حرية – (11/9/2022)
من العالم العربي إلى أميركا اللاتينية أو أوروبا تكافح المصورات الصحافيات لإثبات أنفسهن ونوعية عملهن في مجال يضم في غالبيته ذكوراً عبر التركيز على الأسلوب والتمسك بتغطية موضوع يرغبن بالعمل عليه وتوحيد صفوفهن.
وتقول المصورة الصحافية التي تعمل في المهنة منذ 50 سنة فرانسواز أوغييه، وهي حائزة على جائزة “وورلد برس فوتو” لعام 1993 (مسابقة التصوير الصحافي التي تنظمها سنوياً مؤسسة الصحافة العالمية للصور) عن صور مذكرات يومية أنجزتها خلال رحلة لها إلى سيبيريا، “كثيراً ما سألني مديرو وسائل إعلام هل تشعرين أنك قادرة على إنجاز هذه المهمة؟ والمقصود ضمنياً (لأنك امرأة) كنت أستطيع القيام بها أكثر منهم”.
عام 2021، كانت المشاركة النسائية في هذه المسابقة المرموقة لا تزال تقتصر على 19 في المئة فقط. على الأرض، نسبة النساء العاملات في التصوير الصحافي أعلى من ذلك، مقابل مردود غالباً غير ثابت.
وتقول أوغييه لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش مهرجان “فيزا بور ليماج” الدولي للتصوير الصحافي المقام في بيربينيان (جنوب فرنسا)، “على الرجال الاهتمام بالأطفال عندما تكون الأم عاملة في هذا المجال”، مضيفة، “عدد كبير من صديقاتي تركن عملهن عندما أصبحن أمهات (…) أنا لم أرزق بأطفال”.
وتشارك أوغييه في المهرجان بمعرض عنوانه “توت آن روتريه” في الكواليس Toute en retrait)) يضم صوراً التقطتها خلال تغطيتها أحداثاً متنوعة حول العالم من مالي وصولاً إلى روسيا وسيول ودوربان ومن عروض الأزياء الراقية إلى الأحياء الفقيرة المهمشة.
توازن
يشكل تحقيق التوازن بين العمل وتربية الأولاد إحدى العقبات التي تواجه النساء في قطاع يطغى عليه الرجال من غرف التحرير إلى أعضاء لجان التحكيم في المسابقات، وفق ما يقول “مرصد الاختلاط” (أوبسرفاتوار دو لا ميكسيتيه) التابع لجمعية “فتيات التصوير” (لي فيي دو لا فوتو).
وتشارك في مهرجان “فيزا” البارز في مجال التصوير الصحافي هذا العام ثماني نساء من أصل 25 شخصاً يعرضون صورهم. وترى أوغييه عميدة المصورات أنها “حصلت على فرصة” البروز خلال سبعينيات القرن الـ20 حين “كان عمل النساء مصورات صحافيات يتسم بتعقيد أكبر”.
وعلى رغم بلوغها الثمانين لا تنوي أوغييه التقاعد فالمبلغ الذي ستحصل عليه شهرياً بعد تقاعدها لا يتخطى 700 يورو، كونها مصورة مستقلة. وتقول، “عندما تراودني فكرة ما لا أتخلى عنها، فأنا عنيدة”، مضيفة، “ينبغي على المرء أن يتبع فضوله، وأن يقاتل من أجل تنفيذ موضوع يرغب في تغطيته”.
في المقابل، تقول اللبنانية تمارا سعادة (25 سنة)، وهي أصغر مشاركة في المهرجان، “العمل في هذا المجال مرتبط بشخصية من يختار هذه المهنة أكثر من كونه مسألة جنس أو فئة اجتماعية”.
وتضيف الشابة التي يضم معرضها “بلا هوادة” (سان ريبي، sans repit) صوراً تجسد الأزمة التي تعصف بلبنان منذ الانفجار المأسوي الذي طاول مرفأ بيروت سنة 2020، “لطالما كانت المهنة تضم مصورات صحافيات، لكن التركيز كان أكبر على المصورين الذكور”، مشيرة إلى أسماء مصورات صحافيات وصفتهن بـ”الملهمات والمذهلات” من أمثال ميريام بولس وتانيا حبجوقة ورندة شعث.
وتوضح، “المصورات الصحافيات لسن مختبئات ولا هن نوعاً نادراً، لكن وسائل الإعلام لا تتصل بهن”. وتدعو زميلتها الفنزويلية أنا ماريا أريفالو غوسن (33 سنة) إلى التضامن بين العاملات في مجال التصوير الصحافي.
وتقول، “لا نزال بعيدين جداً عن المساواة في التمثيل بين الجنسين، لكن في أميركا اللاتينية، هناك مجموعات تتحد فيها النساء. ننظم أنفسنا بهدف نشر أعمالنا، ونكتسب خبرات من بعضنا بعضاً. فالسر يكمن في توحيد قوانا من أجل الكفاح”.
يقظات في الميدان
وترى تمارا سعادة أن على النساء أن يكن يقظات في الميدان لتفادي “اعتداءات صغيرة” تدينها تمارا سعادة، مضيفة أنها غالباً ما تسمع “تعليقات لا يسمعها زملائي الرجال”، لكن هل يتاح للصحافية المصورة الوصول بشكل أسهل إلى الحياة الشخصية؟ تعتبر فرانسواز أوغييه التي سمح لها بالتصوير داخل أديرة في كولومبيا، أنه “ينبغي احترام الناس وحياتهم، وأخذ الوقت اللازم”.
وتؤيد أوغييه في رأيها أنا ماريا أريفالو غوسن التي تشارك في المهرجان عن معرضها بعنوان “دياس إتيرنوس… فنزويلا، سلفادور وغواتيمالا (2017-2022)”، أو “الأيام الطويلة” في سجون النساء المكتظة التي تفتقر إلى معايير السلامة. وتقول، “لم أستطع الوصول إلى المعلومات الخاصة التي كنت أبحث عنها إلا من خلال العمل مع النساء، لكن رواية أوضاع النساء تعني أيضاً رواية حياة الرجال الذين يعانون بالقدر نفسه”، مشيرة إلى أن “نظرة” مثلاً إلى أوضاع النساء بالتحديد، لا تمنع إظهار الواقع الذي يعانيه الجميع، الإناث والذكور.