حرية – (17/11/2022)
ناجي يونس
للمرّة الثانية على التوالي انطلق حزب الله بفرض مرشّحه للرئاسة غير آبه باستمرار الفراغ الى أبد الآبدين وبالكوارث والمصائب وشتى أنواع الفوضى التي ستحل بلبنان الى حد تجويع شعبه.
وبهذا يراهن السيد حسن نصرالله على تكرار المعادلة التي فرض بها العماد ميشال عون رئيسًا في 31 أكتوبر/تشرين الاول 2016.
لهذا يتشجع نصرالله
بتقدير أوساط متابعة فإن عوامل عدة دفعت بنصرالله الى تكرار هذه التجربة وأبرزها: -تأكده من أن الأطراف اللبنانيّة الأخرى مشتتة وعاجزة عن تأمين 65 نائبًا لمرشحها.
-سقوط ما حكي عن مشروع فرنسي يقوم على ثنائية رئيس مقرّب من حزب الله ورئيس حكومة مقرب من السعودية وفرنسا والغرب.
-تيقن حزب الله من أن اللبنانيين عمومًا لن يثيروا موضوع سلاحه كشرط أساسي لأي تفاهم داخلي.
-تيقّن نصرالله من فعالية رهانه على ضعف نفس الأطراف الاخرى وعدم قدرتها على الصمود طويلا، كيف اذا كانت الأزمات ستتفاقم والامكانات ستشح والجوع سيدق الأبواب مما سيجعلها تقبل بأي حل يفرضه حزب الله.
بين باسيل وفرنجيه
وانطلاقًا مما سبق ذكره، تقول الأوساط عينها , إن الانظار تنصب على اعتبار رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه مرشّح حزب الله مع أن الحسابات الدقيقة تظهر أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أكثر ملاءمة للحزب بفعل تمثيله السياسي والشعبي الأكبر، وبما أنه مرتبط مباشرة بنصرالله بينما لفرنجية ارتباطه الأقوى مع النظام السوري.
في المقابل تبدو حظوظ باسيل شبه معدومة بفعل رفضه الكبير من قبل أطراف أساسية في 8 آذار والمواقف العربية والدولية منه، إضافة الى السلبية في النظرة اليه من قبل الأطراف السيادية والاصلاحية والمستقلة والتغييرية مسيحية كانت أم سنية ام درزية.
وتشير الأوساط عينها الى ان النظرة نحو فرنجية تنطلق من كونه حليفًا للأسد وحزب الله لكنها لا تسقط عليه ما يسقط على باسيل وكان قول رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه يتمنى انتخاب فرنجيه رئيسًا خير مثال على ذلك.
وتؤكد الأوساط ان باسيل يراهن على إطالة أمد الفراغ ريثما يتمكن من رفع الحظر العربي والغربي عنه وإزاحة حاجز العقوبات الاميركية من امامه، الأمر الذي سيسهل عليه اطلاق مشوار ترشحه لرئاسة الجمهورية وتصب في هذا الاطار زياراته الى فرنسا وقطر.
التصعيد بطلب ايراني
وبتقدير الأوساط عينها فإن حزب الله يدرك جيدًا أن لبنان غير مطروح على الأولويات العربية والدولية ومن أبرز الامثلة على ذلك:
-توالي زيارات البابا الى عدد من الدول العربية والاسلامية من دون لبنان، حتى ان الفاتيكان دعا اليها البطريرك الماروني ولم يتشاور معه في اي منها.
-الاهتمامات الغربية بالحرب في أوكرانيا.
-الأولوية الغربية والسعودية ليست في لبنان.
-الايجابية الأميركية الممزوجة بالواقعية وهو ما تجلى في اتفاق ترسيم الحدود الجنوبية ووصول محمد السوداني الى رئاسة الحكومة في العراق.
الا أن الاوساط تتوقف عند القلق الذي يرتاب حزب الله الذي ينبغي أن يكون مرتاحًا على وضعه بدل ان يقلق استنادًا الى ما سبقت اليه الاشارة.
وهي تقول ان هذا القلق مرده الى الخشية الايرانية من مغبة تفاقم المشاكل داخل ايران وما قد تؤدي اليه فضلا عن انسداد الأفق في الملف النووي الايراني والتحول الفرنسي سلبًا ضد طهران والتقارب الفرنسي السعودي أكثر جراء التورط الايراني في الحرب الاوكرانية.
وتؤكد الأوساط أن طهران تخشى من مفاجآت من اي جهة كانت مما دفع بها الى التصعيد سواء بالقصف على المناطق الكردية ام بالطلب الى حزب الله تعقيد المواقف داخل لبنان.
وفي هذا الإطار تشير الأوساط الى أن حزب الله أراد القول للجميع انه اذا لم تستجيبوا لمطلبي بالموافقة على الرئيس الداعم للمقاومة فأنا قادر على إيصال الرئيس الذي اريد مع رئيس الحكومة المناسب.
وهي ترى أن حزب الله قادر على خوض معركته بالنفس الطويل متيقنا من أن الكثير من المستقلين والاصلاحيين والتغييريين سيمشون بخياره سواء أكان فرنجيه ام شخصية أخرى وهو ما سيشجع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على الانخراط في تسوية مماثلة.
وفي حالة مماثلة سيكون لرئيس مجلس النواب نبيه بري دوره في انضاج التسوية بدءا من اقناع جنبلاط بضرورة انجاحها.
كثرة الاسئلة
الا أن الأوساط تطرح اكثر من سؤال:
-هل سيتمكن حزب الله من الحفاظ على تفوقه بسرعة؟
-هل سيسهل باسيل مهمة نصرالله رئاسيًا؟
-هل ستصل التفاهمات داخل 8آذار إلى مرشح موحد؟
-هل ستستسلم الأطراف الاخرى؟ام ستتمكن من رص الصفوف وتسقط معادلة نصرالله القائمة على ان الآخرين يهرون تباعا وبمرور الوقت؟
-هل سيتمكن نصرالله من السير نحو تسوية داخلية تقدم له الضمانات طالما انه خائف من تسارع التطورات والمفاجآت بما يفضي الى التفاهم على شخصية مقبولة سواء في رئاسة الجمهورية ام رئاسة الحكومة وبما يطلق عهدا مريحا لعودة لبنان الى الشرعية الدولية وحضنه العربي ويسهل الاصلاحات والمساعدات…؟
الآفاق مقفلة على المخارج والفراغ الرئاسي مستمر وحزب الله عازم على تكرار تجاربه، مع ان المطبات كثيرة أمامه والتحديات أكبر.
وعملا بقول الرئيس بري الخائف على انفراط عقد الاستقرار: غدا لناظره قريب… فلننتظر لنرى.
الكلمات الدالة