حرية – (28/9/2022)
أصبح بعض الناس يرون أن دخول عالم الشهرة والأضواء أصبح أمراً سهلاً، بعد انتشار صناع المحتوى حول العالم، والذي بدأ عن طريق قنوات اليوتيوب.
هذا تماماً ما كانت تظنه الأمريكية سامانثا وولفورد، التي كانت تحلم بأن تصبح شخصاً مشهوراً، فاختارت التوجه لعالم اليوتيوب، ونشر فيديوهات تخص حياتها الخاصة، بهدف الوصول إلى عدد كبير من المتابعين، ومنافسة أشهر صناع المحتوى في أمريكا.
هوس سامانثا بالشهرة قادها إلى طريق مظلم، وحوّلها إلى مجرمة، فقتلت أقرب شخص لها، وهو زوجها ووالد أطفالها.
سامانثا وحلم الأمومة والشهرة
ولدت سامانثا وولفورد سنة 1989 بولاية تكساس، في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت الأكبر بين ثلاثة إخوة، عندما وصلت سن المراهقة أصبحت تحلم بأن تصبح أماً، وأن تصبح شخصاً مشهوراً، عن طريق إحتراف التمثيل.
حققت سامانثا حلمها الأول وأصبحت أما وعمرها لم يتجاوز 19 سنة، بعد أن دخلت في علاقة عاطفية مع زميل لها في الجامعة، وأنجبت منه طفلين توأمين، لكن علاقتهما انتهت بعد فترة قليلة من الإنجاب.
في سنة 2008 تعرفت سامانثا على شاب آخر، اسمه إيرني ايبارا، في محل للوشم، وبعد تواصل مستمر ارتبطا بشكل رسمي، وقررا العيش مع بعضهما البعض، بعد أن اكتشفا أن لهما اهتمامات مشتركة، وأن هناك انجذاباً كبيراً بينهما.
كان إيرني ايبارا، المولود سنة 1985، معروفاً بين عائلته وأصدقائه بشخصيته الرزينة، وتعامله الجيد مع جميع من حوله، وبعد زواجه من سامانثا قرر إعطاء اسمه لأطفالها، ليكون أباً لهم بشكل قانوني.
هوس اليوتيوب سبب لها مشاكل عائلية
في سنة 2010 قررت سامانثا تحقيق حلمها في دخول عالم الشهرة، والذي كان مؤجلاً بسبب انشغالها برعاية أطفالها، فقامت بإنشاء قناة خاصة بها على اليوتيوب، حملت اسمها الكامل، وشرعت في نشر فيديوهات قصيرة، تارة تتحدث فيها عن مواضيع تافهة، وتارة أخرى تصور حياتها الخاصة، لكنها لم تجد تفاعلاً على قناتها، بسبب سوء المحتوى الذي تقدمه، وطريقة تصويرها التي كانت بعيدة كل البعد عن الاحترافية.
بعد سنة من المحاولة، وفي سنة 2011، اكتشفت سامانثا أنها حامل، وبعد الإنجاب عادت مجدداً لنشر الفيديوهات على قناتها، وأصبحت تظهر أطفالها في المقاطع المصورة، رغم رفض إيرني لهذا التصرف.
وفي الوقت الذي كان يعاني فيه إيرني من أجل توفير لقمة العيش لعائلته الصغيرة، والتي أصبحت مكونة من 6 أفراد، أصبحت سامانثا مهووسة بقناتها، ونشر فيديوهات مستمرة عليها، بالرغم من عدم نجاحها فكان معدل المشاهدات التي تحصل عليها لا يتجاوز 100 شخص، أو أكثر بقليل.
ولهذا السبب كثرت المشاكل بين إيرني وسامانثا، بعد أن رفضت التوقف عن تصوير الفيديوهات واستثمار وقتها في العمل وجني المال من أجل مساعدته، خصوصاً أنه أصبح يعمل عملين مختلفين، الأول في الفترة الصباحية، والثاني خلال الليل.
حادث حسّن علاقتهما وطفل جديد تسبب في تدهورها
بعد الكثير من محاولات الإقناع الفاشلة قرر إيرني إنهاء علاقته بسامانثا، ومغادرة المنزل، لكنه استمر في توفير مصروف أطفاله.
