حرية – (4/12/2022)
الخبر: أعلنت جماعة ظل شيعية مسلحة مسؤوليتها عن اغتيال مواطن أميركي في بغداد. وبالنظر إلى صلات الجماعة الظاهرة بعصائب أهل الحق التي تناور لقيادة أجهزة المخابرات والأمن الرئيسية في العراق، ظهرت تكهنات بوجود أهداف سياسية أكبر. وتجدر الإشارة كذلك إلى أن عملية الاغتيال أعقبتها غارات جوية إسرائيلية على مواقع محاذية للحدود العراقية السورية.
التغطية: في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، نقلت قناة العربية إعلان جماعة أصحاب الكهف مسؤوليتها عن مقتل ستيفن إدوارد ترويل البالغ من العمر 45 عامًا. ووصفت الجماعة الاغتيال أنه “انتقام لمقتل الجنرال قاسم سليماني… وأبو مهدي المهندس.”
كان سليماني القائد السابق لفيلق القدس الإيراني الذي يعمل خارج الحدود الإقليمية بينما كان المهندس نائب رئيس قوات الحشد الشعبي العراقية. قُتل الرجلان في غارة أميركية بطائرة مسيرة بالقرب من مطار بغداد الدولي في يناير/كانون الثاني 2020.
إلا أن بعض المحللين شككوا في صحة التقارير التي أفادت عن ادعاء أصحاب الكهف بالقتل، قائلين إن الجماعة لم تصدر أي بيان بشكل مباشر.
ووضع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في 8 نوفمبر/تشرين الثاني علامات استفهام حول توقيت الحادث النادر. وأمر السوداني بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الحادث و”الكشف عن الجناة.”
وأدانت كتائب حزب الله، وهي جماعة مسلحة تدعمها إيران، الحادث. ووصفت القتل بأنه “غير ذي صلة” بمحاولة واضحة “لإحراج الحكومة الحالية وإظهارها على أنها ضعيفة.” وأضافت الجماعة أن المهاجمين “عصابة مرتزقة من ذوي الخبرة في الاختطاف والقتل،” داعية الحكومة إلى “تسريع اعتقال الجناة وتقديمهم إلى العدالة للحصول على ما يستحقونه.”
ذكرت وسائل إعلام محلية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني أن ترويل قتل في حي الكرادة بوسط بغداد المعروف بكونه منطقة نفوذ للكثير من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بما في ذلك عصائب أهل الحق.
نقل موقع كوردستان 24، التابع للحزب الديمقراطي الكردستاني، عن مصادر أمنية قولها إن ترويل “عمل مدرسًا للغة الإنجليزية” في أحد “منظمات الإغاثة.” كما ذكر الموقع أن مسلحين مجهولين حاولوا “اختطافه” قبل رميه بالرصاص مما أودى بحياته.
في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، زعمت قناة الغدير، التابعة لمنظمة بدر المدعومة من إيران، أن ترويل يعمل لصالح الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، نقلت قناة العربي التلفزيونية التابعة لقطر عن مصدر أمني عراقي قوله إن السيارة التي استخدمها المهاجمون المزعومون لم تكن تحمل لوحات تسجيل.
كما نقلت القناة التي تتخذ من لندن مقرًا لها عن مصدر أمني لم يذكر اسمه قوله إن المسلحين المزعومين تمكنوا من “المرور عبر عدة نقاط تفتيش” في إشارة إلى احتمال انتمائهم إلى جماعات مسلحة معروفة.
في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، أكدت البعثة الأميركية في العراق وفاة ترويل قائلة إنها “تراقب عن كثب تحقيق السلطات المحلية في سبب الوفاة.” وبعد ساعات فقط، استهدفت ضربات جوية إسرائيلية قافلة على الحدود العراقية السورية، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص على الأقل، من بينهم عدد من الإيرانيين.
في 9 نوفمبر/تشرين الثاني، زعمت شبكة صابرين نيوز عبر تلغرام أن الولايات المتحدة هي التي ضربت القافلة التي قالت إنها شحنة وقود متجهة إلى لبنان من إيران. وينظر إلى الشبكة المذكورة على نطاق واسع على أنها داعمة للجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
السياق/التحليل: ظهرت جماعة أصحاب الكهف لأول مرة في عام 2019، وشنت منذ ذلك الحين عددًا من الهجمات على المصالح الأميركية في العراق بما في ذلك سفارة واشنطن في بغداد. وتجدر الإشارة إلى أن المجموعة ألمحت في عدد من المرات إلى قربها من عصائب أهل الحق.
في ديسمبر/كانون الأول 2020، أعربت مجموعة الظل عن استعدادها للنزول إلى الشارع بأمر من قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق. وجاء ذلك في أعقاب اعتقال السلطات العراقية أحد قادة العصائب بسبب تورطه المزعوم في هجوم على السفارة الأميركية.
