حرية – (18/1/2023)
أكد تقرير لمركز الإمارات للسياسات، أن احتضان البصرة لفعاليات “خليجي 25” كشف عن رغبة مجتمعية بصراوية، وعراقية واسعة لتعزيز الروابط مع دول الخليج العربية، وقدمت دورة الخليج مثالاً على التوق الشبابي في العراق لفضاءات الترفيه البديلة، داعيا إلى أن تُنتِج مظاهر الاحتفاء بفعاليات البطولة مقاربةً مختلفةً، على صعيد نظرة البصرة لنفسها وهويتها، ونظرة العراق لعلاقاته الخارجية، ونظرة الخليج للفرص الكامنة المتاحة في جواره العراقي.
وأشار التقرير (18 كانون الثاني 2023) أن “البطولة أول مناسبة رياضية، منذ العام 1990، التي يجتمع فيها هذا العدد الكبير من الفرق والمسؤولين والصحفيين الرياضيين الخليجيين، والجمهور القادم من دول الخليج العربية، في مدينة عراقية. “وقد أحاط الحدث شعور عام باستثنائية هذه الدورة بفعل التنظيم العراقي لها، وأنّها بوابة جديدة انفتحت في مسار تطوير العلاقات المجتمعية بين العراق والخليج”.
ولفت التقرير إلى أن احتضان البصرة لهذا الحدث الرياضي الإقليمي يُمثِّل علامة فارقة على أكثر من مستوى. فمحلياً، “أبرزت البصرة واقعها الخاص وهويتها المتمايزة عن بغداد، وفي شكلٍ يتجاوز النظرة المركزية التقليدية التي تجعل كل الأشياء المهمة تمر عبر بغداد”، ويُقوِّي دعاة الحاجة إلى تأكيد هوية البصرة وذاتيها، واستثمار خصوصياتها الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ليس فقط في صياغة العلاقة بينها وبين بغداد، بل وأيضاً العلاقة بين العراق وجواره بحسب التقرير.
كما لم يستبعد التقرير أن يعزز تنظيم البطولة حظوظ محافظ البصرة، أسعد العيداني وتعزيز رصيده السياسي لما قد أدَّاهُ في المساهمة بدعم الدورة لوجستياً والإشراف على بعض جوانبها التنظيمية، أمام محاولات تقودها بعض أطراف “الإطار التنسيقي” لاستبداله، أو باتجاه تغذية طموحاته بأن يُطرح مرشحاً محتملاً لمنصب رئيس الوزراء مستقبلاً.
واستنتج التقرير أن البصرة كشفت عن رغبة مجتمعية واسعة لإنعاش الهوية الخليجية، ولتعزيز الروابط مع دول الخليج العربية، عبر الاحتفاء الجماهيري بالدورة، ومظاهر الضيافة التي عبّر عنها المجتمع المحلي، مما ينم عن أن الإحساس بالمشترك الأخير لا يزال قائماً، وأنّه قد يُوظَّف بوصفه تعبيراً عن الرفض لمحاولات فرض هوية أحادية تُضعِف الطابع الهجين للبناء الاجتماعي-الثقافي للمدينة.
كما تطرق التقرير إلى أن الاحتفاء الخليجي المقابل بتنظيم العراق للدورة، والذي عبّرت عنه أصوات الجمهور والمعلقين الرياضيين الخليجيين والصحافة الخليجية، فضلاً عن الدور الذي قام به بعض دول الخليج، وبشكل خاص الإمارات وقطر، في دعم تنظيم العراق للدورة، “قد قوبل بارتياح مجتمعي في العراق، وخدم في تشكِّل سردية مضادة لتلك التي تروِّج لها الأطراف المقربة من إيران”.
وأضاف التقرير: أن الدورة عبرت عن رغبة مجتمعية عراقية عارمة باستعادة أشكال الحياة الطبيعية، والخروج من دوامة الصراعات، والحد من سطوة ما هو سياسي على الحياة اليومية. باعتبار أنّ الشباب يؤلفون نسبة عالية من سكان العراق (بحدود 60% من السكان هُم مِن أعمار تقل عن الـ 25 عاماً).
كما أظهرت الدورة بحسب التقرير حاجة مجتمعية عراقية – برزت في مناسبات سابقة – للبحث عن نقاط التقاء وطنية، تتجاوز الهويات الضيقة والصراعية، وفي هذه الحالة كان دعم فريق كرة القدم الوطني تعبيراً عن هذه الحاجة. ولم يكن الاستثمار السياسي للدورة بعيدا اذ رأى “الإطار التنسيقي” في نجاح الدورة نجاحاً للحكومة التي شكّلها، بينما حاول التيار الصدري الترويج لفكرة أنّ الاحتفاء الجمعي بالدورة يعكس صوابية نهجه بالمحافظة على علاقات جيدة مع المحيط العربي.
وختم التقرير بالقول: في المحصلة، فإنّ مظاهر الاحتفاء بفعاليات بطولة “كأس الخليج العربي 25″، من جانب العراقيين أو الخليجيين، قد تذهب كلحظة عابرة يطويها النسيان، إن لم تنتج عنها مقاربة مختلفة، سواء على صعيد نظرة البصرة لنفسها وهويتها، ونظرة العراق لعلاقاته الخارجية، ونظرة الخليج للفرص الكامنة المتاحة في جواره العراقي.