حرية – (4/12/2022)
تعتبر زيارة رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوادني الى ايران بالغة الأهمية لما تحمله من أبعاد سياسية خصوصا بعد لقائه القيادات الايرانية وتحديدا الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي والمرشد علي خامنئي، وعليه تبقى محط متابعة دقيقة وقراءات متعددة.
من ناحية التوقيت، زيارة السوداني أتت في وقت حساس للغاية، اذ شهد النصف الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لقاءات متكررة بين السوداني والمسؤولين الأميركيين حين التقت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية آلينـا رومانوسكي السوداني أيام 17 و25 و29 من الشهر نفسه، ما اعتبره مراقبون دعما للحكومة العراقية التي تشكلت عبر تحالف قوى “الإطار التنسيقي” القريب من طهران.
ولكن لا يخفى على أحد أن أي تقارب بين العراق وايران، يثير حفيظة واشنطن التي تعتبر ايران العدو الاول لها في المنطقة، فما موقف الولايات المتحدة من زيارة السوداني ايران؟ وهل يمكن لبغداد موازنة علاقاتها بين إيران وواشنطن؟ وما هي انعكاسات الزيارة على العلاقات الأميركية – العراقية؟
الحفاظ على “الستاتيكو”
في قراءة سياسية وتحليلية لزيارة السوداني الى ايران، اعتبر رئيس التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية توم حرب، في حديث لـ”جسور” أنه “كي تتضح سياسية الولايات المتحدة تجاه العراق يجب التدقيق في السياسة الخارجية التي تتبعها في المنطقة، اذ إن الحرب الروسية في أوكرانيا والتصاعد العسكري بين الصين وتايوان وضعا الولايات المتحدة في مأزق ولم تعد ملفات الشرق الأوسط ضمن أولوية الإدارة الأميركية التي تحاول أن تبقى على “الوضع القائم” أو “الستاتيكو” في المنطقة، وبالتالي السياسة الأميركية الحالية تنسحب على الوضع العراقي حيث القاعدة العسكرية الأميركية الساعية الى حفظ الامن، والمطالبة بإنسحابها سيؤدي الى سقوط البلاد في يد ايران.”
العلاقات الأميركية – العراقية
ويرى حرب أن “العلاقات الأميركية-العراقية ستتزعزع في الفترة المقبلة خصوصا في ظل سياسة الإدارة الأميركية الحالية وفي غياب أي خطة استراتيجية واضحة حيال الملفين الإيراني والعراقي.
وفيما تسعى الإدارة الأميركية الى فرض حال من الاستقرار الأمني في العراق وتقليص نفوذ ايران، الحال المعاكسة سيدة الموقف اذ لا يخفى على أحد أن السوداني مقرب من ايران والخطورة تكمن في الأشخاص الذين يعينهم في حكومته، فهم إما على صلة بحزب الله (تعتبره واشنطن إرهابيا) أو بجهاز المخابرات الإيراني. وسيؤدي التقارب العراقي-الايراني الى انتفاضة داخلية في العراق ضد السوداني.”
تهديد أمن إيران
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أكد من العاصمة الإيرانية طهران أنه لن يسمح باستخدام أراضي العراق لتهديد أمن إيران، مشيراً إلى الاتفاق مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة. وقال السوداني إنّ “الزيارة إلى طهران جاءت بناءً على دعوة رسمية لبحث العلاقات الثنائية”، مبيّناً “أننا سنبحث العلاقات في جميع المجالات والأوضاع بالمنطقة”.
وأضاف أنّ “العراق لا ينسى دعم طهران له منذ العام 2003 والحرب ضد عصابات داعش الإرهابية”، مشيراً إلى أنّ “الزيارات واللقاءات ضرورية للدفع بتفعيل الأنشطة في جميع المجالات”.
بدوره، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إنّ “مكانة العراق مهمة لإرساء السلام والاستقرار في المنطقة، والاستقرار من مسؤولية حكومات دولها”، معتبراً أنّ “حضور القوات الأجنبية في المنطقة يزيد من مخاطر الأمن فيها”، في إشارة إلى القوات الأميركية الموجودة في العراق.
وتابع “الأمن والاستقرار بالمنطقة يحظى باهتمام مشترك من طهران وبغداد، ومن هذا المنطلق فإنّ محاربة الجماعات الإرهابية والجرائم المنظمة ومكافحة المخدرات تأتي ضمن الاتفاقيات المشتركة بين البلدين”.
ولفت إلى أنّ “زيارة السوداني إلى طهران تعدُّ نقطة تحول في العلاقات الثنائية وستساعد في حلّ المشاكل العالقة بين البلدين”، مشيراً إلى أنّ “الحوارات التي ستجرى خلال هذه الزيارة ستعزز العلاقات بين البلدين”.
نقلا عن جسور