حرية – (4/10/2022)
أجرت مقاتلات كورية جنوبية وأميركية، الثلاثاء، تدريبات على القصف الدقيق ردا على إطلاق كوريا الشمالية صاروخا بالستيا متوسط المدى فوق اليابان، حسبما أعلن الجيش الكوري الجنوبي.
وقالت هيئة الأركان المشتركة في سيول: “بمشاركة أربع طائرات من طراز F-15Ks تابعة للقوات الجوية الكورية الجنوبية وأربع مقاتلات من طراز F-16 تابعة للقوات الجوية الأميركية، أطلقت طائرات الـF-15K التابعة لكوريا الجنوبية قنبلتين هجوميتين مباشرتين مشتركتين (JDAM) على هدف افتراضي في ميدان الرماية في جيكدو في البحر الغربي”، في إشارة إلى البحر الأصفر.
وأضافت أن التدريبات تهدف إلى إظهار “قدرات (الحلفاء) على توجيه ضربة دقيقة إلى مصدر الاستفزازات”.
وفي عملية نددت بها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أطلقت كوريا الشمالية، صباح الثلاثاء، صاروخاً بالستياً متوسط المدى في حدث غير مسبوق منذ 2017، إذ دفع طوكيو إلى تفعيل نظام الإنذار والطلب من السكان الاحتماء.
وتعود آخر مرة حلّق فيها صاروخ كوري شمال فوق اليابان إلى 2017 في ذروة مرحلة “النار والغضب” التي تقاذف خلالها الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ-أون، مع الرئيس الأميركي في حينه، دونالد ترامب، شتائم من العيار الثقيل.
وصباح الثلاثاء، أعلن الجيش الكوري الجنوبي أنّه “رصد صاروخاً بالستياً مفترضاً متوسط المدى، أطلق من منطقة موبيونغ-ري في مقاطعة جاغانغ (الشمالية) قرابة الساعة 07:23 (22:23 ت غ الإثنين) وحلّق فوق اليابان باتّجاه الشرق”.
وأضاف أنّ الصاروخ حلّق لمسافة 4500 كيلومتر على ارتفاع 970 كيلومترا وبسرعة ناهزت 17 ماك (أسرع من الصوت 17 مرة) فوق اليابان باتجاه الشرق.
“عدوان غير مبرر”
يشكّل هذه الحادثة تصعيداً واضحاً في حملة التجارب العسكرية المكثّفة التي تجريها بيونغ يانغ منذ مطلع العام الحالي.
وأكّدت هيئة الأركان الكورية الجنوبية في بيان “التفاصيل المحددة تخضع لتحليل معمق بالتعاون مع الولايات المتحدة والأسرة الدولية”. ووصفت سيول إطلاق الصاروخ على أنه “استفزاز” ينتهك “بوضوح المبادئ الدولية ومعايير الأمم المتحدة”
وتعهّد الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك-يول، بـ”ردّ حازم” على إطلاق الصاروخ البالستي. وأكد اتخاذ “إجراءات مناسبة بالتعاون مع الولايات المتّحدة والمجتمع الدولي”.
بعد ذلك، تعهدت واشنطن بعد التشاور مع اليابان وكوريا الجنوبية برد “قوي” على التجربة. وأعاد مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، تأكيد “الالتزام الراسخ” للولايات المتّحدة الدفاع عن اليابان وكوريا الجنوبية.
وقالت القيادة العسكرية الأميركية لمنطقة سيا-المحيط الهادئ إن “الولايات المتحدة تدين هذه الأعمال وتدعو كوريا الشمالية إلى الامتناع عن أي عمل جديد غير قانوني ومزعزع للاستقرار”.
كما ندد رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، الثلاثاء “بقوة” بإطلاق الصاروخ، معتبرا أنه “عدوان غير مبرر وانتهاك صارخ للقانون الدولي”.
وكتب ميشال في تغريدة أن هذه التجربة التي دفعت اليابان إلى تفعيل نظام الانذار على أراضيها، “محاولة متعمدة لتعريض أمن المنطقة للخطر”. وأضاف “الاتحاد الأوروبي متضامن مع اليابان وكوريا الجنوبية”.
وأكدت طوكيو من جهتها، حصول التجربة وفعّلت في حدث نادر نظام الإنذار من إطلاق صواريخ وطلبت من السكان الاحتماء. وسارع رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، إلى التنديد بتحليق الصاروخ فوق أراضي بلاده.
