”.
من جانب آخر، شدد الجبوري على أن “الطائفية تم دفنها نهائيا في العراق، وعندما خرج العراقيون عام 2019 إلى الشارع لم يكن التمييز بين أديانهم ممكناً، إذ ان الطائفية موجودة فقط لدى السياسيين حين وزعوا المناصب والمكاسب فيما بينهم على شكل حصص طائفية”.