وخلال تلك الفترة تعرضت سامانثا لحادث، حيث وقعت طاولة خشبية ثقيلة على قدميها وتعرضت لكسور منعتها من الحركة، وأصبح من الصعب عليها العناية بالأطفال وحيدة.
فقرر إيرني العودة للعيش مع سامانثا من أجل الاعتناء بأطفالهما، وخلال تلك الفترة تحسنت علاقتهما، ونتج عنها طفل آخر، أنجبته سنة 2013.
لكن العلاقة بينهما تدهورت من جديد بعد أن زاد عدد الأطفال، وزادت المسؤولية على إيرني بشكل أكبر، فعاد لطلب مساعدته في توفير مصروف للمنزل، الأمر الذي اعتبرته سامانثا تقييداً لرغبتها في تحقيق حلمها الكبير في الشهرة.
في تلك الفترة بدأت سامانثا، تنشر الشائعات، وتقول لعائلتها، وعائلة زوجها، إنها تتعرض للعنف من طرف إيرني، لكن لم يصدقها أحد منهم، ومن أجل إثبات ذلك قدمت ضده بلاغاً للشرطة بتهمة التعنيف.
وبالرغم من ذلك لم يهجر إيرني زوجته من جديد، واستمر في العيش معها، وتحمل تصرفاتها غير المسؤولة، رغبةً منه في العيش رفقة أطفاله.
قررت التخلص من زوجها وزجّه في السجن، ولكن..
في بداية سنة 2015 ذهبت سامانثا لزيارة إحدى صديقاتها، التي كانت قد أنجبت حديثاً، وخلال حديثهما شرعت في انتقاد زوجها، والتعبير عن مدى تعاستها معه، مشيرة إلى أنه السبب في عدم تحقيق حلمها في النجومية.
وخلال الحديث سمع حبيب صديقة سامانثا، المدعو جوناثان سانفورد، جزءاً من الحوار، فاقترح عليها أن يساعدها بالتخلص من إيرني، وزجه في السجن بقضية مخدرات، وعلى عكس المتوقع وافقت سامانثا على الفكرة، وقررت تنفيذ الخطة.
ولتكون الخطة ناجحة قرر جوناثان إشراك بعض أصدقائه في العملية، من بينهم أخو حبيبته، فتم التخطيط لها لعدة أيام، لتكون مُحكمة، مع إبعاد الشبهات عنهم بشكل كامل.
لكن قبل يوم واحد من تنفيذ الخطة، يوم 19 فبراير/شباط 2015، اقترح جوناثان على سامانثا تغيير الخطة، وعوض زجّ إيرني في السجن قال لها إن قتله أفضل بالنسبة لها، وطلب منها عدم الرد بشكل سريع، والتفكير في الأمر خلال اليوم، ففي حال وافقت على الأمر ستترك باب المنزل مفتوحاً لهم للقيام بعمليتهم الإجرامية.
عصابة ملثمة تخطف إيرني
في اليوم الموالي، وفي تمام الساعة الواحدة صباحاً بعد منتصف الليل، اتصلت سامانثا بوالدتها وهي تبكي، وقالت لها إن مجموعة رجال ملثمين قد اقتحموا المنزل، واختطفو زوجها بعد أن أبرحوه ضرباً، وطلبت مساعدتها والحضور إلى منزلها بشكل عاجل.
ولأن والدة سامانثا كانت تعيش في منطقة بعيدة عن منزل ابنتها، طلبت من أختها التي تعيش في مكان أقرب تقديم المساعدة، والانتقال إلى منزل سامانثا لمعرفة ماذا حصل.
وعند وصول خالة سامانثا إلى المنزل وجدت الباب مفتوحاً، ولاحظت أنه سليم، وليس عليه أية علامات لمحاولة الاقتحام، وبعد دخولها وجدت ابنة أختها جالسة على الأرض مكبلة بشريط من الدانتيل باللون الوردي، في حين كان جميع الأطفال نائمين في الغرفة نفسها، في الوقت الذي كانوا ينامون في غرف مختلفة دائماً.