وقال كيشيدا للصحفيين إنّ “صاروخاً بالستياً عَبَر على الأرجح فوق بلدنا قبل أن يسقط في المحيط الهادئ. إنّه عمل عنف يأتي عقب عمليات إطلاق متكرّرة وحديثة لصواريخ بالستية. نحن ندين بشدّة هذا الأمر”.
“حلقة من الاستفزازات”
ورجح وزير الدفاع الياباني، ياسوكازو هامادا، أن يكون الصاورخ من طراز “هواسونغ-12 الذي سبق أن أطلقته بوينغ يانغ أربع مرات. وفي حال تأكد ذلك سيُسجل رقم قياسي جديد على صعيد المسافة التي قطعها الصاروخ وتقدرها طوكيو بحوالى 4500 كيلومتر.
في غضون ذلك، ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية (إن.إتش.كيه) أن الاختبار دفعت شركة شرق اليابان للسكك الحديدية إلى تعليق عمليات القطارات في المناطق الشمالية. وقال ماتسونو إنه لم ترد تقارير عن أضرار للطائرات أو السفن جراء الصاروخ.
وقال أنكيت باندا، من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومقرها الولايات المتحدة، إن إطلاق صاروخ لمسافة طويلة يسمح لعلماء كوريا الشمالية باختبار الصواريخ في ظل ظروف أكثر واقعية.
وأضاف في حديث لرويترز: “مقارنة بالمسار المعتاد المرتفع للغاية، فإن هذا يسمح لهم بتعريض مركبة بعيدة المدى للأحمال الحرارية وضغوط معاودة الدخول في الغلاف الجوي التي تعد أكثر تمثيلا للظروف التي قد تواجهها إذا ما استخدمت في العالم الحقيقي (الإطلاق الفعلي لا التجريبي)”.
وبيونغ يانغ التي تمتلك السلاح النووي أجرت هذه السنة سلسلة تجارب غير مسبوقة من حيث الوتيرة. وبلغت هذه التجارب ذروتها الأسبوع الماضي حين أطلق الجيش الكوري الشمالي أربعة صواريخ بالستية قصيرة المدى.
وأطلقت خصوصا صاروخا بالستيا عابرا للقارات للمرة الأولى منذ 2017 وعدلت تشريعاتها لجعل وضعها كدولة تملك السلاح النووي “أمرا لا رجوع عنه”.
كانت سيول وطوكيو وواشنطن قد أجرت في 30 سبتمبر تدريبات ثلاثية ضدّ غوّاصات، في سابقة من نوعها منذ خمس سنوات. وأتت هذه التدريبات بعيد أيام من مناورات واسعة النطاق أجرتها القوات البحرية الأميركية والكورية الجنوبية قبالة شبه الجزيرة.
وتحاول كوريا الشمالية التي تخضع لعقوبات أممية بسبب برامج أسلحتها المحظورة، في العادة إجراء تجاربها العسكرية في توقيت يزيد من وطأتها الجيوسياسية.
وقال الأستاذ في جامعة إيوا في سيول، ليف-إريك إيسلي، إنّه “إذا أطلقت بيونغ يانغ صاروخاً فوق اليابان، فقد يمثّل هذا الأمر تصعيداً كبيراً بالمقارنة مع استفزازاتها الأخيرة”.
وأضاف في حديث لوكالة فرانس برس أنّ “بيونغ يانغ لا تزال تدور في حلقة من الاستفزازات والاختبارات”.
واعتبر المحلّل أنّ “نظام كيم يطوّر أسلحة مثل رؤوس حربية نووية تكتيكية وصواريخ بالستية يتمّ إطلاقها من غوّاصات، وذلك في إطار استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تجاوز كوريا الجنوبية في سباق على التسلّح وإلى زرع الانقسام بين حلفاء الولايات المتّحدة”.
وفي الفترة الأخيرة، حذّر مسؤولون أميركيون وكوريون جنوبيون من أنّ الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ-أون، يعدّ لإجراء تجربة نووية جديدة.
وأفادت أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية أنّ هذه التجربة النووية قد تجري خلال الفترة الواقعة ما بين مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في 16 أكتوبر وانتخابات منتصف الولاية الرئاسية في الولايات المتّحدة في 7 نوفمبر.
ويزداد القلق من امتلاك كوريا الشمالية للسلاح النووي كونها وخلافا لقوى نووية أخرى لا تعتبر أن هذه الأسلحة تشكل قوة ردع فقط وينبغي عدم استخدامها بتاتا. وأجرت بوينغ يانغ ستّ تجارب نووية منذ 2006، كانت آخرها في 2017 وهي الأقوى.