حرية – (18/10/2022)
تستمر أزمة السكن في العراق، وعلى الرغم من إعلان الحكومات العراقية السابقة عن خططها لتوفير الوحدات السكنية، وتوزيع قطع الأراضي السكنية، فإن شيئاً من هذه الخطط لم يطبّق على أرض الواقع، فيما تزايدت مساحات البناء العشوائي، والتجاوز على أراضي الدولة.
وقالت وزارة التخطيط العراقية في دراسة لها عن خطة التنمية المستدامة 2030، نشرت الأسبوع الماضي، إنها عملت على خطط استراتيجية لإعادة تأهيل وتسوية السكن العشوائي في جميع المحافظات، بالتنسيق والتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
وأضافت الوزارة أن سكان هذه العشوائيات في العراق حوالي 12 بالمائة من مجموع السكان في العراق، كما أن المساكن العشوائية تشكل حوالي 16 بالمائة من مجموع المساكن.
وأوضحت أنها تعمل على معالجة مشاكل التجمّعات العشوائية من خلال تطبيق الحلول العلمية المنصفة والفعّالة والمستدامة، فضلاً عن تعزيز قدرات السلطات المحلية والمركزية التنسيقية لتطبيق آليات تخفيف الزحف الحضري غير المنضبط والعشوائي.
4 آلاف مجمع عشوائي
من جهته، قال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، إن هناك أكثر من 4 آلاف مجمع عشوائي موزعة في جميع المحافظات العراقية، وتتصدر العاصمة بغداد محافظات العراق في عدد العشوائيات بـ1000 منطقة عشوائية تقريباً، وتليها محافظة البصرة بـ 700 منطقة عشوائية.
وأشار الهنداوي لـ”العربي الجديد”، إلى أن أقل المدن العراقية بعدد العشوائيات هي محافظة كربلاء بـ 98 منطقة عشوائية ومحافظة النجف بـ 99 منطقة عشوائية.
وكشف الهنداوي أن وزارته لديها نية في إجراء مسح جديد، بعد أن يصوت مجلس النواب على مشروع قانون معالجة السكن العشوائي الذي جرى إنجاز القراءة الأولى له.
وأوضح أن هذا القانون جرى تقديمه من قبل مجلس الوزراء إلى البرلمان في الدورتين السابقتين وقد وصل إلى مرحلة التصويت لكنه لم يقرّ، وستجري إعادة النظر ببعض فقرات المشروع بما يتلاءم مع الأوضاع الجديدة في البلد، حتى يكون النص النهائي مستجيباً للتطورات الحالية، وينفذ على الوجه الصحيح بما يحقق الغرض الذي وضع من أجله.
أزمة السكن
قال الباحث في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار، إن ملامح أزمة السكن في العراق بدأت منذ عقد التسعينيات في القرن الماضي، وتفاقمت الأزمة في ظل اتساع عدد العائلات وزيادة عدد السكان، الذي ارتفع من 3.25 ملايين أسرة ليصل إلى ما يزيد عن 8.25 ملايين أسرة، مع بقاء حدود المدن الجغرافية دون تغيير يذكر، فيما عوّض المجتمع هذا النقص الكبير في أعداد المساكن عبر تجزئة العقارات القائمة إلى نصفين أو أكثر، مما تسبب في حالة من الفوضى العمرانية داخل المدن العراقية.
وأضاف جبار، لـ”العربي الجديد”، أنه أيضاً جرى تعويض جزء من فجوة العجز بأعداد المساكن عبر انتشار الأحياء العشوائية، التي استغلت العقارات والأراضي الحكومية لإنشاء بيوت غير منتظمة وغير ملائمة للسكن، يقطنها اليوم ما يزيد عن 3.5 ملايين نسمة، بما يقارب 10 بالمائة من سكان البلاد.
وأكد أن التخطيط العمراني يواجه مشكلة كبيرة تتمثل في عدم وجود خطط توسيع للمدن، فضلاً عن عدم القدرة على تغيير أصناف الأرض، وضعف أداء المؤسسات في فتح شبكات طرق جديدة، وتوفير الخدمات اللازمة، لكي يتوجه المواطنون إلى المناطق الجديدة من أجل بناء وحدات سكنية ملائمة.
ولمعالجة أزمة السكن في العراق، شدد جبار على أهمية اتخاذ الدولة مسارات عدة، من خلال دراسات وخطط تنموية تنفذ على أرض الواقع، منها توزيع أو بيع الأراضي السكنية المخدومة، وإنشاء مدن جديدة أو التأسيس لها، بالإضافة إلى منح إجازات الاستثمار المحلية والدولية للمستثمرين في قطاع الإسكان، ودعم الصناعات الإنشائية.
الاستثمار الوهمي
أكدت رئيس هيئة الاستثمار، سهى النجار، أن هناك مشكلة كبيرة في قطاع الإسكان العراقي، وأنهم يعملون على تشكيل لجنة بمشاركة وزارات الإسكان وموارد الدولة والمالية والأمانة لمجلس الوزراء للنظر بالأراضي الممنوحة خلال الـ 20 سنة الماضية، إذ لا يحق لأي جهة حكومية التدخل بأسعار الوحدات بحسب القانون الحالي.
وأوضحت النجار في حديث صحافي أن مشكلة ارتفاع أسعار الوحدات السكنية نتيجة الفساد، والمواطن العادي لا يستطيع شراء وحدة سكنية بسبب ارتفاع الأسعار.
أكدت رئيس هيئة الاستثمار، سهى النجار، أن هناك مشكلة كبيرة في قطاع الإسكان العراقي، وأنهم يعملون على تشكيل لجنة بمشاركة وزارات الإسكان وموارد الدولة والمالية
وأشارت النجار إلى وجود 1800 إجازة استثمارية وهمية وشبه وهمية، وأن عدد المشاريع المتلكئة تجاوز 500 مشروع، وأن هيئة الاستثمار تشكّلت في فترة استشراء الفساد.
وأثار قانون العشوائيات الذي نص في إحدى فقراته على فرض بدل إيجار على ساكني المنازل العشوائية، جدلاً واسعاً بين الأوساط السياسية والشعبية، وسط انتقادات لاذعة لنص القانون الذي يزيد من معاناة الفقراء، ومخاوف من استغلال القضية سياسياً.
ومن جانبه، قال عضو مجلس النواب العراقي، مرتضى الساعدي، في تصريحات صحافية، إن الحكومة أرسلت قانون العشوائيات إلى البرلمان في هذا التوقيت الذي يشهد صراعات واختلافات سياسية، إلا أن هذا القانون وبعد قراءته الأولى جرى التريث في إقراره لوجود بعض التعديلات، ومنها أن فقرات القانون تعتمد على إحصائيات قديمة منذ عام 2016، وطوال السنوات الماضية طرأت الكثير من المتغيرات في بناء واتساع العشوائيات في عموم محافظات العراق.