شعرت خالة سامانثا بأن هناك أمراً غريباً يدور حول هذه الواقعة، فسألت سامانثا عن كيفية اتصالها بوالدتها، في الوقت الذي تم فيه تقييد يديها، فقالت لها إنها أجرت المكالمة عن طريق أنفها، وهو الأمر الذي لم تصدقه.
اتصلت خالة سامانثا بالشرطة، التي شرعت في التحقيق مباشرة بعد الوصول إلى المنزل، وكانت ملاحظاتهم مشابهة لتلك التي أشارت إليها الخالة.
وفي تصريحها الأول قالت سامانثا إن ثلاثة رجال ملثمين، يرتدون ملابس سوداء، اقتحموا المنزل في الوقت الذي كانت فيه نائمة إلى جانب زوجها، وإنها لا تعرف من يكونون، ولا السبب وراء اختطافهم له.
الشرطة تكشف تورط سامانثا في الجريمة
انتقلت سامانثا إلى مخفر الشرطة من أجل التحقيق معها وسماع أقوالها، لكنها لم تكن مشتبهاً فيها، فكانت تستعمل هاتفها النقال بشكل عادي.
وبعد فترة من الاستجوابات قالت سامانثا إن هاتف إيرني معه، فأعلمتها الشرطة بأنهم يمكنهم تعقبه من خلاله، وفي تلك اللحظة طلبت الإذن، زاعمةً التواصل مع والدتها، لكنها في الحقيقة اتصلت بشريكها في الجريمة جوناثان، وطلبت منه التخلص من هاتف زوجها لكي لا يتم القبض عليه.
استمرت الشرطة في التحقيق مع سامانثا إلى صباح اليوم الموالي، وذلك لشعورهم بأن هناك شيئاً ما مريباً تخفيه عنهم، خصوصاً أن طريقة كلامها كانت غريبة، وكانت تجيب عن أسئلتهم بطريقة غير واضحة.
في تمام الساعة التاسعة غيرت سامانثا أقوالها، وقالت إنها تشك في بعض الأشخاص، وذكرت اسم جوناثان وأصدقائه، زاعمة أنهم أرادوا إيذاء زوجها من قبل، لكنها رفضت ذلك.
وبعد إلقاء القبض على جوناثان وأصدقائه اعتروفوا بالجرم المنسوب إليهم، وأكدوا على أنهم قاموا بخطف وقتل إرني بطلب من سامانثا، التي خططت برفقتهم لهذه الجريمة.
سامانثا أنكرت كل التهم المنسوبة إليها، مشيرة إلى أن جوناثان يريد توريطها في القضية، وأنه لا علاقة لها بخطف وقتل زوجها.
لكن الدلائل كانت ضدها، خصوصاً بعد وصول الشرطة إلى تسجيلات لكاميرا مراقبة من أحد الأسواق الكبرى وهما معاً، إضافة إلى سجل الهاتف الذي يؤكد تواصلهما، ثم الرسالة النصية التي كانت قد أرسلتها لجوناثان خلال فترة التحقيق، تطلب منه التخلص من هاتف زوجها.
السجن 93 سنة بتهمة التحريض على القتل
في يوم 26 فبراير/شباط 2015، تم القبض على سامانثا بشكل رسمي بتهمة التحريض على القتل والخطف، إضافة إلى بقية أفراد العصابة الذين نفذوا العملية.
وفي شهر أبريل/نيسان من السنة نفسها، تم إصدار الحكم النهائي في حق جميع المتهمين، حيث حكم على سامانثا بالسجن 93 سنة بتهمة القتل العمد، و50 سنة تهمة التحريض على الخطف.
فيما تم الحكم على جوناثان وشخص آخر بـ50 سنة، لأنهما اعترفا بالجرم، فيما حكم على شريكهم الثالث بالمؤبد، لأنه رفض الاعتراف بجريمته، رغم أن كل الأدلة كانت تشير إلى تورطه.
وحسب التحليلات التي رافقت قضية سامانثا، قال البعض إن السبب الذي جعلها توافق على فكرة التخلص من زوجها هو تحقيق شهرة كبيرة، عن طريق نشر قصتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصبح حديث الإعلام فيما بعد.