حرية – (27/11/2022)
تتعرض النساء في العراق إلى التعنيف بأشكاله المختلفة (جسدي، لفظي، ونفسي)، ويعزو مختصون السبب الرئيس لهذا الانتشار إلى قلة الوعي والجهل بأهمية المرأة ودورها في المجتمع، داعين إلى وقفة جادة لمنظمات المجتمع المدني والمؤسسات التربوية والدينية للتوعية حول قضايا التعنيف، فضلا عن ضرورة تفعيل قانون العنف ضد المرأة وتمكينها اقتصاديا.
وأحيت النساء حول العالم فعاليات اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذي يصادف في 25 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، من أجل القضاء على هذه الآفة المجتمعية بحلول عام 2030.
ويتزامن اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، مع حملة “اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة”، وهي مبادرة مدتها 16 يوما، تمتد من الخامس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر حتى العاشر من كانون الأول/ ديسمبر، يوم حقوق الإنسان.
وتدعو الحملة، التي يقودها الأمين العام للأمم المتحدة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إلى اتخاذ إجراءات عالمية لنشر الوعي في هذا الشأن، وإتاحة الفرص لمناقشة تحديات هذه القضية وإيجاد الحلول لها.
وتقول الأمم المتحدة إن زيادة في العنف ضد المرأة تُلاحظ بسبب الأزمات المتقاطعة، لتغير المناخ، والصراعات العالمية، وعدم الاستقرار الاقتصادي.
ووفقا للأمم المتحدة، أبلغت 45% من النساء أنهن أو نساء أخريات يعرفهنّ عن التعرض لصورة ما، من صور العنف ضد المرأة.
تعنيف في العمل
تكشف المواطنة (ح.ع) من محافظة بغداد، عن تعرضها للتعنيف على يد زملائها في العمل داخل مؤسسة أهلية ما اضطرها إلى ترك العمل، “بدأ الأمر بتعنيف نفسي من الموظفين الرجال بسبب تفوقي عليهم بالعمل، ومن ثم برزت تلك الغيرة صراحة بالعنف اللفظي”.
وتدعو المواطنة خلال حديثها ز، إلى أن “تكون هناك مراقبة ومتابعة لعمل النساء سواء في القطاع الخاص أو العام، لمنع جميع أشكال العنف الذي يؤثر على وضع المرأة النفسي والاجتماعي وصولا إلى الاقتصادي”.
وتظهر مؤشرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن 37% من النساء العربيات تعرضن لشكل من أشكال العنف في حياتهن. وهناك مؤشرات على أن النسبة قد تكون أعلى.
وتشير تقديرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة، إلى أن واحدة من كل ثلاث نساء في جميع أنحاء العالم تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها على يد شريكها في الغالب، وفي بعض البلدان، يصل معدل العنف ضد المرأة إلى 70%، وفق المنظمة.
وتشكل النساء والفتيات 70% من جميع ضحايا الاتجار بالبشر المعروفين. في ما تشكل النساء البالغات 50% من إجمالي عدد الأشخاص المتاجر بهن، وتوضح الأمم المتحدة أن 2 من كل 3 أطفال ضحايا الاتجار بالبشر هن من الفتيات الصغيرات.
وفي أحدث إحصائية لمجلس القضاء الأعلى العراقي عن معدلات العنف الأسري في ما يخص النساء خلال عام 2021 ومطلع العام الحالي حتى حزيران منه، سجلت تصاعدا في عدد الدعاوى لاسيما خلال فترة اجتياح جائحة كورونا وما بعدها.
وجاء في الإحصائية أن “المحاكم سجلت خلال عام 2021 وهو العام الذي تفشت فيه جائحة كورونا بشكل كبير (18602) دعوى عنف ضد النساء”، فيما تشير الإحصائية للنصف الأول من العام الحالي، الى تسجيل (7947) دعوى تعنيف ضد النساء.
خوف من الشكوى
تقول عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية، نداء حسن الكريطي، إن “النساء يخشين من تقديم الشكوى عند تعرضهن للتعنيف، سواء على يد زوجها أو والدها أو شقيقها، بل تخضع حقوق المرأة للعادات والتقاليد”، منبهة “نحن لسنا ضد الالتزام الأخلاقي أو العشائري، لكن يجب ضمان حقوق المرأة”.
وتضيف الكريطي خلال حديثها ، “لذلك تسعى لجنة المرأة لتفعيل قانون العنف ضد المرأة والتشديد على تطبيقه حتى تأخذ المرأة حقوقها في جميع المجالات، وتتجاوز مرحلة الخوف من خلال إقامة دورات تثقيفية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية”.
ووفق أرقام الأمم المتحدة، 4 من كل 10 ضحايا قتل من النساء في جميع أنحاء العالم قُتلن على يد الزوج أو الشريك.
وتشير هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أنه غالبا ما يحصل المغتصبون على التساهل أو حتى البراءة في المنطقة العربية إذا تزوجوا من ضحاياهم.
وفي هذا السياق تؤكد رئيسة جمعية التقوى لحقوق المرأة والطفل، الدكتورة عواطف المصطفى، أن “النساء تعاني من أنواع عديدة من العنف مثل قتل النساء، الضرب، الإساءة النفسية، المضايقات، الاعتداء، التحرش الجنسي، الزواج القسري، زواج القاصرات وغيرها”.
وترجع المصطفى في حديثها ، أهم أسباب العنف إلى “الصراع والتوتر في العلاقات الزوجية، والعادات والتقاليد التي تجعل المرأة تابعة في قرارها لولي أمرها، فضلا عن عدم وجود مساحات آمنة وصديقة للمرأة تسمح لها بحرية التعبير”.
بدورها تضيف رئيسة جمعية الرحمة الإنسانية، الدكتورة فاتن الحلفي، أسباب انتشار العنف ضد المرأة إلى قلة مستوى التعليم، مؤكدة أن “الجهل السبب الرئيس للمشاكل الاجتماعية”، مشددة على ضرورة “تثقيف المعنّفين بموقف الشرع والقانون من تلك الممارسات”.
وعن دور وسائل التواصل الاجتماعي في كشف قضايا التعنيف للرأي العام، تذكر الحلفي ، أن “مواقع التواصل كان لها دورا بارزا في تنبيه المجتمع بإن هناك حالات عنف ترتكب ضد النساء من حرق وتعذيب وضرب مبرح حتى الموت، بالإضافة إلى وجود العنف اللفظي في المؤسسات، وهذا يكون عبر تعنيف رئيس العمل لموظفاته ما يؤدي إلى تحطم المرأة نفسيا”.
وتدعو الحلفي في ختام حديثها إلى أهمية “تمكين وتطوير وتنمية المرأة من خلال إشراكها في برامج توعوية وإقامة منتديات وورش بهذا الخصوص، وضرورة تمكينها اقتصاديا، فهو يمثل علاقة عكسية مع العنف، فمتى ما كانت المرأة متمكنة اقتصاديا لا يستطيع أي شخص أن يعنفها، إذ تصبح مستقلة بذاتها ومسؤولة عن اقتصادها، لذلك ما تحتاجه اليوم المرأة هو التمكين الاقتصادي لإبعادها عن مظاهر العنف المختلفة”.