حرية – (8/10/2022)
ترى صحيفة “التايمز” أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، استطاع وفي غضون عقد أن يصبح أقوى وأهم زعيم بالعالم، بما يملك من صلاحيات مطلقة تمنحه التحكم بإمكانيات بلاد كبير يقطنه نحو 1.4 مليار نسمة.
وتشير الصحيفة إلى أن ما يعزز قوة شي جين بينغ، هو سعيه لأن يكون حاكما مدى الحياة لبلاده التي لديها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر جيش في أصقاع المعمورة من حيث العدد.
وقد مارس الرئيس الصيني العديد من السياسات الديكتاتورية والقمعية في البلاد، ولاسيما القضاء على الاحتجاجات المؤيدية للديقمراطية في هونغ كونغ وحجز أكثر من مليون شخص من أقلية الأيغور المسلمة في معتقلات توصف بأنها “معسكرات إعادة تأهيل”.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قد ذكرت في أكتوبر من العام الماضي أنه من المرجح أن يحتل الرئيس الصيني مركز الصدارة في ملخص رسمي جديد لتاريخ الحزب الشيوعي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الوثيقة أشادت بالزعيم البالغ من العمر 69 عاماً، باعتباره من أقران الزعيمين الصينيين الراحلين، المؤسس، ماو تسي تونغ، والإصلاحي الكبير ودنغ شياو بينغ، وذلك قبل إعادة انتخابه المتوقعة في مؤتمر للحزب أواخر العام الجاري.
ولكن وبحسب خبراء فإن الأوضاع ممكن أن تسوء أكثر في حال أصبح شي جين بينغ رئيسا مدى الحياة للبلاد، إذ يجب عليه أن يفي بوعده بـ”استعادة تايوان”، وهي مقامرة محفوفة بالمخاطر للغاية إذ جرى الضم جراء غزو عسكري للجزيرة.
كما سوف يتعين على الصين إكمال الانتقال من اقتصاد تصنيعي منخفض الأجور إلى اقتصاد يركز على الخدمات، وذلك في وقت تضرب فيه الرياح القوية وغير المتوقعة حتى أقوى الاقتصادات في العالم.
ومع المجادلة فرضا بأن الرئيس الصيني استطاع أن يؤمن المزيد من رغد العيش لشعبه، فأنه سوف يكون مطالبا بأن يشرح لهم سبب عدم استحقاقهم للحقوق الديمقراطية التي تتمتع بها شعوب الدول المتقدمة الأخرى.
طفولة قاسية و”عار الأب”
ومما ساعد على تكوين شخصية شي جينغ بينغ بهذه الحدة والحسم أنه عاش طفولة قاسية للغاية بل أنه كاد أن يفقد أن حياته على يد الحرس الأحمر .
فقد شي جين بينغ عام 1953 حيث والده أحد أبطال الثورة الشيوعية، بيد أن الأخير كان من ضحايا الثورة الثقافية (التطهير) ستينيات القرن الماضي ولتتعرض أسرته للإذلال مما أجبر إحدى شقيقاته على الانتحار بحسب بعض المعلومات غير المؤكدة
وعندما وصل الخامسة عشر ن من عمره جرى إرساله مع الكثير من المراهقين والشباب للعمل في الزراعة في الأرياف البعيدة ضمن سياسية “إعادة التثقيف والتأهيل” لمدة سبع سنوات عاش خلاها في أحد الكهوف لعدم توفير أماكن سكن لهم.
وبعد تلك التجربة التي وصفها بالمريرة، استطاع ذلك الشاب أن يتخلص من “إرث والده” ويرتقي بسرعة في صفوف الحزب الشيوعي وأن يتسلم منصب مسؤول الحزب الأول في مدينة شنغهاي والتي تعتبر المركز التجاري للبلاد وثاني أكبر مدنها.
تقديس الديكتاتور ماو
ويرى أستاذ الدراسات الصينية في جامعة “كينجز كولج لندن”، كيري براون أن ” شي جينغ بينغ يجسد السلطة المطقة مما يؤكد طموح لجعل بلاده الدولة الأعظم في العالم”.
وأما كاتب سيرة حياة شي باللغة الفرنسية، فرانسوا بوجون فيقول: “عندما يتم إذلال فإن هناك نوعان من الأبناء.. نوع يرغب بالانتقام وآخر يرغب في (التكفير) عن ذنوب والده”.
وأضاف: “شي ينتمي إلى النوع الثاني”.
ورغم سياسته القمعية الشديدة في هونغ كونغ وإقليم شينجيانغ، بيد أن يحاول أن يظهر في البر الرئيسي بشخصية “شي دادا” أي العم شي باللغة الماردينية وأن يتصرف كانسان متواضع يبتعد عن مظاهر البذخ والترف.
وحرص منذ أن تسنم مقاليد السلطة في بلاده على إضفاء مزيد من الاحترام على مؤسس النظام الشيوعي، ماو تسي تونغ، رغم أنه كان أحد ضحاياه في فترة طفولته وشبابه، وليكون مرجعا فكريا هاما له.
ومع فإن الدعامة الثانية في فكره كانت شخصية يحتقرها ماو وهو الفيلسوف الصيني البارز، كونفوشيوس، الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد.