حرية – (10/11/2022)
قد لا يقتصر الجمال على الفتيات النحيفات فقط، إذ تتمتع البدينات بحصة الأسد أيضاَ.
وقالت اللبنانية سيرينا شعار بعد فوزها بلقب ملكة جمال البدينات العرب من خلال برنامج “أحمر بالخط العريض” الذي يعرض على فضائية LBCI التي تبق من لبنان، عبر حديث مع موقع CNN بالعربية إن “الأشخاص الذين وضعوا معايير الجمال عليهم أن يوسّعوا دائرتهم.”
وتوحدت كلمة المشتركات في مسابقة “ملكة جمال البدينات العرب” على كسر الصورة النمطية للجسد والمعايير الجمالية المعتادة، وشعارهن “لا للتمييز والبقاء في الظل ونعم لتقبل الذات والآخر، ومواجهة الصور النمطية المرتبطة بالمرأة البدينة، والعنف النفسي الذي يمارس عليها.”
وفازت شعار في نهاية المنافسة التي شاركت بها 12 فتاة من بلدان عربية مختلفة، فأصبحت ملكة جمال بدينات العرب خلفاً للملكة السابقة جيسيكا صهيون.
ورغم أن هدف شعار لم يتمحور حول الفوز باللقب أو المنافسة فقط، إلا أن ايصال رسالة وتسجيل موقف يدعو الأشخاص إلى التوقف عن الحكم عليها من خلال مظهرها، وإثبات الذات بعد معاناة طويلة في طفولتها في مجتمع لا يتقبل البدانية، كان الأمر الأهم.
وعانت ابنة بلدة عيناب اللبنانية من طفولة قاسية ومضايقات وتهكمات من زملائها في المدرسة وجيرانها بسبب وزنها الزائد، ولم تكن مرغوبة من الجنس الآخر، ولم يتقبلها أحد، بالإضافة إلى أنها لم تعش قصة حب حتى عمر الـ 18 سنة.
أما زملائها الصبيان فكانوا يرفضون إقامة أي علاقة حب معها، إذ توجه إليها أحدهم ذات مرة قائلاً: “سنحبك إذا أصبحت نحيفة.”
ورعم أن أيام الطفولة والمراهقة شكلت عبئاً عليها، إلا أن شعار تعيش حالياً قصة حب مع شاب أنحف منها بكثير، ويتقبلها كما هي.
ويُذكر، أن شعار البالغة من العمر 23 سنة تخصصت في الإعلام المرئي والمسموع، وتهوى كل ما له علاقة بالفنون والموسيقى.
وتحظى شعار بالدعم المطلق من عائلتها، إذ أوضحت: ” منذ صغري، دعمني أهلي وأقربائي إلى حد كبير.”
وتجدر الإشارة إلى أن شعار حملة شعار هي “beneath my layers” (ما وراء المظهر الخارجي)، فيما يتمثل هدفها بعد الفوز بتوعية تلامذة المدارس الذين يعانون من مضايقات وصراعات، بسبب البدانة او الإعاقة، لتقبل أنفسهم ومعالجتهم من خلال الفنون والموسيقى والرسم وغيرها.
التبلاح ليس قسرياً
تقول سلطانة العالية وهي سيدة متخصصة في “التبلاح” إن هذه الممارسة شعبية وتقليدية اشتهر بها المجتمع البيضاني الصحراوي، في أمور تتعلق بالنظرة إلى الجمال الذي تختلف معاييره ومقاييسه من منطقة إلى أخرى.
وأردفت المتحدثة ذاتها بأنها مارست “التبلاح” لفائدة عدد من الفتيات الصحراويات بطلبهن وعن طيب خاطر منهن، نافية في السياق ما يروج بأن الأمر يتعلق بتسمين إجباري أو قسري للفتيات من أجل تزويجهن.
واستطردت المتكلمة شارحة بأنه “من غير المنطقي والمقبول شرعاً ولا اجتماعياً ولا سلوكياً أن يتم إرغام فتاة على قبول التبلاح وإجبارها على أكل أنواع معينة من الطعام بكميات كبيرة”.
ووفق “المبلحة” ذاتها، فإن هذه الطقوس تتم بقبول الفتاة وأسرتها أيضاً لأن الأمر لا يعيبها في نهاية المطاف، باعتبار أن النتيجة تكون هي الحصول على جسم مكتنز وسمين يرضي غرور الفتاة وطموحها بأن تحصل على حظها من الثناء والمديح وتقوي حظوظها في الزواج.
وزادت العالية بأن القليلين يعرفون أن “التبلاح” في الحقيقة طقس صحراوي قديم لا يزال يمارس بطرق مختلفة، لكن أصله يعني تكريم الفتاة أو المرأة من خلال العناية بها أكلاً وشرباً وراحة، ولا تمارس المهمات البيتية الشاقة ولا تخرج إلى العمل بل تكتفي باكتساب وزن زائد يضفي عليها جمالاً ورونقاً وحضوراً.
كل الطرق تؤدي إلى “التسمين”
وبتغير السياقات الاجتماعية في المجتمع البيضاني بدأت الفتيات والأسر تنحو إلى “التسمين” بطرق حديثة أخرى غير “التبلاح”، ومن ذلك تناول مواد وأعشاب وأقراص تعمل على منح الجسم سمنة واضحة خصوصاً في مناطق معينة لدى المرأة.
وتعود العالية للحديث عن بعض تلك الوصفات التي تلجأ إليها الفتيات في المجتمع الصحراوي، إذ قالت إن بعضها طبيعية ولا يمكن أن تشكل خطراً على صحة المرأة لأنها مزيج من مواد طبيعية الأصل مثل الحلبة وعرق السوس أو البابونج أيضاً.
وفي المقابل تردف المتحدثة بأنه تحت الطلب المتزايد للحصول على جسم مكتنز فإن الحيل تفتقت عن كثير من الوصفات بعضها غريبة ومجهولة المصدر، يروج المتاجرون فيها بكونها تعمل على تسمين مناطق معينة لدى المرأة.
وزادت المتحدثة عينها بأن هناك فتيات يغامرن بصحتهن من أجل كسب وزن زائد، ومن ذلك استعمال أدوية خاصة بأمراض معينة لكنها تزيد الوزن أو من خلال تناول أقراص “دردك” المعروفة.
وتعتبر أقراص “دردك” أو “التحميلات الصحراوية” من أشهر الوصفات التي أصبحت الفتيات يلجأن إليها بقصد الحصول على جسم مكتنز، غير أن أضرارها وفق متخصصين تفوق منافعها، مما دفع عدداً منهم إلى التحذير من تبعات تناول “دردك” للتسمين.