قد يكون توقيت مقتل ترويل مرتبطًا بمسعى عصائب أهل الحق لقيادة جهاز المخابرات الوطني العراقي خلال ولاية السوداني. ويتكهن بعض المراقبين سرًا بأن الاغتيال قد يكون إشارة إلى أن هناك تكلفة لإحباط سيطرة الخزعلي على أبرز جهاز مخابرات في البلاد، وأن عصائب أهل الحق وحدها القادرة على كبح جماح جماعات الظل المسلحة.
كما ذكر موقع أمواج.ميديا، تتنافس عصائب أهل الحق مع نظرائها في الإطار التنسيقي الشيعي لضمان السيطرة على قيادة جهازي المخابرات والأمن الرئيسيين، بما في ذلك جهاز المخابرات الوطني العراقي. ويشغل السوداني رئيس الوزراء هذا المنصب منذ أن أقال في أواخر أكتوبر/تشرين الأول عددا من المعينين من قِبل سلفه مصطفى الكاظمي (2020-2022).
أكد نائب من ائتلاف دولة القانون تطلعات عصائب أهل الحق. ودولة القانون هو كتلة سياسية يقودها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي (2006-2014). وأشار النائب إلى أن المالكي لا يدعم تطلعات العصائب.
إن السيطرة على جهاز المخابرات الوطني العراقي، الذي يتعاون بشكل وثيق مع الدول الإقليمية والولايات المتحدة، مرغوبة للغاية نظرًا إلى ما تقدمه من قدرات ومكانة، ويمكن أن تغير ميزان القوى داخل الإطار التنسيقي الشيعي. من ناحية أخرى، فإن تغيير إدارة الأجهزة يمكنه أن يزيل بشكل فعال أحد العوامل المزعجة الرئيسية لبعض الجماعات المسلحة العراقية.
لطالما تعرض جهاز المخابرات الوطني العراقي لضغوط من الفصائل المدعومة من إيران على خلفية تعاونه مع الولايات المتحدة. ففي يونيو/حزيران، نشرت شبكة صابرين نيوز أسماء ضباط في جهاز المخابرات الوطني العراقي وزعمت أنهم “شاركوا” في اغتيال المهندس وسليماني الذي نفذته الولايات المتحدة.
قد يمثل احتمال قيادة عصائب أهل الحق جهاز المخابرات الوطني العراقي المستقل تحديًا كبيرًا للتعاون الأمني بين العراق والولايات المتحدة. كما أنه يتناسب مع نمط واضح يشير إلى أن المجموعة تتطلع إلى أن تصبح محاورًا رئيسيًا مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية.
بعد فترة وجيزة من اغتيال المهندس وسليماني، صنفت الولايات المتحدة عصائب أهل الحق كمنظمة إرهابية أجنبية، وتلت هذه الخطوة إدراج واشنطن الخزعلي وشقيقه ليث على القائمة السوداء.
كما أفاد موقع أمواج.ميديا، التقى وفد أمني إماراتي زائر مع ممثلين عن عصائب أهل الحق في وقت سابق من هذا العام. وركزت المحادثات على هجوم بطائرة مسيرة من العراق في أوائل عام 2022 استهدف أبو ظبي، وتطرق أيضًا إلى “التدخل الإماراتي” المزعوم في الشؤون الداخلية العراقية.
المستقبل: بالنظر إلى المستوى العالي من التعاون بين جهاز المخابرات الوطني العراقي والولايات المتحدة، من المرجح أن تضغط واشنطن على إدارة السوداني لإبعاد المجموعات التي أدرجتها الولايات المتحدة في القائمة السوداء عن إدارة جهاز المخابرات.
وسط المنافسة المستمرة بين فصائل الإطار التنسيقي، قد يكون هناك مزيد من الهجمات على المواطنين والمصالح الأميركية.
قد يشير لقاء عصائب أهل الحق مع وفد الإمارات العربية المتحدة إلى أن المجموعة قد رفعت أهدافها وتسعى الآن للحصول على مقعد على الطاولة مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية.
إذا تمكنت حركة عصائب أهل الحق من السيطرة على جهاز المخابرات الوطني العراقي، فإن إمكانية خفض التعاون الأميركي أو وقفه مع الجهاز قد يؤدي إلى فراغ من المحتمل أن تملؤه إيران جزئيًا على الأقل. وفي هذا السيناريو، قد ينتهي الأمر بواشنطن أيضًا بالاعتماد على الشركاء الإقليميين الذين لديهم تاريخ من التواصل مع المجموعات العراقية المدرجة في القائمة السوداء، مثل أبو ظبي.
فريق امواج ميديا