حرية – (1/12/2022)
أشار “معهد توني بلير للتغيير العالمي” إلى أنه ينبغي على ريشي سوناك “إعادة النظر” في اتفاق التجارة الخاص بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي تم الاتفاق عليه بالفعل مع الاتحاد كجزء من جهد مبذول لإقامة علاقات اقتصادية أوثق مع مجموعة دول الاتحاد.
وقالت المؤسسة البحثية إن الوقت قد حان للنظر في سبل تحسين اتفاقية التجارة والتعاون (TCA) الموقعة من بوريس جونسون، والتي من المقرر مراجعتها في نهاية عام 2025.
ويأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه تحليل جديد أن نمو الصادرات البريطانية متأخر كثيراً مقارنةً بالاقتصادات الكبرى الأخرى، بما في ذلك ألمانيا وفرنسا، على رغم ادعاءات حكومة المحافظين بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيعزز الأعمال البريطانية في الخارج.
وبحسب التقرير الصادر عن معهد رئيس الوزراء السابق لحزب العمال [معهد توني بلير]، هناك رغبة عامة متزايدة في توثيق العلاقات مع بروكسل بهدف تخفيف “الألم الاقتصادي” لبريطانيا، ووضع خطة من ثلاث نقاط من أجل “إصلاح” ترتيبات بريكست الحالية.
وفي ذلك السياق، ذكرت المؤسسة البحثية أنه يجب على السيد سوناك أن يبرم بسرعة اتفاقية على مستوى المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي بشأن لوائح سلامة الأغذية من أجل إنهاء الخلاف المستمر حول بروتوكول إيرلندا الشمالية. كما تابع المعهد أنه يتعين على الحكومة أيضاً التفكير في تنسيق أوسع نطاقاً مع أجزاء من سوق الاتحاد الأوروبي الموحدة للسلع بصورة طوعية من أجل المساعدة في استعادة التجارة السلسة.
وبشكل أكثر جذرية، حث التقرير الوزراء على إطلاق مشاورات مع الشركات حول “إعادة النظر” في اتفاقية التجارة والتعاون الحالية في محاولة لإبرام صفقة طويلة الأجل مع الاتحاد الأوروبي تلغي بعض الحواجز في مجال تجارة السلع والخدمات والتجارة الرقمية.
ويأتي ذلك بعد خلاف كبير داخل حزب المحافظين حول تقرير جاء فيه ادعاء بأن الحكومة كانت تفكر في محاولة التحرك نحو علاقات أوثق “على غرار النموذج السويسري” مع الاتحاد الأوروبي من أجل الوصول إلى السوق الموحدة.
وكان سوناك ومستشاره جيريمي هانت قد رفضا فكرة أي مواءمة تنظيمية مع بروكسل، أو أي عودة إلى حرية الحركة، مقابل الوصول إلى السوق الموحدة.
لكن مؤيدي البريكست من النواب بلا مناصب حكومية المنتمين إلى حزب المحافظين ما زالوا مرتابين بعد أن فشل السيد هانت في إنكار أنه كان مصدر الادعاءات حول إبرام صفقة “على غرار النموذج السويسري”. وفي ذلك الإطار، قال عضو بارز في مجموعة البحوث الأوروبية European Research Group لصحيفة “اندبندنت” إنهم سيراقبون أي “تهاون” بشأن بريكست بعد الواقعة “المقلقة إلى حد ما”.
تثار هذه الضجة في وقت تُظهر استطلاعات الرأي أن تأييد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بلغ أدنى مستوى له على الإطلاق. ووفق ما قاله أنطون سبيساك، مؤلف التقرير وزميل رفيع الشأن في معهد توني بلير: “يدرك الشعب البريطاني بمعظمه أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في شكله الحالي لا يصلح لأي طرف”.
وأضاف أن “الحيز السياسي” انفتح أخيراً للمرة الأولى منذ استفتاء بريكست المثير للانقسام في عام 2016 من أجل مناقشةٍ “لا تشمل عواقب بريكست فحسب، بل أيضاً ماهية التحسينات الضرورية من أجل العلاقة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي”.
وتابع السيد سبيساك: “يجب أن تنتهج الحكومة الحالية مقاربة براغماتية لإصلاح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي… وفي حال عدم حدوث ذلك، ستقع على عاتق الحكومة المقبلة مسؤولية لملمة الشتات وتقديم حلول ملموسة للمشكلات الناجمة عن بريكست”.
وعلى رغم ذلك، تعهّد السير كير ستارمر بأن حكومةً بقيادة حزب العمال لن تتجاوز “الخط الأحمر” في إعادة حرية الحركة مع الاتحاد الأوروبي، واستبعد مرة أخرى إبرام صفقة “على الطراز السويسري” تسمح بالوصول إلى السوق الموحدة.
وفي محاولة واضحة للتفوق على حزب المحافظين في مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قال زعيم حزب العمال لصحيفة “ذا مايل أون صانداي” on Sunday The Mail إن “نسف صفقة بريكست سيؤدي إلى سنوات من المشاحنات”، متهماً حلفاء السيد سوناك بالرغبة في إعادة التفاوض على الاتفاقية.
في سياق متصل، صرّحت ليزا ناندي من حزب العمال يوم الأحد أنها كانت “تؤمن دائماً بحرية التنقل” لمواطني الاتحاد الأوروبي القادمين إلى المملكة المتحدة، “ولكن شرط أن تكون مترافقة مع استثمار قوي للغاية في المهارات والفرص المتاحة للشباب هنا في بريطانيا”.
ورداً على سؤال مطروح حول ما إذا كانت مرتاحة لابتعاد حزب العمال عن الالتزام بتوفير حرية التنقل، قالت ناندي، الوزيرة في حكومة الظل، لإذاعة “راديو تايمز” Times Radio إنها لا ترى “أي طريق” نحو اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي بشأن ضوابط الهجرة.
واستطراداً، تظهر الأرقام الجديدة التي جمعتها “مكتبة مجلس العموم”House of Commons Library أن الصادرات التجارية للمملكة المتحدة نمت بنسبة 24.4 في المئة فقط بين عامي 2010 و2021، وهو أدنى معدل نمو بين دول مجموعة السبع باستثناء اليابان. وبلغ متوسط نمو الصادرات في الاتحاد الأوروبي 35.5 في المئة خلال الفترة نفسها.
في ذلك الإطار، اتهم حزب العمال الوزراء بـ “الفشل المستمر في دعم الصادرات” واعتبر أن صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ليست بحاجة إلى إعادة التفاوض بل إلى الإصلاح من أجل تقليل التعقيدات الإدارية الروتينية.
وقد حدث ذلك في الوقت الذي أعلن فيه حزب العمال أن أحدث أرقام صادرة عن وزارة التجارة الدولية Department for International Trade تظهر أن اتفاق ما بعد بريكست، الذي أبرمته وزيرة التجارة آنذاك ليز تراس مع اليابان في عام 2020، كان فاشلاً.
في الواقع، تراجعت الصادرات البريطانية إلى اليابان من 12.3 مليار جنيه استرليني إلى 11.9 مليار في العام المنتهي في يونيو (حزيران) 2022. وصرّح نيك توماس سيموندس، وزير التجارة في حكومة الظل: “أنّ تراجع حجم التجارة مع اليابان يُعتبر دليلاً قاطعاً على أن الوزراء لا يحرّكون ساكناً لدعم مصدّري المملكة المتحدة”.