حرية – (23/10/2022)
على ما يبدو، فإن جيمس كوردن [ممثل ومغن ومقدم برامج شهير]، الذي زعم أنه منع من دخول مطعم “بالتازار” Balthazar في نيويورك، بسبب ادعاءات تعامله “السيئ” مع الموظفين، قد “اعتذر بشدة” من مالك المطعم، ولكن دعونا نتوقف للحظة، قبل أن نطوي على هذا الموضوع بشكل كامل.
نعم، إن المالك (الذي يستند هذا الادعاء بأكمله على زعمه، إذ إن كوردن لم يتحدث علناً عن هذه المسألة بعد) قال منذ ذلك الحين إنه “يؤمن بإعطاء فرص ثانية”، ولكن مهما كانت حقيقة هذه المسألة بالذات، فمن المفيد أن ننظر في ما يمكن أن نتعلمه حول السلوك البشري بشكل عام.
عندما يكون أي منا سريع الانزعاج أو سريع الغضب، فمن الصواب أن نعتذر. وعندما نكون شاهدين على فظاظة أحد رواد المطاعم الحاضرين أثناء تناولنا الطعام، ينبغي ألا نستبعد الأسباب المحتملة للسلوك غير اللطيف الصادر عن أي شخص: فربما مر بيوم عصيب، أو ربما سمع بعض الأخبار السيئة قبل وقوع هذا الأمر ولم يكن على طبيعته. أيضاً، من الممكن أن هذا الشخص الفظ قد عاد إلى المنزل بعد ذلك وشعر بالندم على الطريقة التي تصرف بها، وأمضى ليلته ساهراً مفكراً، نادماً على ما فعل ومتعهداً بأن #يكون_لطيفاً #BeKind دائماً. أو ربما، وهذه وجهة نظر معاكسة، يجب ألا نسمح لأولئك الذين يعاملون الآخرين بفظاظة بأن يفلتوا من العقاب الذي يستحقونه.
وقبل أن يكون أي منا سيئ السلوك أو مزعجاً، من الأفضل أن نتذكر “قاعدة النادل”. إنها فلسفة بسيطة، مبدأ حكيم (وإذا بحثت عنه في غوغل، فستجده منسوباً إلى مصادر كثيرة بدءاً من المؤلف دايف باري، إلى الرئيس التنفيذي لشركة رايثيون، ويليام أتش سوانسن). وهو سهل، لكنه مهم. بالنسبة إليَّ وإلى زملائي الذين لا يحبون الوقاحة التقليدية، فهذه قاعدة أساسية، لا بل هي أسلوب حياة.
ووفقاً لقاعدة النادل، يجب أن نولي اهتماماً شديداً للطريقة التي يتعامل بها الأشخاص مع أولئك الذين يقومون بخدمتهم، على غرار عامل النظافة، والنادل، والعتال، وموظف الاستقبال، وسائق التوصيل. في الواقع، يخبرك ذلك بالكثير عن نوع الشخصية التي هو عليها.
لست مضطراً إلى تصديق كلامي، لكنني تحدثت إلى طبيبة متخصصة في علم النفس السريري، لا ترغب في الكشف عن هويتها، حول ما يمكن أن نستنتجه عن الذين يتصرفون بشكل سيئ مع من يحكمون عليهم بأنهم “أقل شأناً”.
وقالت، [هذا النوع من التعامل عند البعض] “هو انعكاس لثقافة اعتبار الناس سلعاً في الوقت الذي يتمركز فيه كل شيء حول أنفسهم”. مضيفة: “يساعد حدوث التجرد من الإنسانية هذا على الشعور بالتفوق والقوة. في الحقيقة، إن تعامل أحدهم مع عامل في مجال الخدمات وكأنه غير موجود قد يشير إلى شخص قدم له الكثير إلى درجة أنه لا (يرى) كمية العمل التي تم من أجل تلبية حاجاته”.
وتشرح الطبيبة النفسية: “لا يبالي أولئك الأشخاص بأن الآخر هو شخص، إنسان، وإنما يرونه بالطريقة نفسها التي قد يرون فيها وحدة تكييف الهواء ويتوقعون أن تعمل بشكل فعال لمنع شعورهم بالحر. ومن المحتمل أن يكون لذلك تأثير كبير في القدرة على التعاطف أو بناء علاقات خارج تلك القائمة على المصلحة الذاتية والتبادل المنفعي”، بالتالي وبحسب المتخصصة أيضاً: “إذا لم تؤد دورك كما ينبغي، ستصبح عديم القيمة أو غير مرئي، وسيتم التعامل معك على هذا النحو”.
وكما قال سوانسن ذات مرة، يجب أن تنتبه للأشخاص الذين لديهم “نظام قيم موقت [ظرفي]”. وأضاف أنه ينبغي علينا جميعاً الانتباه إلى أولئك الذين يمكنهم “تشغيل سحرهم [جاذبيتهم] وإيقافه بحسب حالة الشخص الذي يتفاعلون معه”. يبدو أن هذا، وفقاً لعلماء النفس، يمكن أن يعبر عن أشياء كثيرة، لأن أنظمة القيم الخاصة بنا غالباً ما يتم الكشف عنها من خلال سلوكنا، وهي تؤثر في نوع الخيارات التي نتخذها.
لذلك، عندما يتعلق الأمر بتقييم حقيقة شخص ما، من الأفضل أن ننتبه لهذه الأنواع من الانفعالات، وأن نطرح أسئلة حيوية عنها، وعن أنفسنا طبعاً، إذا حدث ذلك.