حرية – (12/10/2022)
العامل المشترك بين 3 من رؤساء أمريكا السابقين، ويليام هوارد تافت، وجورج بوش الأب، وجورج دبليو بوش الابن، وقاضٍ في المحكمة العليا، ومجموعة من مسؤولي الـCIA، وكبار المسؤولين التنفيذيين في قائمة أغنى 500 شخص في أمريكا، بالإضافة لعشرات الأعضاء في الكونغرس، ومجموعة من سفراء أمريكا في دول العالم، ليس فقط كونهم جميعاً أمريكيين، ولا كونهم جميعهم درسوا في جامعة “يال”.
ولكن هؤلاء جميعاً، وغيرهم المئات، على مدى قرنين من الزمن، كانوا أعضاءً في أخوية تُدعى “الجمجمة والعظام”، وهي أشهر جمعية سرية في أمريكا، فكيف نشأت هذه الجمعية؟ وما هي حقيقتها؟
تأسيس جمعية الجمجمة والعظام بمشاركة والد رئيس أمريكي
تأسست جمعية الجمجمة والعظام عام 1832 في جامعة “يال”، على يد “ويليام هنتنغتون راسل” و”ألفونسو تافت”. اقترح راسل الفكرة على تافت بعد قضاء بعض الوقت بين جمعيات مماثلة عندما عاش لفترة في ألمانيا.
وضع تافت وراسل قواعد الجمعية وأصبحت حصرية على 15 عضواً في كل سنة فقط، يحصلون على عضوية مدى الحياة.
وبعد تخرجهما من الجامعة، أصبح “ويليام راسل” رجل أعمال وسياسياً، وعضواً لمجلس نواب كونيتيكت، أما “ألفونسو تافت”، فأصبح النائب العام ووزير الحرب في زمن الرئيس يوليسيس جرانت، ثم شغل منصب سفير وعدة مناصب سياسية أخرى.
“القبر” مقر جمعية الجمجمة والعظام! وطقوس الانضمام سريّة
داخل مبنى من دون نوافذ يطلق عليه اسم “القبر”، قرب جامعة “يال”، يجتمع أعضاء الجمجمة والعظام. سطح المبنى عبارة عن منصة هبوط لطائرة هليكوبتر خاصة، ولم يستطع أي أحد من خارج الجمعية الدخول أو معرفة ماذا يوجد بداخله، حيث يقسم جميع الأعضاء على السرية التامة.
تقول ألكسندرا روبينز في كتابها “أسرار القبر.. الجمجمة والعظام المسارات الخفية للقوة”: يجب على الأعضاء الجدد أن يسردوا تاريخهم الجنسي بالكامل، للأعضاء الـ14 الآخرين، ومن المفترض أن يستمر هذا النشاط من ساعة إلى 3 ساعات.
والهدف العام من هذه الطقوس والعيش في “القبر”، بحسب روبينز، هو إقامة رابطة قوية بين هؤلاء الأعضاء الـ15 الجدد، ما يعني أنه بعد تخرجهم، أي خيانة للجمجمة والعظام، تعني أنه يتعين عليهم خيانة أصدقائهم الـ14.
أمّا عن طريقة اختيار الأعضاء، فتتم عبر إخطار الأعضاء الجدد باختيارهم من قبل أحد أعضاء الجمعية الأقدم في ليلةٍ تسمى “ليلة النقر على الأكتاف”، بعد التحقق من ماضيهم بعملية تسمى “التنصت”، ويتم اختيار الأعضاء بناءً على تفوقهم الأكاديمي أو شخصياتهم أو نسبهم وتاريخ عوائلهم العريقة.
شعار الجمعية وسرقة ساهم بها جد الرئيس الأمريكي “جورج دبليو بوش”
شعار الجمعية لا يقل غرابة عن الجمعية نفسها، فهو عبارة عن رسم جمجمة وعظمتين متقاطعتين مكتوب تحتها الرقم 322، ويشير الرقم إلى عام 322 قبل الميلاد، وهو نقطة تحول أثينا القديمة من الديمقراطية إلى حكم الأثرياء.
وبحسب روبينز قام “بريسكوت بوش“، الذي أصبح عضواً في أخوية الجمجمة والعظام عام 1917، وهو والد الرئيس الأمريكي الأسبق “جورج بوش”، وجد الرئيس جورج بوش الأصغر، بمساعدة مجموعة من أعضاء الجمعية، بنهب قبر “جيرونيمو“، زعيم قبيلة الأباتشي.
وهو من بين الآثار التي تحتفظ بها أخوية “الجمجمة والعظام” في مقرها، وفي عام 2009، رفع أحفاد جيرونيمو دعوى قضائية لتسليم الجمجمة إليهم لكن دون جدوى.
