حرية – (2/10/2022)
ربط معهد واشنطن الأمريكي بين الاحتجاجات التي تشهدها بعض مناطق ايران، وبين تأثيرها على اختيار الخليفة المحتمل لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، واعتبر ان استهداف النظام للمشاهير ومواقف رجال الدين، تكشف عن نقاط ضعف في النظام.
وذكر التقرير الأمريكي الذي ، انه منذ بداية الحركة الاحتجاجية، لجأ النظام الى ترهيب شخصيات عامة مؤثرة لمنعهم من الانضمام الى الاحتجاجات او الاعلان عن تضامنهم مع المتظاهرين في الشوارع.
نجوم الفن والرياضة
الا ان التقرير اشار الى ان بعض الشخصيات الرياضية البارزة والنجوم السينمائيين، نشروا مواقف لهم على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر التعاطف مع المتظاهرين وتنتقد سلوك الحكومة وسياساتها، وخاصة قانون “الحجاب الإلزامي”، لافتا الى ان غالبية هذه المواقف ظهرت على تطبيق “انستغرام” بسبب الرقابة المكثفة المفروضة على تطبيقات مواقع التواصل الاخرى.
وفي مثال على ذلك، أشار التقرير ان نجم كرة القدم علي كريمي، اللاعب السابق في المنتخب الايراني، تعرض لعقوبة لا سابق لها لمثل هذه الشخصية البارزة بعدما اعرب عن دعمه للمتظاهرين، كما هاجمت قوات الأمن منزله واغلقته ليوم واحد.
اعتقال المشاهير
وبالاضافة الى ذلك، فقد جرى القبض على العديد من المشاهير الآخرين، وذكر التقرير ان القضاء حذر في 28 ايلول/ سبتمبر الماضي، من ان السلطات ستقوم بمصادرة أصول اي شخصية من هؤلاء تقدم دعمها للمحتجين أو تشجعهم.
الا ان هذا لم يمنع بعض المشاهير من اتخاذ مواقف تحدي، لافتا إلى أن “ملك الكوميديا” الإيراني مهران موديري بعدما فرض القضاء حظر سفر عليه، تردد انه فر من البلد ونشر انتقادات لاسلوب تعامل النظام مع الاحتجاجات، والى جانب ذلك، فإن العديد من النجمات الايرانيات ظهرن في اماكن عامة او عبر الانترنت من دون ارتداء الحجاب.
وأوضح التقرير الامريكي ان ضغط النظام هذا يعكس تقديره بان المشاهير قد يكونون الطبقة الوحيدة القادرة على حشد الجماهير الى درجة تهدد استقرار النظام.
واضاف التقرير ان مكانة المشاهير في المجتمع الإيراني، تعكس ايضا احتمال ان تكون الشخصيات السياسية والمدنية التقليدية خسرت الكثير من قاعدة قوتها الاجتماعية، وثقة العديد من الشباب الايرانيين.
صمت رجال الدين
وذكر التقرير ان رجال الدين في ايران “لم يتفاعلوا حتى الان” مع الاحتجاجات، بما في ذلك المراجع الدينية، مضيفا بالقول ان “صمتهم يقول الكثير عن حالة المؤسسة الدينية بعد أربعة عقود من الثورة الاسلامية”.
وأوضح التقرير أن المؤسسة الدينية شهدت، خلال حكم خامنئي، ثورة بيروقراطية طالت احتكار القيادة الدينية تحت قيادة “المرشد الاعلى” باعتباره الحاكم الديني، وهو ما ادى الى تقليص دور “المراجع” الذين كانوا يتمتعون باستقلالية تاريخيا عن الحكومة.
وبعدما كان تمويل رجال الدين يتم بشكل اساسي من خلال الضرائب الدينية الطوعية والأوقاف التي تسيطر عليها السلطات الدينية، فان هذا الوضع تغير لاحقا حيث أصبح رجال الدين يعتمدون أكثر فأكثر على التمويل الذي تؤمنه الحكومة لهم.
وبالاضافة الى ذلك، ذكر التقرير ان رجال الدين هؤلاء بدأوا في دخول عالم الأنشطة الاقتصادية كشركات الاستيراد والتصدير والمؤسسات الصناعية، وهي كلها تعتمد بدرجة كبيرة على الخدمات الحكومية من اجل استمرار أرباحها.
واوضح التقرير ان “رجال الدين لم يعودوا معتمدين ماليا على الشعب الايراني لكنهم مدينون بالفضل للنظام بدرجة كبيرة”.
والى جانب ذلك، يقول التقرير ان رجال الدين قلقون أيضا من شكل الحكم الذي قد يحل محل النظام الحالي في حال انهياره، اذ يعتقدون أن نجاح التحرك المعارض للنظام، سيؤدي الى ظهور نظام حكم جديد لا يرغب في الابقاء على مكانتهم ومزاياهم الخاصة كرجال دين.
ولهذا، اوضح التقرير انه بغض النظر عما اذا كانوا على اتفاق او اختلاف مع ايديولوجية النظام، فان العديد من رجال الدين قد يرون أن بقاء نظام الجمهورية الاسلامية هو السبيل الوحيد للاحتفاظ بامتيازاتهم السياسية والاقتصادية.
خلافة خامنئي
وبعدما تساءل التقرير عما اذا كانت الاحتجاجات الحالية “تشير الى بداية النهاية للنظام، أم أن طهران ستكون قادرة على وقف الانتفاضة باللجوء الى المزيد من العنف”، قال ان الاجابة ليست واضحة حاليا.
وبرغم ذلك، اعتبر التقرير ان قضية خلافة خامنئي يمكن ان تشكل الاجابة، موضحا انه في حال اتضحت صحة الشائعات حول اعتلال صحة المرشد الاعلى، فانه من المتوقع ان يتردد صناع القرار في النظام، وخاصة الحرس الثوري، في اللجوء الى قمع المتظاهرين بقوة مثلما جرى في الانتفاضات الماضية.
واشار التقرير الى ان عمليات قتل جماعي في الشوارع “قد تؤدي الى تعقيد عملية الخلافة بشدة وإحباط اهداف الحرس الثوري بعد خامنئي”، مضيفا ان تعيين مرشد اعلى جديد يتطلب وضعاً محلياً اكثر هدوءا ومن دون اضطرابات كبيرة او ازمات تتعلق بالشرعية بالنسبة الى الزعيم الجديد ليتمكن من تأكيد سيطرته.
واعتبر التقرير أنه كلما كانت هناك ازمة جديدة، فان النظام كان يعاني من خسارة كبيرة في قواعده الاجتماعية، ولهذا، فإن الجمع بين الاحتجاجات المتواصلة وبين حملات القمع، في ظل عملية خلافة فوضوية، قد تؤدي معا الى اثارة تهديد وجودي للنظام بأكمله.