أعضاء جمعية الجمجمة والعظام رؤساء وسياسيون وشخصيات ذات نفوذ
احتفظت الجمعية بجميع ما يتعلق بها سرياً، خلال ما يقرب من 200 عام من تأسيسها، حتى إن الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن كتب في سيرته الذاتية عام 1999: “التحقت بالجمجمة والعظام، وهي جمعية سرية، وسرية للغاية، ولا أستطيع قول أي شيء آخر”.
وعلى الرغم من كل هذه السرية، لكن بعض أعضائها كانوا يسربون بعض التفاصيل البسيطة للصحافة، دون الإفصاح عن أسمائهم الحقيقة، وتقوم الجمعية نفسها بنشر قائمة أسماء المنتسبين إليها بشكل علني سنوياً في صحيفة الجامعة.
ومن خلالها تستطيع تتبع هؤلاء الأشخاص وعلاقتهم ببعضهم بعد التخرج وتوليهم المناصب.
حتى خلال فترة تولي “جورج بوش الابن” الرئاسة الأمريكية، اختار 6 أعضاء من جمعية الجمجمة والعظام في إدارته.
ومنذ تأسيسها تولى أغلب أعضاء الجمعية مناصب ذات نفوذ، مثل أعضاء في الكونجرس، وسفراء ورؤساء للمخابرات، ووزراء في الحكومة الأمريكية، وأصبح 3 منهم رؤساء لأمريكا.
وفي الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2004 كان المرشحان المتنافسان جون كيري وجورج بوش الابن، عضوين في جمعية الجمجمة والعظام.
فيما يلي قائمة بأشهر أعضاء الجمجمة والعظام في التاريخ الأمريكي:
1- وليام هوارد تافت – دفعة عام 1878
شغل تافت منصب الرئيس الأمريكي السابع والعشرين، ورئيس المحكمة العليا قبلها، ربما لم يواجه تافت أي صعوبة للدخول إلى الجمعية كون والده، المدعي العام السابق ألفونسو تافت، هو المؤسس للجمعية مع “ويليام هنتنغتون راسل”.
2- ماكجورج بندي – دفعة عام 1940
اعتمد بوندي على أخيه الأكبر ويليام بندي والذي كان عضواً هو الآخر، لمساعدته في الدخول إلى جمعية الجمجمة والعظام، وكان ويليام تخرج في فصل دراسي سابق، ثم عمل مسؤول اتصال بوزارة الخارجية، ولا سيما أثناء غزو خليج الخنازير.
أما ماكجورج فأصبح أحد مستشاري جون كينيدي، وأثر بشدة على تطور حرب فيتنام، وبعد وفاته استخدم زملاؤه المسؤولون ملاحظاته للتعبير عن الأسف، إزاء العديد من السياسات التي تم سنها خلال تلك الحقبة.
3- جورج بوش (الأب) – دفعة 1948
قبل أن يصبح جورج بوش ثاني عضو في الجمجمة والعظام يصبح رئيساً لأمريكا، كان طياراً في الحرب العالمية الثانية وعمل سفيراً لأمريكا في الصين، ومدير وكالة المخابرات المركزية، ونائب الرئيس رونالد ريغان.
كما كان جزءاً من حرب الخليج، ولا سيما عملية عاصفة الصحراء، وقصف العراق في التسعينيات.
4- جون كيري – دفعة عام 1966
وزير الخارجية السابق في عهد الرئيس باراك أوباما والسيناتور السابق من ماساتشوستس، وعلى الرغم من أن ترشيحه في السباق الرئاسي لعام 2004 لم ينته تماماً، كانت فترة كيري في الحرم الجامعي بفارق سنتين مع الرجل الذي نافسه في ذلك السباق الرئاسي وهو جورج بوش الابن.
5- فريدريك والاس سميث – دفعة 1966
زميل جون كيري، وأحد الأفراد الـ15 للجمعية في تلك السنة، أسس سميث شركة “FedEx”، أول وأكبر شركة توصيل سريع في العالم، وشغل منصب الرئيس ورئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة بمليارات الدولارات.
وبعد تخرجه، تكهن كثيرون بأنه قد يحصل على دور في مجلس الوزراء الرئاسي المحتمل لجون ماكين عندما ترشح للرئاسة أو حتى اختياره لمنصب نائب الرئيس، وكان سميث صديقاً مقرباً لكل من بوش وكيري.
6- جورج دبليو بوش (الابن) – دفعة 1968
مع انضمام جورج دبليو بوش الابن، أصبح اسم عائلة بوش مرادفاً لجمعية “الجمجمة والعظام”، فهو ثالث عضو من العائلة ينضم إليها بعد والده وجده، وثالث عضو من الجمعية يصبح رئيساً لأمريكا، وخلال فترة حكمه كان هناك 6 أعضاء من الجمعية في إدارته.